النظام الأساسي لموظفي التعليم: تمييز، تراجعات نقابية، احتجاج يلوح في الأفق
النظام الجديد يعزز استمرار الاحتقان، وهذا تتحمل الحكومة مسؤوليته بمعية الأطراف التي ساهمت في إخراج النظام، الذي يعد انتكاسة جديدة في ظل تراجع أدوار المدرس وسلطته في المجتمع بسبب الهجوم على وضعه الاجتماعي والمادي.
صادق المجلس الحكومي الأربعاء27 شتنبر 2023، على مرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية. وكانت الوزارة الوصية قد أشارت في بلاغ لها أن “هذا المرسوم يندرج في إطار تنفيذ أحكام القانون-الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وفي سياق تفعيل التوجهات الواردة في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إلى تحقيق نهضة تربوية حقيقية عبر الاستثمار في تكوين وتحفيز المدرسين قصد جعلهم الضامنين لنجاح تعلم التلميذات والتلاميذ.
في الوقت الذي تسعى فيه الوزارة لتنزيل هذا النظام، يشهد الشارع النقابي جدلاً بين الرفض والقبول والتزام الحياد، فيما أعلنت التنسيقيات التعليمية رفضها للنظام الأساسي الجديد معلنين بذلك موسما آخر للاحتجاج.
نظام التمييز والزحف
يقول مصطفى الكهمة، عضو لجنة الإعلام “للتنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد”، في حديث لمرايانا: النظام الجديد لم يجب بتاتا على مطلبنا، والذي يتمثل في الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية، بإحداث مناصب مالية في إطار نفقات الموظفين في قانون المالية.
حسب المتحدث، فإنَّ هذا النظام أجَّج الوضع التعليمي الذي كان محتقنا من قبل؛ حيث لم يستجب الى متطلبات الشغيلة التعليمية ليس فقط “المفروض عليهم التعاقد”، وإنما حتى باقي الفئات؛ حيث نجد أن الأثر الرجعي غير موجود، رغم وجود اتفاق منذ أبريل 2011 يقضي بتمكين هؤلاء من الترقي إلى خارج السلم… لكن لم يطبق على أرض الواقع.
يضيف عضو التنسيقية أن ملف حاملي الشهادات بدوره شهد ضربا للحق في الترقية بالشهادة، حيث ثم اشتراط مباراة للترقية بالشهادة. وهنا لا معنى لتلك الشهادة في ظل وجود المباراة أو الامتحان حسبَ هذا النظام، الذي جاء بتسمية جديدة وهي النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، وليس النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، وهذه تسمية تخفي وراءها ما تخفي.
المتحدث قال إن التسمية دليل على كون النظام يجمع فئتين، واحدة خاضعة للنظام الأساسي للوظيفة العمومية، وهي موظفة وفقَ مناصب مالية، وأخرى هم مستخدمو الأكاديميات وهم الأساتذة وأطر الدعم “الذين فرض عليهم التعاقد”.
وأورد الكهمة أنَّ المادة الأولى من النظام تميز بين “المفروض عليهم التعاقد” والأساتذة الرسميين. تقول المادة الأولى “يسرى هذا النظام الأساسي الخاص على موظفي قطاع التربية الوطنية والأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ويشار إليهم فيما يلي من هذا المرسوم بالموارد البشرية”.
يقول عضو التنسيقية: “نعتبر هذا النظام تراجعيا، زحف على مجموعة من الحقوق، كما أن النظام التأديبي جد مجحف في حق الشغيلة التعليمية وكأنه جاء لكي يعادي الشغيلة ويضيق عليها.
ضبابية وتراجع
من جهته، عبد الله غميمط، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم/ التوجه الديمقراطي، قال في حديث لمرايانا أن “النظام الأساسي يُعتبر تراجعيا، لكونه يكرس التعاقد ويقوي إطاره القانوني مقارنة مع الوثائق السابقة”.
