أحبها الرسول فنزلت آيات تحريم التبني: قصة زينب بنت جحش وزيد بن حارثة - Marayana
×
×

أحبها الرسول فنزلت آيات تحريم التبني: قصة زينب بنت جحش وزيد بن حارثة

لم يذكر القرآن الكريم أي تفاصيل عن أسباب تحريم التبني.
التحريم في القرآن ارتبط بقصة زيد بن حارثة وزوجته زينب بنت جحش، التي تزوجها الرسول بأمر إلهي، بعد أن وقع في حبها.
آيات التحريم في سورة الأحزاب نزلت ضمن هذا السياق وفقط.
قبل أن يجتهد “فقهاء” من أجل تبرير تحريم التبني…

لعرب الجزيرة قبل الإسلام، عاداتهم وتقاليدهم…

تقاليد جعلت الإسلام يوافق على الكثير منها، غير أنه من جانب آخر، غير بعضها.

كانت العرب قبل الإسلام تأخذ بالتبني، حيث كان الرجل يتبنى أحد الأبناء ويُلحقه بنسبه، بل ويورثه.

أن يكون الابن المتبنى منتسبا إلى من تبناه، أقرَّ عرفا آخر، هو أن زواج المتبني من زوجة من تبناه بعد وفاته أو طلاقها منه، ممنوع وغير شرعي في عرف العرب قبل الإسلام؛ حيث كانوا يعتبرون أن المتبني في هو في مقام ابن كامل البنوة.

عُرف سيتغير بنص قرآني…

زيد بن حارثة… من الأَسْر إلى التبني

هو زيد بن حارثة الكلبي…

ولد قبل الهجرة النبوية بسبعة وأربعين سنة، وقيل بثلاثة وأربعين، في ديار بني كلب، أحد بطون قضاعة.

يذكر الحافظ ابن حجر في كتابه “الإصابة” أن سعدى، أم زيد بن حارثة، زارت قومها في ديار بني معن وزيد معها، فأغارت عليهم خيل لبني القين بن جسر، فأسروا زيدا وهو غلام.

عرض زيد للبيع في سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بن خويلد.

عندما تزوجت خديجة من الرسول محمد، وهبته له.

بعد زمن، حج أناس من قبيلة كلب، فرأوا زيدا، ثم عادوا وأخبروا أباه بمكانه، فخرج أبوه حارثة وعمه إلى مكة يفتدونه.

التقى حارثة وأخوه النبي وطلبوا فداء زيد. إلا أن الرسول منح اختيار البقاء أو المغادرة لزيد.

يقول الحافظ بن حجر: “فدعاه، فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، هذا أبي، وهذا عمي، قال: فأنا من قد علمت، وقد رأيت صحبتي لك، فاخترني، أو اخترهما، فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدًا، أنت مني بمكان الأب والعم، فقالا: ويحك -يا زيد- أتختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك، وعمك، وأهل بيتك!؟

قال: نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا، فلما رأى الرسول منه ذلك، فقال: “اشهدوا أن زيدًا ابني، يرثني وأرثه”، فلما رأى ذلك أبوه، وعمه، طابت أنفسهما، وانصرفا، فصار يعرف منذ ذلك اليوم، بـ “زيد بن محمد”.

بين التردد والعتاب… زواج النبي من زينب بنت جحش

تزوج زيد بن حارثة من زينب بنت جحش، ابنة عمة الرسول محمد، وكان الأخير هو الذي تولى خطبة زيد لزينب لكونه ابنه ومتبناه، بل وحِبُّه حسب ما كان يطلق على زيد.

روايات كثيرة تطرقت لحكاية زيد وزوجته زينب، غير أن أشهرها، هي رواية الطبري.

يقول الطبري في تفسيره عن مقاتل: أتى النبي زيدا يوما يطلبه، فأبصر زينب قائمة… فهويها وقال: سبحان الله مقلب القلوب! فسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطن زيد فقال: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها، فإن فيها كبرا، تعظم علي وتؤذيني بلسانها”.

يضيف الطبري: “فقال عليه السلام: أمسك عليك زوجك واتق الله”.

نفس الرواية يؤكدها القرطبي، إذ يقول: “ذهب قتادة وابن زيد وجماعة من المفسرين، منهم الطبري وغيره، إلى أن النبي وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، وهي في عصمة زيد، وكان حريصا على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو”.

كان الرسول محمد يعلم عن طريق الوحي أن زيدا سيطلق زينب بنت جحش وستكون زوجه له، إلا أنه خشي أن يعيره الناس بأنه تزوج امرأة ابنه، باعتبار أن ذلك كان ممنوعا عند العرب قبل الإسلام.

في هذا السياق، نزلت آية العتاب من سورة الأحزاب: “وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ“.

ثم حُرِّم التبني…

كان التبني في أول الإسلام معمولا به تماشيا مع تقليد العرب قبل الاسلام…

قبل أن يتغير الحكم انطلاقا من قصة الرسول وزيد بن حارثة وزينب بنت جحش.

لما طلَّق زيد زينب، تزوجها الرسول محمد.

تصرف الرسول لم ينل إعجاب البعض، حتى أن عديدهم قال: تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى الناس عن ذلك.

ضمن هذا السياق، نزلت آية تحريم التبني، على أنها نزلت بالضبط في زيد بن حارثة: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ”.

لم يقف الأمر عند التحريم، بل إن أحاديث كثيرة ذكرت أن من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم، فالجنة عليه حرام.

وفي حديث آخر: من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة.

 

الرابط نحو بودكاست حديث ومغزى مع فاطمة الوافي، رئيسة جمعية أسرتي للأسر الكفيلة، عن الكفالة والتبني وحقوق الأطفال المكفولين.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *