جمعيات تُقيّم التدابير المتخذة لمحاربة العنف ضد النساء في الحجر الصحي
قالت 45 جمعية نسائية وحقوقية إنها تُسجّل بـ”قلق شديد” الأعداد المرتفعة للاتصالات الواردة على مراكز الاستماع والتوجيه القانوني التابعة لها، المتعلقة بحالات العنف ضد النساء في ظل الحجر الصحي.
جاء ذلك في بلاغ مشترك، الأربعاء 27 ماي 2020، تُقيّم فيه مجموع التدابير المؤسساتية المتخذة لمحاربة العنف ضد النساء في فترة حالة الطوارئ الصحية.
ونبّهت الجمعيات إلى التأخر الكبير الحاصل في اتخاذ هذه التدابير، إذ أن “غالبيتها العظمى لم تدخل إلى حيز التنفيذ إلا إبان الفترة الثانية من الحجر الصحي، بعد التنبيه إلى ما يطال النساء من تعنيف مضاعف”.
وأشارت إلى “غياب إجراءات عملية تذلل الصعوبات المتعددة التي تواجهها النساء المعنفات أو المهددات بالعنف”.
وأضافت أنه تم “كسر سلسة الخدمات التي تلجأ إليها النساء المعنفات من لجن وخلايا التكفل بضحايا العنف، التي تَعطل العديد منها بسبب قانون الطوارئ الصحية”.
ولفتت الجمعيات إلى “ضعف الولوج إلى المعلومة المرتبطة بوسائل التواصل والتبليغ، ناهيك عن “عدم التوفر على الوسائل اللوجستيكية للتبليغ وعدم معرفة استخدامها لدى بعض النساء، خاصة منها عدم حث النيابات العامة على التعامل مع العنف ضد النساء كجريمة تستدعي الصرامة واتخاذ مواقف وقرارات حازمة للتصدي لها”.
وذكرت أن تحريك الدعوى العمومية لم يشمل إلا 16.5% من الشكايات المسجلة لدى النيابات العامة خلال فترة الحجر الصحي، مما من شأنه أن “يسهم في تكريس القبول الاجتماعي للعنف الأسري”.
ونبّهت إلى “تحميل النساء ضحايا العنف المطرودات من بيت الزوجية تبعات إرجاعهن إلى بيوتهن من انتقام الأزواج المعتدين إذا ما تم تمكينهن من ذلك، عوض إبعاد هؤلاء أو توفير وتعميم بنيات خاصة بالإيواء وإبعاد المعتدي”.
وسجّلت الجمعيات “عدم إلزام الأطر الطبية بالتبليغ بحالات العنف ضد النساء والفتيات الواردة عليهم، لاسيما حالات الاغتصاب من طرف أفراد الأسرة أو الأقارب”.
وأشارت إلى “اقتصار الجانب الوقائي على بعض الوصلات التحسيسية القليلة وعدم تخصيص برامج وحوارات تلفزية وإذاعية للمساهمة في معالجة الطابع البنيوي للعنف بالمغرب”.
وإذ اعتبرت الجمعيات الموقعة على البلاغ أن الإقرار بأن بانخفاض حالات العنف ضد النساء، كما ورد في الدورية رقم 20س/ر ن ع (رئاسة النيابة العامة)، يخالف المعاينة اليومية للحالات خلال السير العادي للحياة، فبالأحرى خلال الحجر الصحي، استغربت من الاستنتاجات الأولية التي خلصت إلى كون الانخفاض المسجل لحالات التبليغ “يبشر باستقرار الأسرة المغربية، وانسجامها واستعدادها للتعايش والتساكن الطبيعي الهادئ، ولو في أصعب الظروف، كظروف الحجر الصحي”.
ودعت الجمعيات الـ45 إلى “نهج مقاربة شمولية تعتمد استراتيجية متعددة الأبعاد تدمج كل الأطراف المعنية (الصحة -العدل -الداخلية) بحماية النساء من العنف وطنيا وترابيا”.
وطالبت بـ”تفعيل قانون 103-13 وتعزيزه بتدابير إضافية ملائمة لوضع الحجر الصحي وتفعيل دور المرصد الوطني لمحاربة العنف”.
كما دعت إلى “الاستفادة من الممارسات الفضلى في المجال الخاصة بتسهيل التواصل والتبليغ لفائدة النساء ضحايا العنف”.
وينبغي وفقا للبلاغ ذاته، تعزيز كل وسائل التبليغ، بما فيها تلك التي تأخذ بعين الاعتبار وضعية الأمية والهشاشة التي تعاني منها شرائح واسعة من النساء، خاصة القرويات منهن، وتحديد الآجال والتزامات المتدخلين؛ وتفعيل إجراءات كل القوانين ذات الصلة.
وطالبت الجمعيات ذاتها بـ”تقوية البنيات وتعميمها، خاصة فيما يتعلق بالإيواء وإبعاد المعتدي؛ واستمرار عمل الخلايا المتوفرة حاليا”.
وخلص البلاغ إلى ضرورة “انخراط باقي الأطراف المعنية من مؤسسات وطنية ومجالس ومراصد ولجن، حاليا وفيما بعد الحجر الصحي في محاربة الظاهرة”.