الخطة باء… ماذا لو باءت جهود اختراع لقاح مضاد لكورونا بالفشل؟
أمام كل الخسائر التي كبدها للعالم فيروس كورونا المستجد، تنعقد الآمال يوما بعد يوم على إيجاد لقاح مضاد للوباء… لكن ثمة احتمال آخر أيضا.
الاحتمال الآخر هو ببساطة: ألا يتوصل العلماء إلى تطوير لقاح على الإطلاق، فيما يمثل أسوأ سناريوهات حكاية كورونا.
وبدلاً من القضاء على فيروس كورونا، قد تتعلم المجتمعات التعايش معه.
وستفتح المدن ببطء، إذا اتبعت توصيات الخبراء.
وسيصبح الإختبار والتتبع الجسدي جزءاً من حياتنا على المدى القصير، ولكن في العديد من البلدان، يمكن أن تأتي تعليمات مفاجئة للعزل الذاتي في أي وقت.
وقد يتم تطوير العلاجات، ولكن قد يستمر تفشي المرض كل عام، وسيستمر عدد القتلى العالمي في الإرتفاع.
الساسة يتحدثون بتفاؤل حول التجارب البشرية الجارية للعثور على لقاح. لكن، العديد من الخبراء يأخذون الإحتمال على محمل الجد، لأنه حدث من قبل، عدة مرات.
في حديث له مع شبكة CNN، يقول الدكتور ديفيد نابارو، أستاذ الصحة العالمية في كلية لندن الإمبراطورية: “هناك بعض الفيروسات التي ما زلنا لا نملك لقاحات ضدها”.
ويضيف: “لا يمكننا أن نفترض بشكل مطلق أن اللقاح سيظهر، أو على الأقل سيجتاز جميع اختبارات الفعالية والأمان”.
إلا أن معظم الخبراء يثقون في أنه سيتم تطوير لقاح فيروس كورونا في نهاية المطاف؛ لأنه على عكس الأمراض السابقة مثل فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا، لا يتغير الفيروس بسرعة.
ويرى مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بالولايات المتحدة، الدكتور أنتوني فاوتشي، أنه يمكن أن يحدث ذلك في غضون عام إلى 18 شهراً.
بينما ترى شخصيات أخرى، مثل كريس ويتي، كبير المستشارين الطبيين في الحكومة البريطانية أن فترة عام قد تكون مبكرة جدا.
ولكن حتى لو تم تطوير لقاح، فإن تحقق ذلك في أي من هذه الأطر الزمنية سيكون إنجازا لم يتحقق من قبل.
عندما لا تعمل اللقاحات
عام 1984، أعلنت وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، مارغريت هيكلر، أن العلماء قد حددوا بنجاح الفيروس الذي أصبح يعرف فيما بعد بفيروس نقص المناعة البشرية، وتوقعت أن لقاحا وقائيا سيكون جاهزا للاختبار في غضون سنتين.
وبعد حوالي أربعة عقود و32 مليون حالة وفاة، لا يزال العالم ينتظر لقاح فيروس نقص المناعة البشرية.
إلا أن فيروس نقص المناعة البشرية يشكل صعوبات فريدة من نوعها، وفيروس كورونا لا يمتلك مستوى المراوغة ذاته، مما يجعل الخبراء أكثر تفاؤلاً…
ولكن، تواجدت أمراض أخرى تسببت في إرباك العلماء… لم يتمكن الأطباء مثلا لعقود من ايجاد اللقاح الفعال لحمى الضنك، الذي يصيب ما يصل إلى 400000 شخص سنويا وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وعام 2017، تم تعليق جهود واسعة النطاق للعثور على واحد بعد أن تبين أنه يزيد من أعراض المرض سوءاً.
وبالمثل، كان من الصعب جدًا تطوير لقاحات للفيروسات الأنفية والفيروسات الغدية الشائعة، والتي مثل الفيروسات التاجية، يمكن أن تسبب أعراض الإنفونزا. ويُوجد لقاح واحد فقط لمنع سلالتين من الفيروسات الغدية، وهو غير متوفر تجاريًا.
الخطة “ب”
إذا كان لقاح فيروس كورونا سيلقى المصير نفسه، فقد يبقى الفيروس معنا لسنوات عديدة.
لكن الاستجابة الطبية لفيروس نقص المناعة البشرية، مثلا، لا تزال توفر إطارا للعيش مع مرض لا يمكننا القضاء عليه.
أدى التطور الرائد لحبوب منع الحمل اليومية والوقاية، منذ ذلك الحين إلى حماية مئات الآلاف من الأشخاص من خطر التعرض للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.
كما يتم اختبار العديد من العلاجات لفيروس كورونا، حيث يبحث العلماء عن خطة “ب” بالتوازي مع تجارب اللقاح الجارية، ولكن كل هذه التجارب في مراحل مبكرة جدًا.
ويبحث العلماء عن عقار ريديميسفير التجريبي المضاد لفيروس إيبولا، بينما يتم أيضًا استكشاف علاجات بلازما الدم. كما وُجد أن عقار “Hydroxychloroquine” قد يكون مغيرا محتملا في اللعبة.
كيف تبدو الحياة بدون لقاح؟
باختصار: لن تبقى الحياة كما هي الآن. وقد لا تعود إلى طبيعتها بسرعة.
يقول كيث نيل أوفيت، أستاذ في وبائيات الأمراض المعدية في جامعة نوتنغهام إن “الإغلاق ليس مستدامًا اقتصاديًا، وربما ليس سياسيًا”. ويضيف: “لذلك نحن بحاجة إلى أشياء أخرى للسيطرة عليه”.
وهذا يعني أنه مع بدء البلدان في الخروج من الشلل، فإن الخبراء سيدفعون الحكومات إلى تطبيق طريقة جديدة محرجة للعيش والتفاعل لشراء الوقت في الأشهر، أو السنوات، أو العقود، حتى يمكن التخلص من فيروس كورونا عن طريق اللقاح.
وهذا يعني أن ثقافة تجاهل السعال أو أعراض البرد الخفيف والذهاب إلى العمل يجب أن تنتهي. ويتوقع الخبراء أيضًا حدوث تغييرات دائمة في المواقف تجاه العمل عن بُعد، حيث يُصبح العمل من المنزل، على الأقل في بعض الأيام، طريقة حياة لبعض الموظفين.
ومن المرجح أن تعود القيود خلال فصل الشتاء، حيث يمكن أن تحدث موجات جديدة كل شتاء حتى يتم إدخال لقاح. وقد تعود عمليات الإغلاق، التي يتم رفع الكثير منها تدريجياً، في أي لحظة.
وكلما مر المزيد من الوقت، كلما أصبح احتمال نقاش مناعة القطيع أكثر جاذبية حيث يصبح غالبية السكان، حوالي 70 ٪ إلى 90 ٪ لديهم مناعة ضد الأمراض المعدية.
ويقول الأخصائي في الأمراض المعدية، بول أوفيت : “هذا يحد من الإنتشار بشكل كبير، على الرغم من أن مناعة السكان الناجمة عن العدوى الطبيعية ليست أفضل طريقة لتوفير مناعة لهم. وأفضل طريقة هي باستخدام لقاح”.
وكل هذه التنبؤات خُففت من خلال الاعتقاد العام بأنه سيتم تطوير لقاح في نهاية المطاف. ويقول أوفيت: “أعتقد أنه سيكون هناك لقاح، هناك الكثير من المال، وهناك الكثير من الإهتمام، والهدف واضح”.
بتصرف عن شبكة CNN الأمريكية.