أنا امرأة.. لستُ مدرسةً ولا جوهرةً ولا أريد تكريماً ولا هدايا ولا جنَّة تحت قدماي.. أريد المساواة !!
أرى في هذا الثامن من مارس مناسبةً للصراخ بأعلى صوت، وللمرة الألف، للنداء والدَّعوة إلى المساواة الكاملة بين الجنسين، في الحقوق والواجبات والالتزامات والتَّضحيات وكل شيء.. والتَّنازل عن كل ورود الدنيا والهدايا والكلام المعسول، في سبيل الحقوق والعيش الكريم باستقلالية وحرية تامة.. تماما كالبشر.
أنا الموقِّعة: عفراء علوي محمدي، امرأة.
أشهد على نفسي وأنا متمتِّعة بكامل قواي العقلية والجسديَّة أنَّني أتنازل في يوم الثَّامن من مارس عن جميع الهدايا التي من الممكن أن أحصل عليها، فقط لكوني امرأة، وعن الورود، وعن رسائل التَّقدير والكلام المزوَّق المزخرف، كما أتنازل عن كلِّ ذلك في باقي أيَّام السنة إذا حصلت عليه بمجرد أنَّ جنسي “أنثى“.
أشهد على نفسي وأنا في كامل وعيي أنَّني أرفض أن أتَّصِف بجلِّ الألقاب التي تُنعت بها المرأة على سبيل الإطراء المغلَّف والمقرون قصراً بالمسؤولية: لقب “حَادْكَة” لا تتعب من الطَّبخ والتَّنظيف والأشغال الشَّاقة طوال أيَّام الأسبوع، وباللَّيل والنَّهار وأيَّام العطل والأعياد؛ وصفة “أمٍّ خارقة” لا تكلُّ من رعاية أبنائها بشكل ينهك صحَّتها الجسديَّة والنفسيَّة دون أن تتلفَّظ بكلمة “عْيِيتْ”؛ ووصف “شريفة عفيفة“، اللَّقب الذي يجعل أغلب الإناث في مجتمعنا يطمرن رغباتهنَّ وغرائزهنَّ وكينونتهنَّ الإنسانيَّة الطبيعيَّة، ويتغلَّفن في أسمال فضفاضة، ويتجنَّبن أبسط المتع، ويضحِّين بحياتهنَّ من أجل إرضاء المجتمع.
أرفض السَّير على خطى مجتمع يسلب حريَّة المرأة وصحَّتها وجهدها ووقتها وطبيعتها وكينونتها واستقلاليتها وحقَّها في اختيار ما تراه مناسبا لها، مقابل منحها بضعة ألقاب رنَّانة، حتى أصبحت النساء بذلك تتسابق على الظَّفر بهذه الألقاب والرُّتب، مضحِّيات بكلِّ ما يملكن، بل وأغلى ما يملكن، ألا وهي “الحرِّية“.
أشهد أنَّني لا أريد أن أُسمَّى بنصف المجتمع، ولا بالمدرسة، ولا أريد جنَّة تحت أقدامي، ولا أريد أن أكون وراء رجل عظيم، ولا أن يُقترن بي الربح والخسارة، ولا أن يتَّقي أحد فيَّ الله أو أن يعاملني بالإحسان أو يستوصي بي خيراً، ولا أن يرأف لحالي باعتباري من “القوارير“، ولا أن أمتلك مجازاً منزلاً ليس لي، أو أن يُمنح لي مقعد في المواصلات العامة، أو أن أتقدَّم شخصاً أو شخصين أو طابوراً من الأشخاص بسبب جنسي، أو أن يُضرب لكيدي ودهائي ألف حساب…
لا أريد امتيازات صورية على حساب كرامتي.
لا أريد تمجيداً وتهليلاً وتكبيراً بمكانتي.
لا أريد التَّغني بجمالي ورقتي وأنوثتي.
لا أريد أن أكون مصدراً للشَّقاء والعبء المادِّيِّ لأيٍّ كان.
لا أريد أن أكون الكلَّ والحياة والوجود.
لا أريد أن تغمرني الألقاب التي لا تستحقُّها طبيعتي.
لا أريد التمييز بيني وبين الرَّجل وإن كان لصالحي.
لأنَّني من البشر.. ولست من الملائكة.
بشر.. ولست آلة تعمل على مدار الأسبوع دون تعب.
بشر.. ولست جوهرة وجب صيانتها وحمايتها من التَّلف.
بشر.. ولست مصدراً للحياة ولا حضنا غير منتهي التَّضحيات.
بشر.. ولست أداة جنسيَّة بمقابل ماديٍّ، ضخماً كان أو هزيلاً.
بشر.. ولست حلوى مغطَّاة أو مكشوفة.
بشر.. ولست حاملةً لشرف أي كان.
مجرد إنسان من لحم ودم وشعور ووجدان.. بضعفه وقوَّته.. بصوابه وأخطائه.. بهزائمه وانتصاراته.
لذلك، أرى في هذا الثامن من مارس مناسبةً للصراخ بأعلى صوت، وللمرة الألف، للنداء والدَّعوة إلى المساواة الكاملة بين الجنسين، في الحقوق والواجبات والالتزامات والتَّضحيات وكل شيء.. والتَّنازل عن كل ورود الدنيا والهدايا والكلام المعسول، في سبيل الحقوق والعيش الكريم باستقلالية وحرية تامة.. تماما كالبشر.
لأن لا فرق بيننا، نحن النساء، وبينهم في شيء!
تبارك الله عليك ،أعشق اللواتي يفكرن مثل تفكيرك.