كوثر بوبكار تكتب: رخيص جدا… فكر هدفه مباركة القطيع
حين يصبح تقييم الكتب مقرونا بعدد المبيعات، وتقييم المثقف أو المفكر مقرونا بعدد متتبعيه، فيمكن أن نقول إن الفكر ذاته قد تعفن. كيف وصلنا في عهد التفتح التكنولوجي وإمكانية الوصول …
حين يصبح تقييم الكتب مقرونا بعدد المبيعات، وتقييم المثقف أو المفكر مقرونا بعدد متتبعيه، فيمكن أن نقول إن الفكر ذاته قد تعفن.
كيف وصلنا في عهد التفتح التكنولوجي وإمكانية الوصول للمعلومة بسهولة غير مسبوقة، إلى انحطاط العقل النقدي وانحصار تفكير الأغلبية في أنماط شعبوية مخيفة.
هل يعقل أن يصل العهر الفكري درجة أن أولوية مدعي الثقافة، هي ولاء القطيع المتابع لهم… أكثر من جودة الفكرة؟
مؤسف حالك يا وطني…
الجل ينتقد ويطالب و يعترض، لكن… قلائل جدا هم من يدعون ويساهمون في بناء العقل النقدي، الفردي والجماعي، واسترجاعه من مختطفيه: قنوات الإعلام الرديء، أيقونات صفحات التواصل الاجتماعي، إنتاج فني في تدهور متواصل، وخطابات السياسويين الدغمائية المتجاوزة.
اقرأ أيضا: كوثر بوبكار، من أبرز الباحثين في ميدان النانوتيكنولوجيا في العالم: ساهمت في تصميم رقاقة استعملت في الرحلة الفضائية التي أطلقها مركز الفضاء الأوروبي نحو كوكب المشتري
لن نتقدم ما لم نتصالح مع ذواتنا ونعد إلى أعماقنا لننتج مواقفا تنبع عن تفكير وتأمل، لا عن تبعية وخنوع.
لن نتقدم ما لم نعِ :
أن الكتب وجدت لنقرأها في صمت …و تمعن يكاد يبلغ درجة الخشوع، و ننتقدها بعد هذا، لا لأن نلتقط صورا معها.
إن المواقف الفكرية والقناعات… تتشكل من التساؤل والتأمل والتفكير في المعيش والتاريخ الإنساني، لا من خطابات غاسلي الأدمغة بأساليب إنشائية…
إن وسائل التواصل، وجدت لننفتح على العالم، بعيدا عن قيود الفيزا وإكراهات الإمكانيات، لنتعرف على آراء الغير ونفكر فيها بغرض انتقادها قبل تبنيها…
وسائل التواصل، وجدت لنعبر من خلالها عن آرائنا، في احترام للاختلاف وتقدير لما يفتحه من إمكانيات، لا أن نستعرض من خلالها، شخصيات مزيفة، نخفي ورائها عدم رضانا… على من نكون حقا.
اقرأ لنفس الكاتبة: التكنولوجيات الحديثة: بين تحرير النشر وانتشار الهراء 1/2
إن الحجة العددية، هي من أضعف الحجج على الإطلاق…
يكفي أن يتذكر الحداثيون أن كاليليو كان على صواب، رغم اعتراض الجميع على كروية الأرض في عصره؛ وأصحاب الخلفية الدينية، أن الرسل كانوا على صواب، رغم مخالفة الأغلبية لهم أثناء دعواتهم.
… إن المطالبة بالديمقراطية، خارج بناء عقل نقدي مجتمعي وفردي، وخارج حرية التفكير والاختيار، عبث خطير.
وأن يعي مدعوا الثقافة، أنه رخيص جدا، كل فكر هدفه مباركة القطيع، وقصيرة هي حياة شهرة… بنيت على العهر الفكري.
حان الوقت أن نخرج من ازدواجية أنا أوافق إذن أنا موجود، و أنا أعترض… إذن أنا موجود، إلى ما هو أسمى وأنفع لي وللمجتمع.
أنا أفكر وأبدع في مجالي، وحسب إمكانياتي، إذن… أنا موجود.