المهدي المنتظر: أشهر من انتحلوا صفة المهدوية لإسقاط سلاطين المغرب - Marayana - مرايانا
×
×

المهدي المنتظر: أشهر من انتحلوا صفة المهدوية لإسقاط سلاطين المغرب

المهدي المنتظر… تاريخ طويل من الانتحال!
ارتبطت المهدوية في المغرب بالتمرد والثورة ضد السلطات السياسية، واستغلال الأوضاع المعيشية والسياسية والاجتماعية الهشة، والّلعب على الوتر الديني للمغاربة في إضفاء الشرعية على الحركات المهدوية، برغم فشلها.
استغل مدعو المهدوية الظروف الاجتماعية والسياسية التي كان يعيشها المغرب آنذاك، من أجل إضفاء الشرعية على ثوراتهم السياسية، وقابلية المغاربة لاستقبال فكرة المهدي.

بين مؤيد ومُنكر، يظل أمر المهدي المنتظر مشهورا وشائعا عند المسلمين. هو الرجُل الذي لا بد من ظهوره في آخر الزمن ليملأ الأرض عدلا بعد أن مُلئت جورا، يُعز الدين ويتولى الإمامة العظمى للمسلمين.

شخصية بما لها من حمولات مُقدسة، تم توظيفها عبر التاريخ الإسلامي، إما إضفاء للشرعية على الحكم وتقويته، أو من جانب مُعارض يرنو إسقاط الدولة وبناء أخرى جديدة.

لم يسلم المغرب الأقصى من مدعي المهدوية. وجدت هذه الفكرة تربة خصبة للنضوج أفرزتها الصراعات السياسية والدينية التي عرفتها المنطقة، فظهر أكثر من مهدي في كل فترة حكم.

في هذا المقال، نُحاول أن نسلط الضوء على أبرز الشخصيات التي ادعت المهدوية في المغرب.

المهـدي بن تـومرت:

تعتبر مهدوية بن تومرت أبرز حركة سياسية قامت في المغرب الأقصى على أساس الفكرة المهدوية، شكلت منعطفا حاسما في تاريخ المنقطة.

تحولت دولة الموحدين من بعدُ إلى إمبراطورية كبيرة، من خلال فكرته تلك.

شكلت رحلتُه إلى المشرق علامة فارقة في حياته، خصوصا مكوثه في بغداد التي كانت آنذاك منارة علمية، اكتسب فيها أسس الفقه والعقيدة.

حاملا لواء الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، عاد بن تومرت إلى المغرب، بِنِية بناء دولة جديدة. لكن، كيف استُغلت فكرة المهدوية؟

شرع المهدي بن تومرت منذ بداية دعوته إلى تهيئة نفوس أتباعه من أجل تقبل فكرة مهدويته.

نجح بن تومرت بأسلوب ذكي في إيراد الأحاديث وتأويلها واستعمالها في الاستدلال الذي يخدم مصلحته، وتوجيهها لاستمالة الناس إليه. كان، مثلا، يسوق أحاديث الفتن بما يُعرب عن فساد الزمان واختلال الأمر، حتى استقر في أذهان الناس أن ما أنبأت به النصوص مطابق لما يعيشونه في الواقع.

في ظل هذا الاستعداد النفسي، أقنع ابن تومرت أتباعه، بأن المخرج من هذه الأوضاع ليس سوى المهدي، الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا، وأخذ يسوق أحاديث المهدي المنتظر بما لا يدع مجالا للشك في أنها تنطبق على شخصه.

مهدوية عُبيد الله، أولى المهدويات:

لم تكُن خلافة بني العباس بالمشرق في منأى عن الصراعات السياسية والمذهبية، تشكلت في خضمها قوى معارضة تنطلق من لا شرعية الحكم العباسي.

أبرزُ القوى المعارضة التي ظهرت فترة الحُكم العباسي، الاسماعيليون، إحدى الفرق الشيعية.

يذهب موسى لقبال، الباحث في التاريخ الإسلامي والعصور الوسطى، إلى أن أقدم صورة للمهدوية هي التي ظهرت في منطقة الاحساء (في البحرين)، والتف حولها القرامطة، وهم من طائفة الشيعة الإسماعيلية الذي يتنسب إليهم الفاطميون.

