من مونتريال ــ كندا. عمر لبشيريت يكتب: فضيحة بكندا.. رشاوي وشراء الأصوات خلال الحملة الانتخابية
لأننا جربنا ديموقراطية الصرف بالتقسيط، ظلت عائداتها شحيحة لا ترضي الأرض ولا العباد.
اسألونا نحن الذين جربناها ومازلنا نجربها… نحن لا نريد أن نربح الديموقراطية، لذلك لا نعود الناس على الحساب والرشاوي طويلة الأمد، لا نرشي الناس حتى التخمة، حد الإغماء، لا ندوخهم. لا نعطيهم رشوة حقيقية، رشوة يتذكروننا بها طيلة خمس سنوات.
نحن قررنا أن نخسر الديموقراطية، لذلك اخترنا سياسة “البخل الديموقراطي”. نرشي الناخبين إلى غاية يوم الاقتراع لا غير… لذلك تنتهي “أعراسنا الديموقراطية” ليلة إعلان النتائج، ثم ينفض الجميع، ولا يتذكر أحد الديموقراطية.
على بعد أيام قليلة من إجراء الانتخابات الفيدرالية الكندية، يوم 21 أكتوبر، تم الكشف عن حجم الأموال التي جرى ضبط توزيعها، لحد الآن، من طرف مختلف الأحزاب لاستمالة الناخبين.
الأحزاب الكندية، كانت “سخية” جدا في إرشاء الناخبين وشراء أصواتهم. بل لم تتورع عن التنافس في ذلك. والأكثر، أنها فعلت ذلك بالجرم المشهود قبل أن تكشفها وتفضحها الصحافة.
التقديرات التي كشفت عنها الصحافة الكندية تجاوزت 114 مليار دولار. نعم يا سادة… رقم ضخم هذا الذي جرى به “تلويث الديموقراطية الكندية العريقة”. المثير في الأمر، أن الحزب الذي ضبط متلبسا بتوزيع النسبة الأكبر من الأموال هو “حزب الخضر”. هذا الحزب الصغير الذي تترأسه امرأة، ولا يكاد يعرف إلا بين صفوف الجامعيين والطلبة، قدم كرشوة للناخبين، 63 مليار دولار، متقدما على الليبراليين…
الليبراليون أو “الدولة العميقة” بكندا، بالكاد استطاعوا تقديم 20.7 مليار كرشوة… أمر غريب فعلا أن لا يستطيع حزب “جيستان ترردو”، رئيس الوزراء الحالي، جمع سوى هذا المبلغ الهزيل لاستمالة الناخبين…
الحزب الوحيد الذي لم يتورط في هذه المهزلة هو “الحزب الشيوعي”. لم يقدم أية رشوة، ولم يوزع مالا. لسبب بسيط، ربما هو أن… الشيوعيين لا يريدون أن يربحوا الانتخابات. فلو كان في نيتهم الفوز حقا لما ترددوا في إرشاء الناخبين وصرف “رأس المال”…
“لا طاجين ولا برقوق” ولا حتى 100 درهم، ينفع لبناء ديموقراطية حقيقية ومتينة… الديموقراطية الحق والصلبة تحتاج لرشوة ضخمة، تحتاج لملايير وليس لدريهمات أو “شربيل”…
هي الديموقراطية اللعينة هكذا، تحتاج إلى المال، والمال يغري الناخبين ويسيل لعابهم. لا وجود لتصويت “لله في سبيل الله”، يجب إغراء الناس وإغوائهم، وليست هناك من وسيلة للإغراء أحسن من المال… يجب أن تعد الناس بالمال، والمزيد من المال، “لا طاجين ولا برقوق” ولا حتى 100 درهم، ينفع لبناء ديموقراطية حقيقية ومتينة… الديموقراطية الحق والصلبة تحتاج لرشوة ضخمة، تحتاج لملايير وليس لدريهمات أو “شربيل”… هكذا هي الديموقراطية، كلما كنت سخيا جدا في إغراء الناس وجادا في رشوتك، كلما تداعت لك الصناديق وزفت إليك النتائج واجتمع حولك الناس.
إقرأ أيضا: عبد الإله أبعصيص يكتب: يحكمنا المزاج ويتحكم فينا المجاز…
ديموقراطية “الدجاج” و”المقدم” ديموقراطية بئيسة، بل تجلب التوتر وارتفاع الضغط والاكتئاب والاعتصامات والإضرابات وتنجب “المشرملين”. جربناها أكثر من مرة ولم ننجح، بل انتهت “حامضة” مثل الأكل “البايت”. ولأننا جربنا ديموقراطية الصرف بالتقسيط، ظلت عائداتها شحيحة لا ترضي الأرض ولا العباد. اسألونا نحن الذين جربناها ومازلنا نجربها…
نحن لا نريد أن نربح الديموقراطية، لذلك لا نعود الناس على الحساب والرشاوي طويلة الأمد، لا نرشي الناس حتى التخمة، حد الإغماء، لا ندوخهم. لا نعطيهم رشوة حقيقية، رشوة يتذكروننا بها طيلة خمس سنوات. نحن قررنا أن نخسر الديموقراطية، لذلك اخترنا سياسة “البخل الديموقراطي”. نرشي الناخبين إلى غاية يوم الاقتراع لا غير… لذلك تنتهي “أعراسنا الديموقراطية” ليلة إعلان النتائج، ثم ينفض الجميع، ولا يتذكر أحد الديموقراطية.
