إكرام عبدي تكتب: ما المساواة أيتها المرأة؟ - Marayana
×
×

إكرام عبدي تكتب: ما المساواة أيتها المرأة؟

هل المساواة هي العداء والكره للرجل، بالإغراء والحيلة والتآمر، والتسلط والعنجهية، بشكل يجعلنا أمام تسلط مجتمعي من نوع آخر، وبملامح أنثوية هذه المرة؟

هل الرجل شخص كامل ومكتمل سيكولوجيا ومجتمعيا وفكريا، بشكل يدفعنا إلى الصراخ طلبا «للمساواة» به؟ أليس الرجل هو أيضا ضحية انفلات وإرهاب مجتمعي وسياسي وأسري معين؟ ألا يمكنها أن تناضل وتطالب بحقوقها بشكل يتجاوز «المساواة» إلى حيز أرحب ؟ وهل الاحتفاء بالحقوق يستوجب البكاء على أطلال أنوثة جبلت عليها؟

يستفزني باسم “المساواة” صراخ الأم في وجه طفلتها، كي تخط على جبينها ميسم الصرامة والجلافة، وتتسربل بثوب الذكورة الصارم، لتقي جسدها من مخالب الزمن وأهواله، وصراخها أحيانا أخرى كي ينهمر رونق الأنوثة من بين شفتي ابنتها، وفي جلستها وكلامها و لو كانت لثغة في اللسان، لتحضى بطوابير العرسان على الباب.

وحبذا لو لهجت هاته الأم بصولجان الكلام، ودعت ابنتها كي تصير سيدة نفسها وامرأة بأنفة وكبرياء كنزة الأوروبية وزينب النفزاوية وفاطمة الفهرية والسيدة الحرة…، امرأة لا تهجر عقلها، لا تخاصم جسدها، لا يجف لبنها ولا يتصحر حضنها.

امرأة تبصر أبعد من زرقاء اليمامة، ليس بعينيها المكحلتين الزرقاوتين فقط، بل بلبها الأقدر على أن يشير بالرأي على الآنام، ويتأمل أبعد من أرنبة أنفه.

أية “مساواة” تلك التي تجعلهن يستحين من هويتهن الجنسية، ويتباهين أمام صديقاتهن “بشخصياتهن الذكورية القوية”، ويتنكرن بجلافة وغلظة لخصوصيتهن كلعنة تطاردهن كما تطارد الأقدار القاسية أبطال التراجيديا الإغريقية، ويتبرأن منها سواء في خطاباتهنأو شعاراتهن، ويمشين بخيلاء فرحا بأجسادهن الأمارة بــ”الفحولة” لا تدر حليبا ولا تشرع حضنا رؤوما.

وهل المساواة هي العداء والكره للرجل، بالإغراء والحيلة والتآمر، والتسلط والعنجهية، بشكل يجعلنا أمام تسلط مجتمعي من نوع آخر، وبملامح أنثوية هذه المرة؟

هل الرجل شخص كامل ومكتمل سيكولوجيا ومجتمعيا وفكريا، بشكل يدفعنا إلى الصراخ طلبا «للمساواة» به؟ أليس الرجل هو أيضا ضحية انفلات وإرهاب مجتمعي وسياسي وأسري معين؟ ألا يمكنها أن تناضل وتطالب بحقوقها بشكل يتجاوز «المساواة» إلى حيز أرحب ؟ وهل الاحتفاء بالحقوق يستوجب البكاء على أطلال أنوثة جبلت عليها؟

جميل أن نناضل من أجل “المساواة”، نضالا إنسانيا وليس صراعا طبقيا ماركسيا، ونكسر شوكة كل نخّاس يزعم أن جسدها عورة للتغطية حينا والتعرية أحيانا أخرى. ونناضل من أجل مساواة في الحقوق والواجبات ومقاعد أكبر في قاعة البرلمان، نناضل كي لا تنهال الشتائم على رؤوس الأمهات وتنتهك حرمة أعضائهن الحميمة،من أجل رعاية صحية للأمهات، من أجل حياة تشاركية في البيت وخارجه ضدا على “فتاوى” الحكومة، من أجل حرية إيجابية، نناضل ضد نساء يقفن أحيانا ضد تحررهن ويرفضن الاندساس مثلا بجرأة للتصويت في صندوق الانتخابات خاصة إذا كان الاسم المرشح امرأة. نناضل ضد كل رجل يدعي حيازته لسلطة المكان والمشي مرحا في الأماكن العامة وتصويب طلقات التحرش والاغتصاب على جسدها.

نناضل من أجل تاريخ يكتب من جديد بأقلام النساء وبأقلام أبنائنا صانعي أحلامنا، ضدا على التقسيم الأرسطي الذي يجعل المرأة ضمن الأشياء وحافظة النوع والنسل.

نناضل من أجل مواطنة حقة، دون نكران قيم الاختلاف والتميز، وضد كل استنساخ يقتل فورة الإبداع والعطاء عند كليهما. يقول الروائي الحائز على جائزة نوبل وليم جولدنج في مقدمة إحدى رواياته: “من الغباء أن تتخيل النساءُ أنفسهن مساويات للرجال، لأنهن يتفوقن عليهم بكثير”.

نناضل ولا نستحيي إن أبدينا حاجتنا إلى الرجل، وإلى وروده الفواحة، كحاجة الطرس إلى حبر يجعله يفيض استيهامات وضوءا وبهاء واخضرارا وأثيرية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *