طريقة من طرق الحكم “الكفرية”: في تكفير الديمقراطية
تأخذ الأفكار شكلَها أحيانا على شكل ممارسات.
يأخذ الفكر التكفيري شكله على شكل ممارسات انتحارية وجهادية يقوم بها آخرون.
الداعية يُفتي… والسامعُ ينفذ.
لماذا لا تزال العمليات الإرهابية تُمارس في عديد من الدول “الديمقراطية”؟ ربما لأن لأن تكفير الديمقراطية… مبثوث في عديد فتاوى وآراء التكفريين!
جاءت الديمقراطية من أجل أن تخلق نوعا من التوازن في ظل تعددية حزبية وسياسية لا تمس معتقدات الناس ولا آراءهم ولا أفكارهم.
تشكلت الديمقراطية في ظل مجتمعات كانت السلطات فيها، في يد شخص واحد… ولم تكن إلا يد الكهنة.
التاريخ الإسلامي نفسه، عرف هذا النوع من الحكم، أن تجتمع السلطات في يد شخص واحد، ولم ينتج عن ذلك، هنا أيضا، إلا صُنع الديكتاتورية… التي انتفى معها شرط “الشورى”.
غير أن بعض الفُقهاء ما زالو يحنون إلى ذلك التاريخ، متناسين أن التاريخ ليس ثابتا، وإنما يخضع للتطور والتغير.
اشتياق لتاريخ… جعلهم يكفرون الديمقراطية.
سيد القطب… الحاكمية وما عداها كفر
“من أطاع بشرا في شريعة من عند نفسه ولو في جزئية صغيرة، فإنما هو مشرك. وإن كان في الأصل مسلما ثم فعلها فإنما خرج بها عن الإسلام إلى الشرك أيضا… وحين ننظر إلى وجه الأرض اليوم في ضوء هذه التقريرات الحاسمة، فإننا نرى الجاهلية والشرك، إلا من عصم الله فأنكر على الأرباب الأرضية ما تدعيه من خصائص الألوهية ولم يقبل منها شرعا ولا حكما إلا في حدود الإكراه”.
يأتي هذا النص، ضمن نصوص أخرى، أسس خلالها سيد قطب حملتهُ تجاه المجتمعات التي وصمها بالجاهلية، اعتبارا منهُ أنها لا تحكم بما أنزل الله، وكُل حكم بغير ما أنزل الله كُفرٌ.
في تفصيله للمجتمع “الجاهلي”، يعتبر سيد قطب أنه لا يشترط بالضرورة أن يكون أهله منكرين لوجود الله، فالمجتمع الجاهلي هو الذي يبيح للناس أن يتعبدوا في المساجد ولكن يحرم عليهم أن يطالبوا بتحكيم الشريعة في حياتهم.
منهُ، يقرر سيد قطب أنه لا وجود لأي دولة مسلمة على وجه الأرض… ومنهُ، أيضا، كفر كل القوانين والدساتير والحاكمين بغير كتاب الله…
تكفير الدساتير والقوانين المدنية، ما هو إلا تكفير للعملية الديمقراطية، بكل ما تمخض عنها.
تكفيره لها صريح في نصوص. في كتابه “العدالة الاجتماعية في الإسلام”، يقول: “وفي النظام الإسلامي، لا يشارك الله سبحانه أحد، لا في مشيئته وقدره، ولا في منهجه وشريعته… وإلا، فهو الشرك والكفر. وبناءا على هذه القاعدة لا يمكن أن يقوم البشر بوضع أنظمة الحكم وشرائعه وقوانينه من عند أنفسهم، لأن هذا معناه رفض ألوهية الله، وادعاء خصائص الألوهية في الوقت ذاته… وهذا هو الكفر الصراح”.
الديمقراطية… طريقة من طرق الحكم “الكفرية”.
هذا ما قال به محمد إسماعيل المقدم.
محمد إسماعيل المقدم داعية إسلامي مصري، ومؤسس حركة الدعوة السلفية بالإسكندرية.
موقفه من الديمقراطية، جاء صريحا في كتابه “سلسلة الإيمان والكفر”.