رشوتنا ظالمة… والمواطنون يعرفون ذلك، لهذا لا يذهبون إلى صناديق الاقتراع. رشوتنا غير عادلة، توزع الفتات على الناس و”تلهف” الباقي. والناس تريد الرشوة والباقي أيضا. المواطنون يريدون ألا يقتسم معهم أحد “رشوة الانتخابات”، ويريدون مرتشين نزهاء، يوزعون الرشوة لكن بدون أن يستفيدوا منها. ورغم تاريخنا الحافل في الرشوة الانتخابية، ظلت ديموقراطيتنا كسيحة، بل إنها، أحيانا، كانت تمشي على رأسها. لدرجة أن رشوتنا أضحت سريالية، فعوض أن تتحسن أحوال “المرتشين”، تضاعفت ثروة الراشين. والديموقراطية لا تفهم هذه المعادلة الرياضية المغربية. ولأن الديموقراطية تتطلب رشوة حقيقية ودائمة ولاعبين قادرين على الإرشاء ويتقنون فعل تصريف وتوزيع الرشوة، لا نريد أن نتعلم الدرس، فقد سمعنا، مؤخرا، أن نادى المنادون بتجريب لاعبين قدماء أخرجوا من أرشيف البورصة ونفض غنهم الغبار، بعد عقود من “الإرشاء” الفاشل، ويجري تلميعهم استعدادا لـ “العرس الديموقراطي” القادم…
ديموقراطية “الدجاج” و”المقدم” ديموقراطية بئيسة، بل تجلب التوتر وارتفاع الضغط والاكتئاب والاعتصامات والإضرابات وتنجب “المشرملين”. جربناها أكثر من مرة ولم ننجح، بل انتهت “حامضة” مثل الأكل “البايت”.
أعترف… أنا مع الرشوة الانتخابية، مع شراء الأصوات، مع التنافس في إرشاء الناس، مع إغرائهم. ولكن من يحسن ذلك؟ من يتقن هذا الفن؟ من يستطيع ركوب هذه المغامرة؟ من يستطيع أن يكون راشيا نزيها؟ نعم… الراشي الناجح والراشي الحقيقي يجب أن يكون نزيها. هي معادلة صعبة حقا.
طريق الديموقراطية واضح، ومع ذلك نلتف حوله عمدا، الناس مع رشوة كبيرة ودائمة، لا تتوقف، لا تتراجع… مع رشوة تصب شهريا في بيان الأجر، رشوة تمشي في الطريق، يتنفسونها… رشوة كل يوم، كل أسبوع، كل شهر، كل سنة… رشوة في اتجاه واحد.
إقرأ أيضا: هل يرقى التداول العام في المغرب اليوم إلى ما يسمى بـ”النقاش العمومي”؟
فيما يلي تفاصيل فضيحة رشوة الأحزاب الكندية، وكيف تعمل على شراء أصوات الناخبين:
حزب الخضر: قيمة الرشوة الانتخابية: 65,7 مليار دولار
* مجانية علاج الأسنان لصالح ذوي الدخل المحدود، بتكلفة 1,8 مليار دولار
* إلغاء الرسوم على الحشيش المستعمل لأغراض طبية، بتكلفة 30 مليون دولار سنويا
* استثمار في صندوق خاص بالنقل العمومي المحلي، بتكلفة 200 مليون دولار سنويا
* دعم النقل عبر الحافلات بالمناطق القروية بتكلفة 10 مليون دولار سنويا
* دعم شبكة السكك الحديدية بتكلفة 720 مليون دولار بين 2024 و2025
* خلق صندوق خاص بمواجهة الحالات المستعجلة الناتجة عن تناول المخدرات الصلبة بمبلغ 100 مليون دولار
* دعم برامج الصحة النفسية والإدمان ومرض التوحد بمبلغ مليار دولار سنويا
* برنامج خاص بالوقاية من الانتحار بتكلفة 10 مليون دولار سنويا
* نظام التأمين الدوائي بتكلفة 31,5 مليار دولار سنويا على مدى تسع سنوات
* مجانية التعليم ما بعد الثانوي ابتداء من شتنبر 2020، بتكلفة 16,4 مليون دولار خلال العام الأول ثم 10 مليون دولار سنويا على مدى ثمان سنوات.
الحزب الليبرالي، قيمة الرشوة الانتخابية: 20,7 مليار دولار
* زيادة ب15٪ في “المنحة العائلية الكندية” عن كل طفل يقل عمره عن عشر سنوات، بتكلفة 1,2 مليار سنويا
* زيادة ب10٪ من قيمة التعويض عن الشيخوخة، لمن تجاوزوا سن 75 سنة، وزيادة ب %25 من قيمة التعويض المخصص للأرامل في نظام التقاعد الكندي، وذلك بتكلفة 2,65 مليار دولار سنويا.
