الاعتداء الجنسي على طفل بمخيم رأس الماء: حوادث خطيرة على الطريق لا تَنفي أهمية المخيمات - Marayana
×
×

الاعتداء الجنسي على طفل بمخيم رأس الماء: حوادث خطيرة على الطريق لا تَنفي أهمية المخيمات

هي حوادث على الطريق لا يمكن أن تجاهلها، بالتأكيد… لكن المخيمات الصيفية ظلت، ولا تزال، ملجأ نحو التربية والعيش المُشترك، بل وفضاء لتكوين وتأطير الشباب.
حين يختنق الأطفال داخل جدران البيت، وتحت ضجيج المدن والحواضر، يقصدُ هؤلاء المخيمات الصيفية، بحثا عن لحظات فرح… هناك حيث الحرية المنضبطة والالتزام بقانون يُحمل الطفل المسؤولية ويبني أطفالا في إطار إعادة إنتاج الرأسمال البشري الذي أصبحنا نفقده.

إلى جانب الأسرة والمدرسة، ظلت المخيمات الصيفية، منذ عقود، فضاء حيا يختزل كل معاني المسؤولية والقيم التي يتأسس عليها العمل الجمعوي في المغرب.

المخيمات الصيفية ليست مُجرد سفر ممتع للأطفال، بقدر ما هي تربية غير نظامية تمثل مجتمعا مصغرا بضوابط وقواعد مشتركة، تهدف إلى تكوين شخصية الطفل، وتربي فيه آليات الاعتماد على النفس واحترام الضوابط والقوانين المشتركة بينه وبين أقرانه.

ما حدث مؤخرا على مستوى “فضاء سايس” بالمخيم الصيفي “رأس الماء” –الاعتداء الجنسي على قاصر من طرف أحد المؤطرين – يدق ناقوس الخطر حول هكذا ممارسات، لكنه لا يجب أن ينفي مُطلقا الرسالة التربوية التي تضطلع بها المخيمات الصيفية.

مؤسسات للتنشئة، ولكن…

الفاعلة الجمعوية عائشة اشفيعي، اعتبرت أن المخيمات الصيفية في المغرب من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية، باعتبارها فضاءات تتفتح فيها براءة الطفولة على المعرفة، وتتوازى فيها المتعة مع تطوير المدارك والخبرات.

داخل المخيمات، تتابع الفاعلة الجمعوية، تتعانق الضحكات مع أنغام الطبيعية، ويتعلم الطفل معنى الحرية، المشاركة والتعايش المشترك. لكن…

تقول عائشة اشفيعي في تدوينة لها،: “هذا الحلم الجماعي سرعان ما يتصدع حين تصفعنا الأخبار الصادمة: محاولة هتك عرض طفل بريء على يد من كان يفترض أن يكون مربيا وحاميا. سلوك شاذ ومتحرك لا يمكن أن يُقرأ كوجه للحقيقة الكاملة، لكنه بلا شك خيانة فردية لجوهر الرسالة التربوية“.

تتساءل المتحدثة في هذا السياق: كيف نحمي الطفولة من كل انحراف محتمل؟ كيف نصون الإطار التربوي من أن يكون ضحية أو جلاداً؟ وما جدوى أي مشروع تربوي إذا فقدت المخيمات براءتها الأولى؟

المخيمات، حسب عائشة اشفيعي، يجب أن تظل فضاءات للتربية والتميز والبناء، لا بؤرا للعنف والخوف والهدم. وهذه مسؤولية جماعية تبدأ من يقظة الدولة، مرورا بصرامة الجمعيات، وصولا إلى وعي المجتمع بأسره.

من جانبه، يرى الفاعل الجمعوي، أيوب التاسي، أن ما وقع مؤخرا في أحد المخيمات الصيفية، حادث مؤلم ومرفوض جملة وتفصيلا، وهو فعل معزول لا يمثل مطلقا روح المخيمات وأهدافها.

يضيف أيوب التاسي في تصريح خص به مرايانا: “من المهم أن لا نسمحَ لمثل هذه الوقائع الشاذة بأن تحجب الصورة الحقيقية للمخيمات، فهي في الأصل مدارس للتربية على القيم ومختبرات لترسيخ روح المسؤولية والتعايش والمواطنة لدى الأطفال والشباب”.

التجربة الطويلة، حسب أيوب، أظهرت أن آلاف المؤطرين والمتطوعين يشتغلون يوميا بنكران ذات من أجل صون الطفولة، وصناعة ذكريات جميلة وبصمات إيجابية في حياة الناشئة.

السؤال الأهم اليوم، يتابع أيوب، ليس: هل المخيمات آمنة؟ بل: كيف نُطوِّرها ونحصنها أكثر لتبقى وفية لرسالتها النبيلة، كفضاء للتربية، والفرح، والتنشئة السليمة.

مسؤولية مشتركة وأدوار متعددة

يرى عبد الجليل اليكرومي، المدير التنفيذي لمنظمة كشاف مغامر، أن المخيمات الصيفية لا يتحمل مسؤوليتها قطاع محدد، وإنما قطاعات متعددة، تبدأ من وزارة الشباب بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم، مرورا بالجمعيات المنظمة لهذه المخيمات.

المخيمات الصيفية، حسب عبد الجليل اليكرومي، تعتمد على أطر ذات كفاءة عالية، تكون حاملة لشهادات ومسارات تداريب وزارية تسلط الضوء، بشكل أساس، على ما هو قانوني، حيث يُدرك المؤطر كل التشريعات والقوانين المنظمة لعمله، علاوة على ضرورة اطلاعه على المسائل الجنائية والمدنية.

يضيف المتحدث في تصريحه لمرايانا: “الجمعيات المنظمة للمخيمات، يكون هدفُها الأساس الاشتغال على تنزيل المشروع البيداغوجي والتنشيطي؛ أي البرنامج العام. هناك، نكون أمام مسؤولية كبيرة في تدريب وتهذيب سلوك الأطفال، وخلق فضاء منظم للتعايش وتحمل المسؤولية”.

ما حدث بالمخيم الصيفي “رأس الماء”، حسب المدير التنفيذي لمنظمة كشاف مغامر، لا يمكن إلا أن يكون مرفوضا؛ لأنه يمس بالمنظومة التربوية، خاصة وأن الوزارة تحاول تنزيل مجموعة من البرامج التربوية التي قد تُمكن من إعادة وهيلكة القطاع. حين تسلم الأسرة ابنها للمؤطر، فإن هذا الابن يصبح تحت رقابة ومسؤولية المؤطر. لذلك، على هذا الأخير أن يكون مسؤولا في تهذيب السلوك والحرص على سلامة الطفل داخل المخيم، حتى نتلمس النتائج على الطفل.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *