هل تُعجّل جائحة كورونا بالقضاء على الفجوة الرقمية في العالم؟
كانت شبكة الإنترنت شريان حياة للكثيرين خلال جائحة كورونا، إذ أتاحت لملايين الأشخاص فرصة العمل من البيت، والحصول على النصائح الطبية والبقاء على تواصل مع العالم.
لكن بالنسبة لملايين آخرين، فإن شبكة الإنترنت العالية السرعة والمستمرة بلا انقطاع، هي إما غير متوفرة أو لا يمكن تحمل نفقاتها.
لقد وضع الإغلاق الذي فرضه فيروس كورونا المستجد اعتمادنا على الإنترنت تحت المجهر، وأبرز عدم المساواة وتأثيره على فرص المرء في الحياة.
ويبدو أن الفيروس أعطى زخماً جديداً لحملة تدعو إلى اعتبار الحصول على خدمة الانترنت الموثوقة حقاً أصيلا من حقوق الإنسان، وفقا لتقرير أوردته هيئة الإذاعية البريطانية.
اليوم، يوجد أكثر من أربعة مليارات شخص يستخدمون الإنترنت، كما أن الشعبية المتنامية للهواتف الذكية وسعرها الذي بات في متناول الأيدي، مهدا الطريق لازدهار الانترنت الذي جلب بدوره فوائد اقتصادية واجتماعية مذهلة.
مكنت شبكة الإنترنت، مثلا، المزارعين وصيادي الأسماك في بعض المناطق الأشد فقراً في العالم من الحصول على معلومات حول الطقس ومكافحة الحشرات والمشاريع الحكومية والأسواق.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن هذا الوصول إلى الإنترنت يعد عنصراً أساسياً في القضاء على الفقر والجوع وفي تحسين مستوى الخدمات الصحية وتحقيق المساواة بين الجنسين.
لكن لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالإنترنت ترغب بأن يزيد استخدام الانترنت عريضة النطاق ليشمل 75% من سكان العالم بحلول عام 2025. الأرقام الأخيرة وفق BBC، تشير فقط إلى 60%، مع تخلف عن الركب بالنسبة لأفريقيا وآسيا.
وبحسب تقرير للاتحاد الدولي للاتصالات، كان قرابة 87% من السكان في الدول الغنية لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت في 2019، لكن هذه النسبة لم تتجاوز 19% في الدول الأقل تطوراً.
ويفيد التقرير نفسه بأن عدد مستخدمي الإنترنت من الذكور فاق عدد مستخدميها من الإناث في جميع مناطق العالم. وتبلغ نسبة الإناث اللواتي يستخدمن الإنترنت على مستوى العالم 48%، مقارنة بـ 58% للذكور، وفي الدول الأقل تطوراً، يستخدم الانترنت واحد من بين كل أربعة ذكور، بينما تبلغ النسبة عند الاناث واحدة من بين كل ثماني إناث.
إلى ذلك، خدمة الإنترنت التي يحصل عليها الناس في المناطق النائية من الدول الفقيرة، بطيئة جداً بحيث لا تساعد على العمل من البيت. وهذا يعني أن البعض يعاني من أجل القيام بالأعمال العادية كدفع الفواتير مثلاً.
يقول أليكس وونغ، وهو مستشار بارز في مجال الاستراتيجية لدى الاتحاد الدولي للاتصالات، إن “الأشخاص الذين لديهم خدمة إنترنت منخفضة السرعة أو منخفضة الجودة قد لا يتمكنون من التعلم والعمل عن بُعد وتحسين مهاراتهم الرقمية وتنمية فرصهم للحصول على وظائف مجزية أكثر. وقد لا يتمكنون من التواصل مع العائلات والأصدقاء للحفاظ على صحتهم”.
ثم إن حوالي 750 مليون شخص لا يمكنهم الوصول إلى خدمة الإنترنت على الهاتف النقال إطلاقاً، بحسب التقرير نفسه، والتكلفة تبقى عائقاً أساسياً للكثيرين غيرهم.
يقول وونغ:” يعيش 1.3 مليار شخص على الأقل في بلدان تعتبر فيها العروض الخاصة بتوفير خدمة إنترنت صغيرة (جيجابايت واحد في الشهر) خارج نطاق قدرة الناس على شرائها”.
ويدعو تيم بيرنرز- لي، مخترع شبكة الإنترنت العالمية، إلى اتخاذ إجراء عاجل لجعل الإنترنت أكثر شمولاً.
وقال بيرنرز- لي مخاطباً اجتماعاً للأمم المتحدة عقد هذا الشهر، “إن تركيزنا الأول يجب أن ينصب على إغلاق الفجوة الرقمية. فقد قدمت الإنترنت شريان حياة للمليارات من الناس خلال فترة انتشار فيروس كورونا، حيث أتاحت العمل والتعليم والتواصل الاجتماعي، لكن قرابة 3.5 مليار شخص فاتتهم هذه الفرصة”.
وأضاف بيرنرز- لي قائلاً: “يعتبر هذا التفاوت عائقاً أمام تحقيق المساواة على نطاق واسع، ونحن نعلم أنه يؤثر بشكل أكبر على أولئك المهمشين بالفعل؛ الناس الذين يعيشون في الدول النامية وأولئك الذين يعيشون على دخول منخفضة وبالطبع النساء والفتيات.”
وكانت الأمم المتحدة قد أكدت في قرار صدر عام 2016، أن الحرية على الانترنت هي حق إنساني يجب الدفاع عنه. ويقترح القرار “تطبيق نهج شامل قائم على حقوق الإنسان عند تقديم خدمة الوصول إلى الانترنت، وتوسيعها وأن تكون الانترنت مفتوحة ومتاحة وتتمتع بالرعاية”.