سباق تسليح وبوادر حرب أهلية. هل يتكرر السيناريو السوداني في ليبيا؟
الأجواء الحالية في غرب ليبيا تشبه الى حد كبير ما كانت عليه السودان قبل إندلاع الحرب الأهلية في أبريل من العام الماضي.
الميليشيات المسلحة تتسابق نحو التسليح وتعزيز مواقعها في مختلف المدن الليبية، والصراعات، المعلنة وغير المعلنة، بين مختلف الميليشيات، والتي تزداد يوما يعد يوم، قد تنتهي بحدوث إشتباكات مسلحة في الأيام القليلة المقبلة.
بعد اندلاع الحرب الأهلية في ليبيا، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عام 2011، قرارًا يحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا وتصديرها منها، لمنع انتشار الأسلحة في المنطقة، والإسهام في منع العنف ضد المدنيين في البلد، ودعم الانتقال السياسي في ليبيا ومساعدة الحكومة الوفاق الوطني، في ذلك الوقت، على إنشاء قوات وطنية موحدة تستطيع أن تكفل الأمن وتدافع عن ليبيا ضد الإرهاب.
لكن، وبعد عدة سنوات، أعد خبراء في الأمم المتحدة تقريرًا بهذا الخصوص، يشير الى أن حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011 “غير مجد إطلاقا”، حيث أشار التقرير الذي وضعه 6 خبراء مكلفين بمراقبة حظر الأسلحة إلى أن “الانتهاكات التي ارتكبتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تدعم أطراف النزاع بشكل مباشر، عامة وصارخة، وتدل على ازدراء تام لإجراءات العقوبات”.
وتشير التقارير الشهرية الرسمية الصادرة عن عملية “إيريني”، الخاصة بمراقبة حظر توريد الأسلحة في ليبيا، إلى رصد 10 رحلات جوية مشبوهة من تركيا إلى ليبيا خلال شهر مارس الماضي، بعد فحص إجمالي 1388 رحلة جوية في إطار الرصد والمراقبة.
بحسب وسائل إعلام، فإن من بين هذه الرحلات، توجد على أقل تقدير، سبع رحلات قامت بنقل طائرات بدون طيار من نوع “بيرقدار تي بي 2” التركية إلى غرب ليبيا، حيث أكد شهود عيان هبوط طائرات محملة بالعتاد العسكري والذخيرة تابعة لشركات تركية خلال الشهر.
من المعروف أن الأزمة الليبية أزمة تتقاطع فيها صراعات بين عدة دول أجنبية مختلفة، وتعتبر تركيا من الدول المشاركة في هذا الصراع، حيث طلبت الحكومة الليبيبة المؤقتة، عام 2020، أن تتدخل تركيا عسكريًا لصد هجوم القائد الاعلى للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، على غرب البلاد.
وكان وفد رفيع المستوى من حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد زار تركيا في مطلع مارس الماضي (2024)، وتم التوصل إلى اتفاق بشأن توريد طائرات بدون طيار إلى طرابلس، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم في “المجال العسكري وزيادة فعالية وحدات الجيش الليبي من خلال برامج تدريبية نوعية” بين وزير الدفاع التركي، يشار جولر، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية ووزير الدفاع عبد الحميد الدبيبة، والذي أكد على أن التعاون مع تركيا في هذا المجال، يعتبر أولوية بالنسبة لبلاده.
استطاعت الطائرة التركية “بيرقدار” أن تثبت فاعليتها في ليبيا بين عامي 2019-2020 ضد قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وكذلك في العديد من المواجهات المختلفة خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تم استخدامها من قبل مجموعات مسلحة مختلفة في طرابلس، لمكافحة المهربين في مدينة الزاوية، بالإضافة إلى مواجهة الجماعات المسلحة الموالية لرئيس حكومة الاستقرار، فتحي باشاغا، وحتى في الاشتباكات العديدة التي اندلعت بين الميليشيات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية.
وكانت تقارير صحفية قد نقلت، عن ما وصفتها بمصادر مقربة من رئيس المخابرات الليبية حسين محمد العايب، أنه قد تم تسليم الطائرات بدون طيار إلى غنيوة الككلي، قائد ميليشيا جهاز دعم الإستقرار، والذي يحشد قواته لمواجهة ميليشيا الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة.
بحسب خبراء، فإن الأجواء الحالية في غرب ليبيا تشبه الى حد كبير ما كانت عليه السودان قبل إندلاع الحرب الأهلية في أبريل من العام الماضي، حيث تتسابق الميليشيات المسلحة في التسليح وتعزيز مواقعها في مختلف المدن الليبية، وهناك صراعات معلنة وغير معلنة بين مختلف الميليشيات، قد تنتهي بحدوث إشتباكات مسلحة في الأيام القليلة المقبلة.
ويبقي السؤال…هل تسقط ليبيا من جديد في فخ الحرب الأهلية، بفعل التداخلات الدولية والصراع الدولي على ثرواتها، والذي لا يريد لهذا البلد النفطي الاستقرار، أم ينتبه الليبيون للمؤامرة ويفشلون مخططات تقسيم وطنهم… هذا ما ستجيب عنه الأيام؟