الكويت ترفع سن الزواج وتلغي تخفيف عقوبات “جرائم الشرف”
بعد أكثر من 20 سنة من المطالبات الحقوقية والقانونية، أقرت الحكومة الكويتية تعديل المادة 153 المتعلقة بما يعرف بـ”جرائم الشرف”، إضافة إلى رفع سن الزواج إلى 18 سنة.
الأوساط الحقوقية بالكويت، اعتبرت التعديلات خطوة تقدمية تحمي الأطفال/ والطفلات القصر، إضافة إلى تعديل المادة 153، بصب في صميم الدستور الكويتي خاصة المادة 29 التي تنص على المساواة بين الرجل والمرأة.
في خطوة اعتبرتها الأوساط الحقوقية بدولة الكويت انتصارا للمرأة وللدستور الكويتي، أقرت الحكومة الكويتية يوم 16 مارس 2025، مجموعة من التعديلات القانونية، على مستوى مدونة الأحوال الشخصية والقانون الجنائي، همت بالأساس رفع سن الزواج إلى 18 سنة، وإلغاء العذر المخفف في ما يسمى بـ”جرائم الشرف”.
حماية الأطفال والطفلات القُصّر
في ما يخص تزويج الطفلات والأطفال، نص المرسوم الجديد على أنه “يمنع توثيق عقد الزواج أو المصادقة عليه لمن لم يبلغ من العمر 18 عاما وقت التوثيق“.
المادة 26 من قانون الأحوال الشخصية المُعدلة، كانت تنص على أنه “يمنع توثيق عقد الزواج، أو المصادقة عليه ما لم تتم الفتاة الخامسة عشر، ويتم الفتى السابعة عشرة من العمر وقت التوثيق”.
المذكرة أوضحت أن التعديل “يمنع توثيق الزواج ما لم يبلغ الزوجين ثمانية عشر عاما، استنادا إلى دستور دولة الكويت الذي يؤكد حماية الأسرة والأمومة والطفولة، وبما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية”.
المذكرة أكدت، من جانب آخر، أن التعديل “يراعي التزامات الكويت الدولية، لاسيما اتفاقية حقوق الطفل التي تعرف الطفل بمن لم يتجاوز الثامنة عشرة، وتلزم الدول بحمايته من الزواج المبكر، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تضمن الموافقة الحرة والكاملة للزوجين وتشجع على تحديد سن أدنى للزواج“.
تعديل جاء بعد تنامي ظاهرة تزويج الطفلات والأطفال، إذ تشير الإحصائيات الرسمية في الكويت إلى تسجيل 1145 حالة تزويج طفلات/أطفال في البلاد خلال سنة 2024؛ حيث بلغت نسبة الطفلات المتزوجات 1079 حالة، مقابل 66 حالة للذكور.
وزير العدل الكويتي ناصر السميط، كان قد صرح في وقت سابق قبل صدور المرسوم في الجريدة الرسمية، أن حكومته قررت رفع الحد الأدنى لسن الزواج مواكبة لقوانين حقوق الطفل ومناهضة التمييز ضد المراة، مشيرا إلى أن نسبة الطلاق زادت في صفوف القُصر بصورة ملحوظة.
إضافة إلى أن هذا التعديل سيكون ساريا على الكويتيين أو الأجانب المقيمين بالبلاد.
تحول مدني…
فعاليات حقوقية في المجتمع الكويتي اعتبرت التعديل جريئا يصبو نحو تحول مدني في الدولة.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي جابر باقر في تصريح له لجريدة “الخليج أونلاين“، إن “قانون رفع سن الزواج في الكويت قرار صائب، مشيرا إلى وجود بعض المشاكل الاجتماعية سابقا، بسبب سن الزواج السابق الذي كان أقل من 18 عاما”.
المحلل السياسي أضاف في تصريحه أن “ردة فعل المجتمع الكويتي تجاه القانون الجديد طبيعية، وليس لديهم مشكل مع القرار، حيث إن السن المتعارف للزواج بالكويت متأخر، فالشباب لديهم سن الزواج تراوح بين 27 و29 سنة“.
من جهته، اعتبر الناشط الحقوقي حمد فواز في تدوينة له، أن القرار يمثل “خطوة جريئة تدعم التحول المدني وتحمي القُصّر من الزواج المبكر الناتج غالبا عن العادات والتقاليد”.
إلغاء العذر المخفف في “جرائم الشرف”
التعديلات طالت أيضا قانون الجزاء، وتحديدا المادة 153 المتعلقة بجرائم قتل النساء، أو ما يُعرف بـ“جرائم الشرف”.
المادة 153 من قانون الجزاء، كانت تمنح أسبابا تخفيفية، حينما يقتل الرجل زوجته أو والدته أو ابنته أو أخته، في حالة مفاجأته لها متلبسة بما يسمى بـ”جريمة الزنا”. قبل أن يُصدر مرسوم بقانون رقم 9 لسنة 2025، بإلغاء المذكرة، وأصبح الرجل القاتل للمرأة، وفق التعديل، يعامل معاملة أي متهم في جريمة قتل.
في هذا الإطار، قالت المذكرة الإيضاحية لتعديل قانون الجزاء، إن “العذر القانوني للرجل عند قتل الزوجة أو الأم أو الابنة تمييزٌ على أساس الجنس، على سند استفزاز مشاعر الرجل رغم أن الأنثى تملك المشاعر نفسها وتخفيف العقوبة يسهم في انتشارها”.
المذكرة أضافت أن المادة قبل تعديلها “تتناقض مع الدستور والتزامات الكويت الدولية”، في إشارةٍ إلى أن القرار أتى تأكيدًا على المساواة الدستورية بين الجنسين، والتزامًا بالمواثيق الدولية المناهضة للتمييز ضد النساء، ومنعًا لاستغلال الثغرات القانونية في ارتكاب العنف ضد النساء”.
المادة كانت تنص قبل التعديل على أن “”من فاجأ زوجته حال تلبّسها بالزنى، أو فاجأ ابنته أو أمه أو أخته حال تلبسها بمواقعة رجل لها، وقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو يواقعها، أو قتلهما معا، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 3 سنوات وبغرامة لا تتجاوز 45 دولار أمريكي أو بإحدى هاتين العقوبتين“.
في هذا الإطار ثمن أستاذ القانون في جامعة الكويت، محمد الفيلي، هذه الخطوة، معتبرا في تصريح له أن “التوجه لإلغاء المادة “153” من قانون الجزاء من الأمور الجيدة لا سيما أن نص هذه المادة يتضمن تمييز الرجل في حال ارتكابه جناية عند وقوع مفاجأة الخيانة، مضيفا في حالة إزالة هذا النص سيطبق على الرجل القواعد العامة المعمول بها في قانون الجزاء وهنا ستكون المعاملة بالمثل بين الرجل والمرأة دون تمييز لأحد عن الآخر”.