بعد انتقادات كثيرة… مجلة ذي لانسيت تقرّ بوجود شكوك علمية حول دراسة نشرتها عن الكلوروكين
نأت مجلة “ذي لانسيت “الطبية العريقة بنفسها عن دراسة نشرتها عن الهيدروكسي كلوروكين ومرض كوفيد-19 وتعرضت لانتقادات كثيرة، مقرة في تنبيه رسمي بأن “أسئلة علمية كثيرة” تحيط بها.
وحرصت “ذي لانسيت” على “تحذير القراء من أنه تم لفت انتباهها إلى تساؤلات علمية جدية” بشأن هذه الدراسة، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
ونشر هذا التنبيه مساء الثلاثاء 2 يونيو 2020، على شكل “تعبير عن قلق” وهي عبارة رسمية تستخدمها المجلات العلمية للإشارة إلى أن الدراسة دونها مشكلة محتملة.
واستخدام هذا التعبير ليس له عواقب وخيمة مثل سحب الدراسة أو البحث كليا إلا أنه يلقي شكوكا عليها.
وخلصت دراسة المجلة إلى أن الهيدروكسي كلوروكين غير مفيد لمرضى كوفيد-19، الذين أدخلوا المستشفيات، بل وقد يكون مضرا.
وكان لهذه الدراسة صدى عالميا وعواقب لافتة دفعت منظمة الصحة العالمية إلى تعليق التجارب السريرية على الهيدروكسي كلوروكين في مكافحة كوفيد-19.
ونشرت الدراسة في 22 ماي 2020 في مجلة “ذي لانسيت”، وهي تستند إلى بيانات من 96 ألف مريض أدخلوا المستشفى بين دجنبر وأبريل في 671 مستشفى.
وتقارن الدراسة بين حالة الذين تلقوا العلاج بوضع المرضى الذين لم يحصلوا عليه.
وبعد نشر الدراسة، أعرب الكثير من الباحثين عن شكوكهم حيالها من بينهم علماء يشككون في الأساس بفعالية الهيدروكسي كلوروكين في مكافحة كوفيد-19.
وفي رسالة مفتوحة نشرت في 28 ماي، شدد عشرات العلماء من أنحاء العالم على أن التحليل الدقيق لدراسة “ذي لانسيت” يثير “قلقا مرتبطا بالمنهجية المعتمدة وصدقية البيانات”.
ووضع هؤلاء قائمة طويلة بالنقاط التي تطرح مشكلات، من التفاوت في الجرعات المعطاة في بعض الدول إلى مسائل أخلاقية حول جمع البيانات مرورا برفض الكشف عن البيانات الخام.
وهذه البيانات صادرة عن “سورجيسفير” التي تقدم نفسها على أنها شركة تحليل للبيانات الصحية مقرها في الولايات المتحدة.
وقالت “ذي لانسيت” في بيانها إن “تدقيقا مستقلا حول مصدر البيانات وصحتها طلب من المعدين غير المرتبطين بسورجيسفير وهو يجري الآن ويتوقع أن تصدر النتائج قريبا جدا”.
وعلق جيمس واتسون أحد المبادرين إلى الرسالة المفتوحة في تغريدة قائلا “هذا لا يكفي نحتاج إلى تقييم فعلي مستقل”.
وقال الأستاذ الجامعي، ستيفن إيفانز، من كلية لندن للطب المداري “تحوم شكوك حول صدقية دراسة ذي لانسيت. ويبدو أن الكثير من صناع القرار السياسيين اعتمدوا كثيرا على هذه الدراسة”.
وقبل الجدل بشأن هذه الدراسة، كانت أعمال أخرى على نطاق أضيق توصلت إلى النتيجة نفسها من دون أن تتعرض المنهجية المعتمدة في إطارها لانتقادات.
وقد تعرضت دراسة “ذي لانسيت” أيضا لحملة لاذعة من المدافعين عن الهيدروكسي كلوروكين في مقدم هؤلاء الباحث الفرنسي دييديه راولت.
وقد غرد هذا الخبير، الأربعاء 3 يونيو 2020، قائلا “القصر الورقي ينهار” في إشارة إلى التحذير الصادر عن “ذي لانسيت” في ما سبق له أن وصف الدراسة على أنها “فاشلة”.
ودافع معدو الدراسة، الطبيب منديب مهرا وزملاؤه، عنها.
وقال أحدهم لوكالة الأنباء الفرنسية، في 29 ماي، وهو سابان ديساي صاحب “سورجيسفير”، “نحن فخورون بالمساهمة في الأبحاث حول كوفيد-19 في مرحلة عدم اليقين هذه”.
إلا أن ثمة تساؤلات كثيرة حول هذه الشركة. فقد نشرت مجلة “نيو انغلند جورنال أوف مديسين” العريقة، الثلاثاء 2 يونيو 2020، “تعبيرا عن قلق” أيضا بشأن دراسة للفريق نفسه أعدت بناء على قواعد بيانات سورجيسفير.
ولم تشمل الدراسة الهيدروكسي كلوروكين، بل وجود رابط محتمل بين الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 والأمراض القلبية.
ورأى الخبير الفرنسي، البروفسور جيلبير دوراي، أن نشر هذه التنبيهات من قبل المجلتين مؤشر إلى أنهما بصدد “سحب الدراستين” ورأى أن ذلك سيشكل “كارثة” لأن المجلتين تعتبران “مرجعا” في المجال العلمي.
وأكد في تغريدة أن هذا الوضع “يثبت أن الزمن العلمي يجب أن كون منفصلا عن الزمن الإعلامي. فالطابع الملح للجائحة لا يبرر صدور دراسات سيئة”، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.