استباق كورونا بالتكنولوجيا: المغرب على خطى كوريا الجنوبية… فما الذي يميز هذه التجربة؟
يتجه المغرب إلى طرق باب التكنولوجيا لتطويق دائرة المصابين بفيروس كورونا المستجد، من خلال حلول رقمية، يبدو وفق وسائل إعلام محلية، أنه تنبه إلى فاعليتها من كوريا الجنوبية… فما الذي يغري إذن بتطبيق التجربة الكورية وما الذي يميزها؟
تطبيق على الهواتف المحمولة لمتابعة القادمين من الخارج عبر المطارات. قاعدة بيانات “المدينة الذكية” لآلاف المصابين بفيروس كورونا المستجد ومن خالطوهم. أساور إلكترونية لتعقب المخالفين لقوانين الحجر الصحي.
بهذه الأدوات وغيرها التي تعتمد على التكنولوجيا والمجتمع الذي يأخذ أفراده بأحدث وسائل التواصل تخطو كوريا الجنوبية، التي كانت من أوائل الدول التي سيطرت على وباء كورونا، إلى السيطرة عليه أكثر في المستقبل.
أما الهدف، تقول وكالة رويترز، فهو تنشيط رابع أكبر اقتصاد في قارة آسيا والحفاظ على دوران عجلته بالاستفادة مما حققته البلاد من نجاح في تحديد حالات الإصابة ومتابعة أصحابها، دون فرض قيود إلزامية مشددة على حركة الناس أو إرغام الشركات على استمرار الموظفين في العمل من البيوت.
وسبق للرئيس الكوري الجنوبي، مون جيه-إن، أن قال بأن بلاده ”استطاعت دون اللجوء للإغلاق أو حظر التحرك، الحفاظ على استمرار العمل في المصانع إلى حد كبير، وهذا يغرس في أذهان العالم فكرة أن كوريا الجنوبية قاعدة إنتاج مأمونة وشفافة“.
أسلوب جعل المراقبين في أوروبا والولايات المتحدة ودول كثيرة أخرى، تنظر إلى تعامل كوريا الجنوبية مع الأزمة عن كثب إذ تأمل أن تخرج منها بسرعة.
تعقب
يقول الخبراء إن استراتيجية احتواء الفيروس في كوريا الجنوبية ستستفيد من حملة مكثفة لتعقب المخالطين وإجراء الاختبارات لهم، كان لها أبلغ الأثر في الكشف عن بؤر العدوي التي كان من الممكن ألا ترصدها السلطات.
وبخلاف أدوات الاختبار وأساليب التعقب المستخدمة في باقي العالم، تعتزم كوريا الجنوبية التوسع في قاعدة بيانات ”المدينة الذكية“ وحمل المخالفين للحجر الصحي على ارتداء أساور تعقب. أما الغرض من قاعدة البيانات فهو تبادل المعلومات بين المدن فيما يتعلق بأمور مثل حركة السير والتلوث.
وتعتزم السلطات الصحية الاستعانة بتلك الشبكة لتقليل الوقت الذي تستغرقه في الوصول إلى المصابين بالفيروس وعزلهم.
وسيدير قاعدة البيانات المركز الكوري لمكافحة الأمراض والوقاية منها، مما يتيح للباحثين المتخصصين في الأوبئة بيانات أولا بأول عن المرضى، بما في ذلك أماكن وجودهم والوقت الذي قضوه في مواقع بعينها ولقطات من الدوائر التلفزيونية المغلقة ومعاملاتهم بالبطاقات الائتمانية.
وهذا قد يقلص الوقت اللازم لتتبع تحركات مريض من حوالي يوم كامل إلى نحو عشر دقائق، وفقا لما تقوله وزارة الأراضي والبنية التحتية والنقل الكورية، التي كانت أول من أطلق مبادرة ”المدينة الذكية“.
وبجانب المعلومات التي يتولى المركز تحميلها، سيجمع النظام بيانات من هيئة الشرطة الوطنية ورابطة التمويل الائتماني في كوريا ومن ثلاث شركات للاتصالات و22 شركة لبطاقات الائتمان.
يقول لي سو يونج، المدير بالمعهد المتقدم للعلوم ومعهد التكنولوجيا للذكاء الاصطناعي في كوريا، إن التكنولوجيا ستساعد المحققين على تعقب الحالات المصابة بدرجة كفاءة أكبر حتى إذا تسببت في مشاكل فيما يتعلق بالخصوصية.
ومن ناحية أخرى، تقول وزارة الأراضي والبنية التحتية إن المحققين سيحتاجون للحصول على موافقة الشرطة للاطلاع على المعلومات وإن استخدام قاعدة البيانات سيقتصر على عدد محدود بما يضمن سرية المعلومات الشخصية غير المقصودة.
وأكدت الوزارة أيضا أنه سيتم حذف المعلومات عند احتواء الوباء.
بالمقابل، أبدى ائتلاف يضم 17 منظمة حقوقية مخاوف فيما يتعلق بالخصوصية من وسائل التعقب. لكن السلطات ردت على ذلك بالقول إن الأساور لن تستخدم إلا بموافقة المرضى.
فحص الوافدين
من العناصر الرئيسية في استراتيجية احتواء الفيروس في كوريا الجنوبية تشديد الرقابة على الحدود.
يقول مركز مكافحة الأمراض إن حوالي نصف الحالات الجديدة المكتشفة في الأسابيع الأخيرة كانت بين مسافرين قادمين من الخارج.
وأنشأت كوريا الجنوبية ممرات خاصة في مطار إنشيون الدولي بالعاصمة لإجراء فحوص لكل من يصل وعليه أعراض المرض. أما من يصلون وليس عليهم أعراض فيتم إجراء الاختبار لهم خلال ثلاثة أيام.
ويتعين على جميع القادمين من الخارج تنزيل تطبيق أعدته الحكومة لتعقب المواقع، وعلى مستخدميه الإبلاغ عن أي أعراض تظهر عليهم. وعلى الجميع بغض النظر عن جنسياتهم أو نتيجة اختباراتهم، أن يعزلوا أنفسهم لمدة أسبوعين.
وبعد الأسبوعين تظهر رسالة تبلغ المستخدمين بأنهم أحرار وبإمكانهم حذف التطبيق من هواتفهم.
تنفيذ التباعد
يقول مسؤولو الصحة في كورويا إنهم يتطلعون أيضا في الأسابيع المقبلة لتبني سياسات التباعد الاجتماعي التي نادوا بها في أوائل الأزمة، بحث الناس على تجنب التجمعات الكبيرة أو الخروج من منازلهم دون فرض أوامر فعلية بالبقاء في البيوت.
وتعتزم الحكومة الكورية تطوير المزيد من الممارسات في البيوت والمكاتب والأماكن العامة لتقليل خطر تفشي المرض مرة أخرى على نطاق كبير وفي الوقت نفسه السماح باستئناف النشاط الاقتصادي والحياة الاجتماعية.
وقال يون تاي-هو، المدير العام لسياسات الصحة العامة بوزارة الصحة، لوكالة رويترز، إن من السياسات التي يجري بحثها للأجل البعيد تقليل الازدحام في أماكن العمل وإقناع الكوريين بأن الذهاب للعمل عند المرض ليس من الفضائل.
وفي لمحة سريعة لما يمكن أن يصبح سياسات في الأجل البعيد، حدد مركز مكافحة الأمراض، بداية أبريل، الإطار العام لتدابير وقائية في المدارس والكنائس وبعض المنشآت الترفيهية وشملت تلك التدابير جداول التطهير وإرشادات للمسافات بين الناس وفحص درجات الحرارة.