رشوتنا ظالمة… والمواطنون يعرفون ذلك، لهذا لا يذهبون إلى صناديق الاقتراع. رشوتنا غير عادلة، توزع الفتات على الناس و”تلهف” الباقي. والناس تريد الرشوة والباقي أيضا. المواطنون يريدون ألا يقتسم معهم أحد “رشوة الانتخابات”، ويريدون مرتشين نزهاء
* تخفيض الضريبة ب2000 دولار للذين يتقاضون أقل من 147 ألف دولار سنويا، وذلك بتكلفة 5,6 مليار دولار سنويا
* تخفيض من قيمة الاتصالات بالهاتف المحمول ب25٪، وتغطية كافة التراب الكندي بالأنترنيت عالي السرعة في أفق 2030، بتكلفة مليار دولار في حدود خمس سنوات.
إقرأ أيضا: هشام روزاق يكتب: الرعايا والرعاع. حين يختلف اللصوص… ولا يظهر المسروق
* جعل كندا خالية من انبعاث الكاربون في أفق سنة 2050، وذلك بإعفاء الشركات، التي تعمل على تطوير تكنولوجية خالية من غاز الكربون، من الضريبة. بتكلفة 67 مليون دولار سنويا.
* منح قروض بدون فائدة، تصل إلى 40 ألف دولار، للمواطنين الراغبين في القيام بإصلاحات تحترم البيئة لمنازلهم. بتكلفة 432 مليون دولار سنويا.
* زرع 2 مليار شجرة لمواجهة التغيرات المناخية، بتكلفة 3 مليار دولار على مدى عشر سنوات.
* إحداث نظام خاص بالتأمين على الأدوية، وتطوير الولوج إلى العلاجات الخاصة بالصحة النفسية، بتكلفة 6 مليار دولار في أفق أربع سنوات.
* منح 500 ألف دولار سنويا لأي مواطن يريد إنشاء مقاولة، و250 ألف دولار للشركات الجديدة من أجل خلق موقع أنترنيت أو منصة للبيع عبر الأنترنيت، بتكلفة 163 مليون دولار سنويا.
الحزب الديموقراطي الجديد، قيمة الرشوة الانتخابية: 10,6 مليار دولار
* فرض ضريبة على الأغنياء اصحاب الدخل العالي، وذلك بأداء 1٪ من قيمة أي دخل يتجاوز 20 مليون دولار سنويا… ستحصل خزينة الدولة على 9,5 مليار دولار سنويا.
* بناء 500 ألف سكن بأسعار في المتناول في أفق عشر سنوات، بتكلفة 5 مليار دولار خلال السنة الأولى.
* مجانية علاج الأسنان للأسر التي يقل دخلها عن 70 ألف دولار سنويا، ودعم علاج الأسنان للأسر التي يتراوح دخلها السنوي بين 70 و90 الف دولار سنويا، بتكلفة 856 مليون دولار سنويا.
* منح 5000 دولار لكل مواطن يريد شراء سيارة خالية من الانبعاثات الغازية ومصنوعة في كندا
* منح 5000 دولار لمساعدة المكترين للسكن الذين يكلفهم الكراء 30٪ من مجموع دخلهم السنوي، بتكلفة 1,35 مليون دولار سنويا.
حزب المحافظين: قيمة الرشوة: 16 مليار دولار
* إعفاء التعويضات عن الولادة من الضريبة، بتكلفة 1,1 مليار دولار حتى 2028 و2029
* إعادة العمل بالتعويض الضريبي عن استعمال النقل العمومي، بتكلفة 265 مليون دولار حتى 2028
* تخفيض تدريجي للضريبة، بتكلفة 7,1 مليار دولار حتى 2028
* منح تعويض ضريبي عن الأنشطة الرياضية للأطفال، بتكلفة 261 مليون دولار حتى سنة 2028
* منح تعويض ضريبي عن الأنشطة الفنية للأطفال، بتكلفة 60 مليون دولار سنويا
* مراجعة برنامج دعم المقاولات، بتكلفة 1,5 مليار دولار سنويا
* خلق لجنة تحقيق حول تبييض الأموال في ميدان العقار، بتكلفة ملياري دولار خلال سنتين
* منح تعويض ضريبي للإصلاحات المنزلية التي تحترم البيئة، بتكلفة 1,8 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات
* إلغاء الرسوم الضريبية على فاتورة التدفئة المنزلية، بتكلفة 1,4 مليار دولار
… هذا جانب، فقط، من الرشاوي الانتخابية للأحزاب الكندية.
اللهم ارحمنا برشوة انتخابية في المستوى، وارزقنا راشين نزهاء، ومرتشين في المستوى يحسنون الاختيار. اللهم نفعنا برشوة حقيقية ودائمة…. آآميييين.