الاستئناف يصحّح مسار قضية “طفلة تيفلت” ويشدد العقوبات في حق المتهمين
في ما يشبه تصحيحا لحكم قضائي ابتدائي خلف ردود فعل جد مستاءة، قضت الغرفة الجنائية لدى محكمة الاستئناف بالرباط بالسجن عشرين سنة في حق متهم وتعويضا قدره 60 ألف درهم، وكذلك 10 سنوات في حق كل من المتهَمَين الآخرين وغرامة قدرها 20 ألف درهن لكل منهما.
الحكم الاستئنافي جاء بعد محاكمة امتدت لـ13 ساعة، يوم الخميس 13 أبريل 2023، وخلال المحاكمة استمر ثلاثيّ المتهمين بإنكار المنسوب إليهم جملة وتفصيلاً، فيما تم الاستماع للطفلة الضحية في جلسة سرية، حيث أكدت أن الجناة الثلاثة عرضوها للاغتصاب المتكرر.
كما استمعت المحكمة، في ذات الجلسة السّرية، أيضا للطّفلة الشاهدة التي رافقتها مشرفة اجتماعية ضمن عملية المواكبة والدعم، وقررت المحكمة فتح تحقيق مع هذه الطفلة، نظراً لكونها قريبة طرفا أصليا في الجريمة، بما أنها كانت تحضر للحظات الاغتصاب الفظيعة التي كانت صديقتها الطفلة سناء ضحيتها.
ممثل النيابة العامة قال في كلمته إنّ “الحكم الابتدائي الصادر في هذه النازلة كان صائبا بإدانته للمتهمين ونتفق معه، فيما نختلف مع الغرفة الجنائية الابتدائية في تقديرها للعقوبة وتمتيع المتهمين بظروف التخفيف”، ملتمسا تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بالإدانة ومن ثمّ تعديله والقول بأقصى العقوبات… ولو كان النص يسعفني لالتمست الإعدام”؛ معتبراً أن “الجناة مذنبون أمام الله والمجتمع ولا عذر لهم”.
المسؤول القضائي ذاته طالب بأقصى العقوبات إحقاقا للحقّ، و”رحمةً لطفلة أعدمت طفولتها؛ ورحمةً لمجتمع يئن وينتظر الحكم العادل الزاجر” مشددا أنّ “ما حدث لهذه الطفلة أمر فظيع ينفطر له القلب”، واستدل وكيل الملك بنتائج الخبرة الجنينية التي بينت بنسبة 99.99 أن أحد المغتصبين هو أب للجنين، ليخلصَ أنّ “الأدلة ساطعة سطوع الشمس في السماء، وإنكار المتهم ما هو إلا تملص من العقاب”.
من جهته، طالب دفاع الطفلة الضحية بتشديد العقوبة إلى أقصاها في حق المتهمين الثلاثة، عبر تصحيح الحكم الصادر ابتدائيّا، ملتمسا الحكم بتعويض شهري ليكون نفقة تواكب نمو الطفل حديث الولادة لتغطية حاجياته الأساسية، إلى حين سنّ البلوغ. بينما طالب دفاع المتهمين ببراءة الأظناء والتمس تمتيعهم احتياطيا بظروف التخفيف لفائدة الشك.
ولابدّ من الإشارة، هنا، أنّ استئناف هذه القضية، جاء بعد صدور حكم قضائي “صادم” و”غريب” في مارس 2023، تمّ الحكم فيه على المغتصبين الثلاثة، لطفلة تبلغ من العمر 12 سنة، بسنتين سجنا نافذا فقط لواحد منهما، و18 شهراً نافذة للشخصين الأُخريَيْن.
حينها، راسلت الباحثة السوسيولوجية سمية نعمان جسوس وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وخلّف ذلك موجةً من الاستياء والغضب لدى فعاليات حقوقية ومدنية تعنى بحقوق المرأة والطفل، فضلاً عن الغضب الشعبي العارم الذي اجتاح وسائل التواصل الاجتماعي منذ خروج القضية للعلن.