الفاعل النقابي انتقد إشكال تسقيف التوظيف، معتبرا أنه غير مسبوق في الأنظمة الأساسية، فضلا عن منظومة الترقي وارتباطها بمؤشرات القطاع الخاص وأبرزها المردودية، وكذا منظومة التقويم واعتمادها على مؤشرات لمهام لا تدخل في اختصاصات المدرسات والمدرسين، على سبيل المثال مؤشر آثار التعلم لدى التلاميذ والتلميذات.
المتحدث شدد على مطلب ضرورة مراجعة العقوبات، غير أن النظام أبقى عليها، ومنها العزل، وهذا له تداعيات على القطاع ككل من قبيل الحرمان من الحركة الانتقالية واجتياز مباريات الترقية.
حكومة كاذبة
عبد الوهاب السحيمي، الفاعل التربوي وعضو المجلس الوطني لتنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، يقول في حديث لمرايانا إن هذا النظام سعى إلى الإقصاء من أي تعويض وأي زيادة في الأجور. طبعا هنالك تعويضات للفئات الأخرى، وهذا نثمنه، يقول السحيمي، “ولكنه من المؤسف أن يتم إقصاء الأساتذة من التعويضات بالرغم من كون الحكومة، مباشرة بعد تعيينها، أكدت على الرفع من أجور الأساتذة، خاصة الأساتذة الذين يتقاضون 5000 درهم، حيث وعدت بأن ترفعها الى 7500 درهم”.
السحيمي قال إن النظام لم ينصف الفئات المعنية باتفاق يناير 2023، مثل حاملي الشهادات والدكاترة وغيرهم من الفئات المتضررة، ولا زالت الوزارة تماطل في تسوية هذه الملفات التي حصل فيها اتفاق نهائي.
حسب السحيمي، فإن الأساتذة المتعاقدين، هم كذلك ضحايا هذا النظام الذي لم يقم بإدماجهم في النظام العام للوظيفية العمومية. وعوض أن يتم إدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية، تم إدماجهم في هذا النظام الخاص بموظفي الوزارة.
نكوص نقابي وغليان شعبي
شدد عبد الله غميمط على أن المصادقة على النظام، انتصار للحكومة في ظل تقاعس وتواطؤ الحركة النقابية، والإقصاء الممنهج للحركة النقابية التي عبرت عن موقفها من اتفاق 14 يناير واصطفت إلى جانب كل الضحايا.
غميمط قال إن النظام الجديد يعزز استمرار الاحتقان، وهذا تتحمل الحكومة مسؤوليته بمعية الأطراف التي ساهمت في إخراج النظام، الذي يعد انتكاسة جديدة في ظل تراجع أدوار المدرس وسلطته في المجتمع بسبب الهجوم على وضعه الاجتماعي والمادي.
المتحدث دعا إلى تجديد العزم على النضال مع كل الضحايا، وقد تم الإعلان عن وقفات احتجاجية داخل المؤسسات التعليمية وإضراب ابتداء من يوم الخميس 5 أكتوبر، فضلا عن وقفة أمام مبنى الوزارة.
أما مصطفى الكهمة، فقد أورد أن “شركاء هذا النظام “شركاء في مجزرة”. هنا يُطرح السؤال: أي دور للنقابات الأربع طيلة مسار إعداد هذا النظام والتي فاق 30 جلسة وهل دفاعها كان عن الشغيلة التعلمية أم الوزارة الوصية؟”.
كثيرون انتقدوا النظام الأساسي: تنسيقيات، بعض النقابات، فعاليات تربوية وغيرهم، معتبرين أن النظام الجديد محاولة من الحكومة، الزحف على المطالب الأساسية لرجال ونساء التعليم وهو ما ينذر بموسم سيشهد احتجاجات لتنسيقيات قد تخرج للعلن تعوض الفراغ النقابي الحاصل.