لم يأخذ الداعيةُ الديمقراطيةَ في تطورها الزمني، بل حاول أن يحصرها في جانب واحد “حكم الشعب نفسه بنفسه”… من هذه الزاوية، حكم عليها بالكفرية.
في كتابه سالف الذكر يقول: “… فصارت هذه الديمقراطية فتنية العصر، وهي مقياس المثالية في الحكم، ويتحمس في المطالبة بها كثير من المخلصين، وهي في الحقيقة لا تعدو أن تكون طريقة من طرق الحكم الكفرية لما تقوم عليه من جعل السيادة العليا المطلقة للأمة، وبدل ما كان يعبد إله واحد تعبد الأمة”.
لا يمكن أن تكون، حسب إسماعيل المقدم، السيادة للشعب، وإنما السيادة للإله وللشريعة الإلهية، إليها يُحتكم، وعليها تؤسس القوانين والتشريعات المنظمة للمجتمع.
بل إنه، وفق هذا المنطلق، اعتبر أن الديمقراطية، تؤسس لتعدد الآلهة بدل الإله الواحد، على أساس أن الشعب هو الذي يُشرع عن طريق عملية التصويت، وأن القانون هو التعبير عن إرادة هذه الشعوب.
يضيف إسماعيل المقدم في كتابه: “فالشعب هو المشرع، وهو الذي يحلل وهو الذي يحرم… ففي الحقيقة صارت الأمة بهذا المعنى صنما عصريا لا تقل خطورته عن خطورة ما مضى من الأصنام، ولا تقل عبادته شركا عن عبادة اللات والعزى ومناة وهبل وغيرها..”.
من فتاوى اللجنة الدائمة… الديمقراطية نظام أرضي
ماذا عن الفتاوى التي حرمت الديمقراطية؟
في كتاب “فتاوى اللجنة الدائمة”، اعتبر مؤلفو الكتاب أن الديمقراطية أحد صور الشرك الحديثة، شرك في الطاعة، في التشريع، في الانقياد…
حسب الفتوى دائما، فإن الديمقراطية تُلغي سيادة الخالق، وهي بذلك مخالة للإسلام؛ لأن الحكم لله العلي، ولا يجوز أن يعطى حق التشريع لأحد من البشر كائنا من كان.
الفتوى ذهبت أبعد من ذلك، حين أقرت أنه لا يجوز التصويت في الانتخابات والترشح لها في ظل دولة لا تحكم بغير ما أنزل الله.
نص الفتوى كالآتي: “لا يجوز للمسلم أن يرشح نفسه في سلك حكومة تحكم بغير ما أنزل الله، وتعمل بغير شريعة الله، فلا يجوز لمسلم أن ينتخبه أو غيره ممن يعملون في هذه الحكومة إلا إذا كان من رشح نفسه من المسلمين، ومن ينتخبون يرجون بالدخول في ذلك، أن يصلوا إلى تحويل الحكم إلى العمل بشريعة الإسلام، واتخذوا من ذلك وسيلة إلى التغلب على نظام الحكم”.
بشكل مختصر، لا يرشح الانسان نفسه إلا في مناصب لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية، أو لأجل إلغاء التصويت والديمقراطية مباشرة بعد الفوز في الانتخابات.
الألباني… ديمقراطية ضد الحكم الإسلامي
في معرض حديثه عن الديقراطية، يقول الألباني: “أن هؤلاء الذين يحكمون المسلمين هم ليسوا حكاما بل هم محكومون، وليت أنهم كانوا محكومين من مسلمين أمثالهم ولكنهم محكومون من “الكفار”… ولا يفوتهم أن يجدوا من المسلمين أنصارا باسم الديمقراطية”.
الألباني ينظر للديقراطية على أنها نظام يُفسد الأخلاقيات والقيم، معتبرا إياها نظاما كافرا.
كُفر النظام الديمقراطي، حسب الألباني، ينبع من كونه نظاما يتعمد انتخابات لا تفرق بين “المسلم ” و”الكافر”، لا يفرق بين رجل وأمرأة.
الألباني يرفضُ فكرة الديمقراطية؛ لأنها تمنح للمرأة حق المشاركة في الحياة السياسية، وينطلق من حديث “ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”.
يعتبر أن هذا النظام من آثار غزو “الكفار” لبلاد الإسلام.