هشام روزاق يكتب: أنت الآن تعانق كارثة… اسمها البديل - Marayana - مرايانا
×
×

هشام روزاق يكتب: أنت الآن تعانق كارثة… اسمها البديل

في أصل الحكاية… جيء بأخنوش، بعد أن تمت صباغته بالأزرق (والأزرق توصيف مغربي لنوع خاص من الأذكياء) وتم تسليمه حزبا وبلدا، وقيل له أن يحول كل هذا… لمقاولة. فتم له، وبه، الأمر.
… وككل المقاولات التي تحترم عقيدتها الأصل: الربح… كان لابد من مدبرين استثنائيين، ليس للمقاولة، ولكن فقط، لهوامش الربح…وهوامش الربح، لا يضمنها التدبير الجيد كما يعتقد المفلسون. يضمنها المتهربون من الضرائب، ومحتكرو السلع الأساسية، وأرباب المحروقات… وكل أصحاب عقود الزواج بين المال والسلطة… بين الثروة والنفوذ.

… خلال الحملة الانتخابية التي دخلها أخنوش باسم حزب الأحرار، قال الطالبي العلمي، حينها، إن من ضمن الإجراءات العملية التي سيقوم بها أخنوش، الذي كان واضحا أنه دخل الانتخابات ليتم ترسيمه رئيس حكومة، أن حكومته ستعطي للمغاربة زيادة شهرية قدرها 2500 درهم… “وإيلا ما خداوهاش من هنا لـ 2026، يجريو علينا بالحجر”.

الواضح اليوم، أن المشكل لن يكون أصلا في زيادة الــ 2500 درهم، لأنها في أحسن الأحوال، مع موجة الغلاء المستمرة التي تعيشها البلاد، لن تنفع المغاربة في شيء.

المشكل ربما، سيكون هو من أين سياتي المغاربة بالحجر “باش يجريو على أخنوش وصحابو” كما يريد الطالبي العلمي، حيث… إذا استمر الغلاء على هذه الوتيرة من الوحشية، وإذا لم يتم توقيف المضاربين واللوبيات من الاستمرار في المراهنة على جيوب وأقوات المغاربة، قد يصبح الحجر أكثر قيمة من الــ  12 مليون درهم، التي هي قيمة التملص الضريبي الذي قام به رشيد الطالبي العلمي من خلال شركته “نورفي كوير”، وقيمة باقي الفضائح المالية التي، للصدفة، ارتبطت بذات الشخص.

في النهاية… البشع في الحكاية هنا، ليس هو وعد المغاربة بــ 2500 درهم،

وليس هو الحديث عن موجة الغلاء،

وليس الحديث عن حكومة أخنوش،

البشع فعلا… أننا نتحدث عن الطالبي العلمي، ونكمل الحياة والكتابة، كأن شيئا لم يحدث للغة، للمنطق، وللتنفس السليم.

في أصل الحكاية… جيء بأخنوش، بعد أن تمت صباغته بالأزرق (والأزرق توصيف مغربي لنوع خاص من الأذكياء) وتم تسليمه حزبا وبلدا، وقيل له أن يحول كل هذا… لمقاولة. فتم له، وبه، الأمر.

… وككل المقاولات التي تحترم عقيدتها الأصل: الربح… كان لابد من مدبرين استثنائيين، ليس للمقاولة، ولكن فقط، لهوامش الربح… وهوامش الربح، لا يضمنها التدبير الجيد كما يعتقد المفلسون. يضمنها المتهربون من الضرائب، ومحتكرو السلع الأساسية، وأرباب المحروقات… وكل أصحاب عقود الزواج بين المال والسلطة… بين الثروة والنفوذ.

ولأن الدولة عندنا، قررت أن تحول البلد فجأة، إلى مقاولة… كان لابد من صناعة ذاكرة جديدة، على المقاس، كي يتعايش المغاربة مع التعاقد الجديد الذي فرضته عليهم الدولة، لتحولهم من رعايا ومواطنين… إلى أجراء وعمال مياومين، يفرحون بالـ “سميك” والتضامن الاجتماعي والتغطية الصحية…

ذاكرة جديدة، بدأت ملامحها تتشكل، منذ تسابقت الأقلام والأوراق والميكروفونات والكاميرات… إلى تقديم أخنوش وحزب التجمع الوطني، في صورة البديل المنتظر.

لم يتساءل حينها صناع الذاكرة الجديدة…. كيف يمكن أن يكون حزب التجمع الوطني بديلا، وهو الذي عمر في الحكومة منذ ولادته؟

كيف يكون بديلا… حزب كان مسؤولا عبر الزمن، عن الفلاحة والمالية والاقتصاد والتجارة و…؟

كيف يكون بديلا للخراب… من ساهم في صنع الخراب؟

… لسبب ما، تذكرت هنا، جملة لـ “Elon Musk”، حين قال:

“من الضروري معانقة التغيير إذا كان البديل… هو الكارثة”.

الحقيقة، “ايلون ماسك”، لو كان معنا هنا، كان سينطق الجملة بشكل مختلف…. كان سيقول:

“أنت الآن تعانق الكارثة… واسمها، البديل”.

في زمن قديم مضى، كان الكبير “غرامشي”، يرى أن: “الأزمة.. هي تلك اللحظة التي يموت فيها القديم وتستعصي فيها الولادة على الجديد”.

شخصيا… لم أعد أرى في الذي نعيشه أزمة…

لا القديم مات؛

ولا الجديد قيد ولادة أصلا.

في النهاية، نحن أمام ذات الوصفة القديمة المزمنة…

وصفة الطباخ الخفي، الذي أدرك منذ زمن، أن أفضل تغيير يمكن أن يحدث في البلد، هو…

أن نغير كل شيء… كي تبقي الأمور كما كانت.

… في مكان ما من مساحات العبث، قرأت لأحدهم، يتهكم على المحتجين على موجة الغلاء، وسوء الأوضاع. وجدته يقول إن المغاربة، في النهاية راضون على حالهم، ولا يلتفتون للذين اعتبرهم صناع فتنة وتشاؤم…

ولسبب ما، مرة أخرى، وجدتني أتذكر الأنثروبولوجية “Margaret Mead”، وكأنها ترد على صاحبنا، حين تقول:

“لا يجب أن يخامرك الشك أبدا في أن مجموعة صغيرة من المواطنين ذوي الضمائر اليقظة، يمكنهم تغيير العالم. في النهاية… هذا هو الشيء الوحيد الذي حدث على الدوام”.

… هل تعرفون ما هو الأسوأ في كل هذه الحكاية؟

الأسوأ، ولنقل الأبشع… أننا كي نتحدث عن أخنوش والطالبي العلمي ومبديع وغيرهم… احتجنا لغرامشي و”Margaret Mead”و…

والحال أننا… كان يمكن أن نتحدث عن أخنوش والعلمي… بكلمة مغربية جميلة وبسيطة:

“تلّات بينا الأيام”…. وخلاص.

وهذا بعض من كلام.

تعليقات

  1. محمد الحسنى

    الأخ الكريم تحية طيبة كنت أقرأ مقالاتك في جريدة الأيام منذ مدة
    تحليلك جيد وموضوعي ومفيد يسعدني ان أتواصل معك
    الله المستعان

اترك رداً على محمد الحسنى إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *