هشام روزاق يكتب: الطبيعة لا تكره الفراغ… الطبيعة تحب شوقي بنيوب
… حسنا، فلنعترف أولا، أنه حين يصبح ما يكتبه أو يقوله شوقي بنيوب موضوعا للنقاش، فهذا يعني فقط أن الملل والفراغ، هو ما يدفعنا للكتابة. هذا يعني فقط… أن “البلاد …
… حسنا، فلنعترف أولا، أنه حين يصبح ما يكتبه أو يقوله شوقي بنيوب موضوعا للنقاش، فهذا يعني فقط أن الملل والفراغ، هو ما يدفعنا للكتابة.
هذا يعني فقط… أن “البلاد واقفة”، و “ما كاين ما يدار”.
شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، أصدر “شي حاجة” أسماها “تقريرا حول أحداث الحسيمة وحماية حقوق الإنسان”، وجعل عنوانها وخلاصتها… أن الحكومة تعاملت بـ “حكمة” مع أحداث الريف.
نعم… الدولة، تعاملت بحكمة مع أحداث الريف، كما تعاملت بحكمة مع أحداث جرادة، كما تعاملت بحكمة مع كل أنواع وأشكال الاحتجاجات التي كان الغاضبون فيها غير حكماء…الدولة “فقدت” هذه الحكمة في حالات قليلة فقط… من بينها، جعل شوقي بنيوب مندوبا وزاريا مكلفا بحقوق الإنسان.
شخصيا، أنا متفق جدا مع شوقي، بل… سأقول ما تأفف عن قوله. الحكومة لم تتعامل فقط بحكمة مع احتجاجات الريف. الحكومة لم تتعامل أصلا مع هذه الأحداث، لأن احتجاجات الريف، لم تكن أصلا شأنا يخص الحكومة، ولأن الحكومة أصلا… فهمت أنه من “الحكمة” أن “تلعب قدام باب دارها”. وبالتالي، ما أراد شوقي أن يقوله ببساطة، إن:
“الدولة تعاملت بحكمة مع احتجاجات الريف”.
إقرأ أيضا: “المخزن”: استخدام “الرمزية”… الجانب الخفي والأهم لممارسة السلطة وترسيخها
وأنا في هذا متفق… متفق مع شوقي، ومع بنيوب، ومع من ينوب عنهم شوقي وبنيوب في إطلاق هكذا كلام.
نعم… الدولة، تعاملت بحكمة مع أحداث الريف، كما تعاملت بحكمة مع أحداث جرادة، كما تعاملت بحكمة مع كل أنواع وأشكال الاحتجاجات التي كان الغاضبون فيها غير حكماء، أي سفهاء؛ فيما ظلت الدولة مصرة على “الحكمة”.
الدولة… تعاملت دائما بحكمة. حتى في احتجاجات 1981، حين وصفت ضحاياها بـ “شهداء كوميرة”. تعاملت بحكمة، حتى في أحداث 23 مارس 1965… وغيرها.
الدولة “فقدت” هذه الحكمة في حالات قليلة فقط… من بينها، جعل شوقي بنيوب مندوبا وزاريا مكلفا بحقوق الإنسان.
… قبل تقرير المندوب بنيوب عن أحداث الريف، كنت قد طالعت بكثير من سرعة، أو لنقل… بكثير من عدم إضاعة الوقت، شيئا له هيأة وشكل كتاب، عنوانه “كذلك كان”، خطه بنيوب رفقة شريكه مبارك بودرقة.
حينها… وفي حديث مع أصدقاء يسكنهم الهم الحقوقي بهذا البلد، وجدنا أنفسنا ببساطة، نناقش بعض أبجديات المعنى المؤسس لحقوق الإنسان.
“ذلك الذي كان” بنيوب وبودرقة يعتبرانه كتابا يوثق لتجربة هيأة الإنصاف والمصالحة، كان في جزء دال ومؤسس له، يصدر عن خرق أساسي لواحد من الحقوق الأساسية لباقي شركاء تجربة الهيأة. المسمى “كتابا” في النهاية، كان ببساطة ــ في جزء مهم منه ــ إفشاء لمداولات داخلية يفترض أنها محمية بالقانون وقيم الـ”éthique”. لكن… عوض أن نجد بنيوب يجيب على سؤال خرق سرية المداولات، وخرق مسطرة التحفظ الواجب، والمساس بحقوق الــ “privacy” … وجدناه مندوبا.
حتى حين حاول بنيوب التخلص من ورطة تقرير كُتب بحروف من زمن “مغرب الرصاص” والتخوين، بدا مضحكا… بدا مضحكا تماما كما كان مضحكا خبر تعيينه مندوبا مكلفا بحقوق الإنسان حين قال إنه أنجز تقرير “حكمة الدولة” هذا … بمعية فريق مكون من خمسة أشخاص… اثنان منهم من حركة عشرين فبراير.
وجدناه مندوب مبيعات لمنتج جديد اسمه “حقوق الإنسان حسب الإعلان المخزني لحكمة الدولة”.
وجدناه مندوبا… كما مندوبين آخرين، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر… في انتظار زمن يأتي علينا فيه، من يخبرنا بالذي فعلا… “كذلك كان”!
إقرأ أيضا: ادريس بن زكري… سيرة مهندس العدالة الانتقالية بالمغرب! 2/1
لكن… المثير في الحكاية هنا…
أن شوقي بنيوب، الذي أفشى رفقة شريكه بودرقة، مداولات وأسرار اجتماعات هيأة الإنصاف والمصالحة، لن يقترف أخطاء البوح والكشف… وهو مندوب الدولة في حقوق الإنسان.
بنيوب، وتماهيا مع “حكمة الدولة”… سيقول إن هناك “جهات خارجية قامت باستغلال أحداث الريف ومحاولة الركوب عليها”…
من أو… ما هي هذه الجهات، التي يشير إليها بنيوب، والتي تعني في ما تعني، أن نشطاء حراك الريف كانوا على اتصال بجهات خارجية؟
بنيوب هنا لن يجيبكم، فهو… القادم إلينا من “خطيئة كشف الأسرار”، سيثبت أن “حكمة الدولة” قد غسلته بالماء والبرد… وأنه تعلم من الدولة، أن الحكمة ليست في الصمت فقط، ولكنها في زرع بذور الشك.
بذور الشك، حين تقول للمغاربة، إن هناك “جهات ما” استغلت وركبت على أحداث الريف، لتجعل كل الاحتجاجات وكل المطالب، وكل ما رافق ذلك من عنف ومحاكمات و… هو مجرد مرادف لـ “العمالة” والخيانة”.
… حتى حين حاول بنيوب التخلص من ورطة تقرير كُتب بحروف من زمن “مغرب الرصاص” والتخوين، بدا مضحكا… بدا مضحكا تماما كما كان مضحكا خبر تعيينه مندوبا مكلفا بحقوق الإنسان.
بنيوب، وفي حديثه لبرنامج تلفزي على القناة الثانية، قال إنه أنجز تقرير “حكمة الدولة” هذا … بمعية فريق مكون من خمسة أشخاص… اثنان منهم من حركة عشرين فبراير.
آش تايدير هذا؟… هذا بغا يحسن باللي كاين… على رأي الإشهار المغربي القديم.
زعما… ملي غا تقول لينا راه جوج من حركة 20 فبراير شاركوا في صياغة التقرير، سنقول لك… آمين؟
غير باش نتفاهمو….
20 فبراير، هي لحظة أنتجت خطابا ومطالب وتصورات، اختلفنا مع بعضها واتفقنا مع بعضها، لكنها أيضا… أنتجت مجموعة كائنات، استغلت اللحظة والخطاب والتصورات، وانتمت لسياق الريع بأشكاله وعناوينه الجديدة. بالتالي… إيلا صايبو معاك 2 من الحركة التقرير، فـ… إن العيب في التقرير، وليس في…”حكمة الدولة”!!
ثانيا… ملي تا تقول لينا، صايبو معاك 2 من حركة 20 فبراير التقرير، زعما، بغيتي تقول هذا كلام مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟
آجي ندير معاك البرهان بالخلف…
وأنت تقرأ تقريرك عن “حكمة الدولة”… هل تعرف أنه سيأتي على المغرب يوم، قد يصبح لكلامك فيه، نفس وقع أحكام سنوات الرصاص؟ أنه… قد يأتي يوم، تصبح فيه… مجرد شريك في رواية أخرى عنوانها “بسبب بنيوب… هكذا كان”.
واش تا تعرف شحال من يساري كان يطالب بمغرب لكل المغاربة، وثروات المغرب للمغاربة، وبدستور حقيقي، وحرية وكرامة وعدالة و…
واش كا تعرف شحال من واحد منهم… أصبح مندوبا مكلفا بحقوق الإنسان؟
… شوقي بنيوب يعلم جيدا، أن واحدة من النقاط الأساسية في مباشرة ملف سنوات الرصاص بالمغرب، كانت هي نقطة تحميل المسؤولية للقضاء الذي اعتُبر شريكا أساسيا في إصدار أحكام جائرة وتبرير وشرعنة امتهان الكرامة والحقوق الأساسية للبشر.
إقرا لنفس الكاتب: من يحكم المغرب؟ … “جهات ما”
سؤالي لبنيوب….
وأنت تقرأ تقريرك عن “حكمة الدولة”… هل تعرف أنه سيأتي على المغرب يوم، قد يصبح لكلامك فيه، نفس وقع أحكام سنوات الرصاص؟
أنه… قد يأتي يوم، تصبح فيه… مجرد شريك، ليس لبودرقة في “كذلك كان”، ولكن… في رواية أخرى عنوانها “بسبب بنيوب… هكذا كان”.
في الأخير…
أعتذر لكم جميعا…
فعلا… ملي ما يبقا ما يدار، نكتب عن حكمة الدولة، وعن بنيوب…
من قال إن الطبيعة تكره الفراغ؟
الطبيعة… تعشق أشباه بنيوب.
وهذا بعض من كلام.
حين تدكرك جمالية مقالة بالإبداعات العظيمة لجورج برنارد شو. حقيقة هدا التعيين يلزمنا بتدشين البحث العلمي انطلاقا من الحضانة.