مجتمع الميم-عين: تقرير جديد عن الصحة العقلية والجنسية
نحتاج خدمات معينة للعابرين والعابرات بالمغرب بالنظر إلى غياب المرافقة في الصحة النفسية والجنسية، حيث إن هناك فئة كثيرة تتلقى جرعات وهرمونات دون مرافقة طبية، لأن الأطباء لا زالوا يعتبرون أن العبور الجنسي مرض، وهذا في حد ذاته تصور يجب تغييره، لتكون الحياة أسهل لهاته الفئة المهمشة من طرف الأسر والمجتمع والمسؤولين
أصدرت منظمة نسويات تقريراً يهم مجتمع الميم عين، وهو التقرير الثاني لسنة 2023. هذا الأخير عبارة عن دراسة أُجريت على مدار سنتين تعاوناً مع مجموعة من الباحثين، حيث تناولت الحالة الصحية العقلية والجنسية لمجتمع الميم/عين في المغرب. كما أنه خطوة أساسية نحو التغيير الإيجابي بهدف تعزيز التفاهم والوعي، ومناصرة حقوق أفراد مجتمع الميم/عين في المغرب.
تطبيب مفقود
تقرير المنظمة، الذي حصلت مرايانا على نسخة منه، أشار إلى أن من بيـن 72 شـخصا تمـت مقابلتهم وثبتت إصابتهم بـ”COV2″، 28 عانـوا مـن حالـة حرجة من المرض، ضمنهم 16 شـخصا احتاجوا إلى دخول المستشـفى، تمكـن 8 منهم فقـط مـن الحصول علـى سـرير.
المنظمة كشفت أن الدراسة استهدفت الحالة الصحية لـ 125 شخصا من “مجتمع الميم/عين” في المغرب، والمنتمين إلى الجيلين “Y” و”Z”، حيث تم التركيز على الصحة العقلية والجنسية لأفراد مجتمع الميم/عين في المغرب، كما أجرت مقابلات مع أكثر من 100 فرد من مجتمع الميم.
يشار إلى أن التقرير شمل مجموعة من المجالات؛ ضمنها الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه أفراد “مجتمع الميم/عين” في المغرب، فضلا عن إشكالية حصولهم على الرعاية الصحية، رَفَاهِهِمْ الجنسي والعقلي، التي تم فحصها عبر عوامل مثل العمر والهوية الجنسية والمنطقة الجغرافية.
جميع الذين أجروا اختبار الكشف عن “كوفيد-19” إيجابـي أو سـلبي، قاموا بتقييم لصحتهـم الجسـدية والعقليـة قبـل وبعـد الإصابة بكوفيد، حيث كانت النتيجة “اسـتجابات تتـراوح من لا تغيير تقريبا، إلـى أسـوأ نسـبيا علـى التوالـي”.
ظروف مادية صعبة
المصدر ذاته أكد أن 72 في المائة مـن مجتمع الميم/عين اضطـروا إلـى تأجيـل الزيـارات الطبيـة بسبب نقـص المـال. وبخصوص الأمراض غير السارية، فإن 44.7 في المائة يعانـون مـن حالـة مرضية مزمنة، منهـم 38.2 في المائة لا يقومون بالمتابعة الطبية المنتظمـة.
التقرير أشار إلى أن الأمراض العقليـة وأمراض الجهاز التنفسي كانت مرتفعة، فيما 16.3 يعانون من إعاقات بصرية أو نفسية. إلى جانب الحقائق والثغرات والاحتياجات الحالية لأفراد مجتمع الميم/عين، التي كشف عن التقرير، مبرزا تأثير “كوفيد 19” على مجموعة تكافح التهميش الاجتماعي والاقتصادي وتقييد الوصول إلى الحقوق الأساسية.
معـدل رضـا المستجوبين عـن حالـة صحتهـم العقليـة هـو 32.20 في المائة، فيما 86 في المائة من الأشخاص المثليين الذين تمت مقابلتهم يستخدمون المؤثرات العقليــة، وجاء التبغ والكحول والقنــب الهندي، على رأس المخدرات الأكثر استهلاكا، ثم بعــض المخــدرات القويـة مثــل النشوة (LSD) والكوكايين، وفق الدراسة.
المصدر ذاته كشف عن معاناة 33.3 في المائة مـن عـدم الراحـة المتعلقـة بالصحة الجنسـية للفئات المذكورة، مبرزا أن الشهادات حـول طبيعـة هـذا الشـعور توزعت ما بين الضيـق والألـم والالتهاب أثناء الحيض لـدى الإنـاث وثنائيي الجنـس، والعلاقـات الجنسـية فـي الغالـب عنـد الذكـور.
شكلت الاضطرابـات الفسـيولوجية/الهرمونيـة المؤثـرة علـى الرغبـة الجنسـية مشكلا رصده التقرير، إلى جانب التعبيـر عـن القلـق، وخلـل النطـق، والاستهلاك الإباحـي، وكذلـك متلازمـات مـا بعـد الصدمـة بعـد الاعتـداء الجنسـي.
يشار إلى أن 53 في المائة مـن مجتمع الميم/عين الذيـن شـملهم الاستطلاع مـن التوعية بالأمراض المنقولـة جنسيا، بمـا فـي ذلـك عبر الإنترنـت، ثلثهم فقـط مـن الإنـاث مقابـل ثلثـين من الذكـور حسب التقرير المذكور.
تهميش وتمييز
حسب مصدر من منظمة نسويات، فإنه، بعد مرور سنتين على كورونا، حاولت المنظمة إنجاز هذا التقرير للحصول على أرقام لمعرفة الحالة الصحية والنفسية والجنسية لمجتمع ميم عين في المغرب، فضلا عن الحالة النفسية والجنسية للمجتمع ككل، والتي تحتاج جُهدا أكبر.
يقول عضو المنظمة، في تصريح لمرايانا، إن مجتمع ميم عين في المغرب مجتمع مُهمش ولا زال هناك الكثير للقيام به لصالح هذا الأخير؛ فضلا عن كونه مجتمعاً غير معترف به في المغرب، خصوصا فيما يتعلق بالعابرين والعابرات جنسيا والأشخاص المعرضين للاعتقال والتوقيف والعنف من طرف الأمن. بالتالي، فهذه الفئة تعيش واقعا معقدا ويصعب عليها الولوج للخدمات الصحية، خصوصا الصحية والجنسية.
حسب المتحدث، فإن منظمة نسويات تُطالب بإسقاط الفصل489 من القانون الجنائي وإلغاء التمييز وتهميش الأشخاص على أساس الهوية الجنسية أو الجندري في مجالات متعددة؛ الصحة، التعليم، فرص الشغل.
عضو المنظمة قال: “إننا نطالب بقوانين تحمي من التمييز تجاه مجتمع ميم عين وتجاه العابرين والعابرات جنسيا، فضلا عن السعي للقطع مع الابتزاز للولوج للخدمات الصحية والأخذ بعين الاعتبار هاته الفئة الموجودة بالمجتمع”.
يقول المتحدث: “نحتاج خدمات معينة للعابرين والعابرات بالمغرب بالنظر إلى غياب المرافقة في الصحة النفسية والجنسية، حيث إن هناك فئة كثيرة تتلقى جرعات وهرمونات دون مرافقة طبية، لأن الأطباء لا زالوا يعتبرون أن العبور الجنسي مرض، وهذا في حد ذاته تصور يجب تغييره، لتكون الحياة أسهل لهاته الفئة المهمشة من طرف الأسر والمجتمع والمسؤولين”.