نُسفت الدعوة في المشرق، فما كان منهم إلا نقل الدعوة إلى مناطق بعيدة عن مركز الخلافة، فكان المغربُ الوجهة المثالية.

أقيمت الدولة الفاطمية في المغرب على يد عبيد الله بن محمد بن جعفر الصادق بن محمد الفاطمي. يعود نسب الأخير إلى فاطمة الزهراء ابنة الرسول محمد، وإن شكك عدد من المؤرخين في نسبه، إلا أن ابن خلدون والمقريزي أكدا نسبه إلى آل البيت.

يذهب ابن خلدون في كتابه: “ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر”، إلى أن أول من لقب عبيد الله بالمهدي، أبوه محمد بن جعفر في آخر أيامه، قائلا له: “أنت المهدي وتهاجر بعدي هجرة بعيدة، وتلقى محنا شديدة”.

بويع بالخلافة في سجلماسة بالمغرب سنة 295هـ معتمدا على أبي عبد الله الحسين المعروف بأبي عبد الله الشيعي في نشر دعوته حتى صار أمره مستفحلا.

نجح في تأسيس دولة امتدت حدودها إلى طرابلس وصقلية، ودامت خلافته 24 سنة، حتى وفاته سنة 322هـ

ابن أبي محـلي: الفقيه الثائر:

شكلت وفاة أحمد المنصور الذهبي، سابع سلاطين المغرب من السعديين، ضربة قاصمة للحكم السعدي، بدأت معهُ صراعات الأبناء حول السلطة، ما أدى إلى اضطرابات اجتماعية، شكلت تربة خصبة لظهور الثورة والتمرد، كانت ثورة ابن أبي المحلي، أبرزها.

هو العباس أحمد بن عبد الله السلجماسي العباسي الفيلالي، ولد في سجلماسة سنة 967 هـ، ساهمت تنشئته الأسرية ورحلاته، خصوصا إلى فاس، في نبوغه العلمي والديني. أسس زاويته في وادي الساورة، وهناك كثٌر أتباعه من الشيوخ والفقهاء، وذاع صيته في بلاد المغرب.

استغل ابن أبي محلي خبر تسليم محمد المامون السعدي لمدينة العرائش للإسبان، فبدأت ثورته ضد السعديين، وادعى المهدوية زاعما أن الأوصاف التي جاءت في المهدي المنتظر تنطبق عليه، وهو ما ذكره الحسن اليوسي في كتاب المحاضرات في اللغة والأدب.

ربط ابن المحلي بين ظهور المهدي واستمرار الحكم العباسي، وأن المهدي من ذرية العباس، وذلك من أجل أن يمنح نفسه نسبا يمتد إلى النبي محمد.

شن عدة حملات عسكرية ضد السلطان زيدان الناصر، توجها بدخول مراكش منتصرا، واستقر بها، قبل أن يُقتل من طرف السلطان سنة 1022 هــ.

مهدية “الماسي” التي كادت تعصف بالموحدين:

هو مُحمد بن هود بن عبد الله السلاوي، من أهل سلا، شهد حصار والاستيلاء على مراكش مع عبد المؤمن بن علي الكومي، وكان مناصرا للدولة الموحدية في بداياتها، قبل أن يُفارق عبد المؤمن في رباط ماسة.

حسب أحمد بن خالد الناصري في كتابه “الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى”، فإن الماسي ظهر برباط ماسة من ناحية سوس، ودعا لنفسه وتسمى بالهادي، وأخذ بدعوته أهل سلجماسة ودرعة وقبائل دكالة ورجراجة وتامسنا وهوارة…

في كتاب “رسائل موحدية”، يرجع أحمد عزراوي أسباب هذه النصرة إلى سهولة تقبل الناس لفكرة المهدي، وكذا عدم الرضى عن الحكم الموحدي.

اضطر عبد المؤمن إلى حشد قوات ضخمة من القبائل والشيوخ والمرتزقة من الإسبان، بعد الهزيمة في حملتين سابقتين.

قُتل الماسي سنة 524 هـ، فتراجع أتباعه بعد مقتله، لتنتهي بذلك ثورة الماسي التي هُدت بعد أن هددت أركان الدولة الموحدية.

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *