من حلب، باسل قس نصر الله يكتب: “المسيحية مرّت من سورية”
قالها بصوتٍ حازم: “باسل … المسيحية مرّت من سورية”. في لحظات، عادت بي السنوات الكثيرة الى ساحة فرحات في حلب، لأنها نقطة توزّع لعدّة كنائس، وكانت تغصُّ بالكثير من المسيحيين …
قالها بصوتٍ حازم: “باسل … المسيحية مرّت من سورية”.
في لحظات، عادت بي السنوات الكثيرة الى ساحة فرحات في حلب، لأنها نقطة توزّع لعدّة كنائس، وكانت تغصُّ بالكثير من المسيحيين في ذهابهم للمشاركة في الصلوات التي تُقام في تلك الكنائس.
على مختلف طوائفهم، من سريان وأرمن وكلدان وموارنة وروم، ومن أرثوذكس وكاثوليك وبروتستانت، كانوا يتوجهون الى كنائسهم ليصلّوا الى الله الواحدِ الأحد، كي يحفظ سورية و”حكامنا وجيشنا وشعبنا”، ولكي يمنح السلام “للعالم”، مع تمام الإقرار “بأن كلّ عطيّةٍ صالحة وكلّ موهبة كاملة هي من العلاء”.
حلب مثل كل المدن والقرى في بلاد الشام… هي البداية لانطلاقة المسيحيين في العالم.
كنتُ مع مجموعة دينية مسيحية من ألمانيا، تنتمي الى الكنائس المصلحة، نتناقش في العقوبات المفروضة على سورية، والتي تمنع هذه الكنائس من تأمين معدات طبية لبعض المشافي، ثم قال أحد القساوسة:
“لم يبقَ لدينا من حلول سوى أن نعمل كمهربين ونقوم بتهريبها الى سورية”
… فما كان من الشيخ أحمد حسون مفتي سورية، إلا أن أجابهم:
“لقد اشتغلنا بالتهريب قبلكم، فلولا أن قمنا نحن السوريين بتهريبِ القديس بولس، بوضعه في السلّة إلى خارج أسوار دمشق، لما انتشرتِ المسيحية في العالم”.
نعم المسيحية مرّت من سورية، واليوم يهرب المسيحيون وغيرهم منها.
كل واحدٍ منّا أوْجَد عذره واقتنع به وغادر.
أضحكني كثيراً رجل الدين الذي يريد أن يقنعنا أنه، بعد هِجرته “القسرية”، كان في الغربة “مدافعاً شرساً” عن سورية.
كلنا هربنا، ومنا من هرب في جسده ومنا – وهو الأخطر – من هرب في أحلامه وعقله.
ثم نتباكى على حلب وعلى سورية
و … حيفك يا حلب.
ما كنّا نرحل ثم نتباكى على أجمل الذكريات.
نعم المسيحية مرّت من هنا
اللهم إشهد اني بلغّت.