عبد الإله أبعصيص يكتب: أقدار اليسار…
قدر اليسار أن ينفي كل النظريات، ليثبت كل النظريات…
قدره أن يقتل أبناءه… وقد كذب من قال إن الأبناء يقتلون الآباء…
الأبناء هم الحطب، بهم توقد النيران… هم الجند عند غزو الجيران. وهم الشعار الرنان…مجرد شعار رنان.
قدر اليسار أن يبقى مجرد فكرة…وقدر اليساريين أن يموتوا بالحسرة..
قدره أن يرتبط بأحلام مراهَقة وأحلام مراهِقة… مراهقة متأخرة أو في وقتها؟ ليس الأمر بالمهم بتاتا… أحلام بتغيير ما لا يغير وبناء ما لا يبنى… تغيير وبناء…
هي في الأصل مجرد أحلام، هي مجرد فكرة… أليس قدر اليسار أن يبقى مجرد فكرة، والفكرة لا تموت، لذلك فاليسار لا يموت لكنه دائم الاحتضار، وبعد أن يمر العمر ويفنى، وتذبل زهرته، يستفيق من حَلم وآمن بالحلم، ليجد نفسه وحده… مجرد فكرة.
مجرد فكرة رومانسية… فأغلب اليساريين شعراء…أحبوا وتخلوا عمن أحبوا… وشواعر أحببن وتخلين عمن أحببن، لتزامن موعد اللقاء باجتماع طارئ… وأهل اليسار يعشقون الاجتماعات، ولو على حساب موعد مع قبلة… يعتقدون أن الاجتماع أولى. فالثورة لا تحتمل التأخير أما الحبيب، الحبيبة… فمن واجبه الانتظار.
قدر اليسار… أن يجلد ذاته كما أفعل الآن… كما أفعل بحسرة وأسف، لكنه يجلد ذاته بغير أسى ولا أسف…
قدر اليسار أن يعيش محتضرا، عاشقا، حالما…
فهو مجرد فكرة… والفكرة لا تموت.
ما الذي يمكن أن تنتظره من عاشق، يترك حبه في قاعة الانتظار… وبعد فوات أوان الثورة، التي لم تأت ولن تأتي، يتذكرون ويتذمرون… وتكون الاستعارات والمجازات قد قررت الانتقام بالرحيل…وما أقسى أن تهجر شاعرا قصائده.
قدر اليسار أن يظل مجرد فكرة… قصيدة أو قصة قصيرة أو رواية تحكي ظلمة الزنازن وبطش السجان… شارات نصر في كل مكان… معتقلات، منافي، وبضع مقالب… عفوا وكثير من المقالب…
اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: ميسور، المنفى وعبد الرحيم بوعبيد
الرفاق يرفضون الجاهز من القوالب، لكنهم محترفو مقالب و “قْوالْب”… طحن وطحن مضاد… فقهاء وعلماء، ومنهم من ضيع الحمد وآية الكرسي، ويؤم الناس بما تيسر من سورة “المنافقون”…
كلهم يوسف… وفرعون مغرور، من ترك السفينة دونهم…
قدره أن يكون هو الخلاص… هو الحل لمعادلة بمجاهيل عدة… هو الحل رغم أن كباره دائما في حِل…
هم دائما في حِل من كل تعاقد…
قدر اليسار أن يعشق السلم والسلام. وينبذ الظلم والطغيان …
لن ينكر أحد عشق اليسار للوطن… الوطن الفكرة الوطن الحلم… الوطن العدل الكريم…
ولن ينكر أحد، استعدادهم لبذل الغالي والنفيس من أجله…
لكن…
الرفاق يرفضون الجاهز من القوالب، لكنهم محترفو مقالب و “قْوالْب”… طحن وطحن مضاد… فقهاء وعلماء، منهم من ضيع الحمد وآية الكرسي، ويؤم الناس بما تيسر من سورة “المنافقون”…
كلهم يوسف… وفرعون مغرور، من ترك السفينة دونهم…
يا سبحان مبدل الأحوال… قد يقضي اليساري عمره عقلانيا لكنه يختمه سلفيا… سلفيا يساريا…
قدر اليسار أن ينفي كل النظريات، ليثبت كل النظريات… قدره أن يقتل أبناءه… وقد كذب من قال إن الأبناء يقتلون الآباء… الأبناء هم الحطب، بهم توقد النيران… هم الجند عند غزو الجيران. وهم الشعار الرنان…مجرد شعار رناااان.
وحده اليسار أتبث العكس… أول عدو لليسار هو اليسار… وأول خصم لليساري هو ابن عمه اليساري…
أنا ضد أخي… أنا وأخي ضد ابن عمي… أنا وأخي وابن عمي ضد الغريب!!…
صاحب هذه النظرية لم يكن يعرفنا نحن شعب اليسار… ولو حصل له شرف معاشرتنا، لكان عدلها أو عدل عنها.
اقرأ أيضا: هشام روزاق يكتب. شكيب بنموسى؟ درس قديم في فبركة السراب
في اليسار، “جون لوك” وحده على صواب… فحرب الكل ضد الكل، ليست نظرية لتأصيل نشأة الدولة وإنما… تؤصل لما سواها.
قدر اليسار… أن يجلد ذاته كما أفعل الآن… كما أفعل بحسرة وأسف، لكنه يجلد ذاته بغير أسى ولا أسف…
قدر اليسار أن يعيش محتضرا، عاشقا، حالما…
فهو مجرد فكرة… والفكرة لا تموت.
كالعادة الأسلوب الجميلة واللغة السليمة عنوان كل مقالة لك تحياتي أستادي العزيز