طوبى للجبناء فيك… يا وطن
وهذا … “بعض من كلام”. آسف لم أعد أخاف على الوطن. أقصد… لن أخاف بعد اليوم على شيء اسمه وطن. لا وقت للبذخ… لا وقت للعبث. آسف… سأخاف منذ اليوم …
وهذا … “بعض من كلام”.
آسف
لم أعد أخاف على الوطن. أقصد…
لن أخاف بعد اليوم على شيء اسمه وطن.
لا وقت للبذخ… لا وقت للعبث.
آسف…
سأخاف منذ اليوم على أبناء الوطن…
سأخاف على الريف في الوطن.
وطن يرمي بأبنائه في السجون فقط لأنهم أرادوه وطنا بالفعل، وطنا في الأصل، هو في النهاية وطن لا يخاف شيئا… هو في النهاية وطن لا يحتاج لخوفنا عليه…
هو في النهاية، وطن صرنا نخاف فيه. صرنا نخاف منه.
وطن… لم يخف قط من مجازر الريـ(ـع)، لن يخجله بالتأكيد، أن يحزن الريـ(ــف).
يغمض الوطن عينه… عن سنوات القمع، والامتهان، والحكرة… يغمض عينه، عن كل عذابات أرض وناس لم يعرفوا منه سوى الأحلام المؤجلة والكوابيس اليومية، ثم يفتحها ويفتح الناس معه أعينهم على صرامة “قانون” يعاقب الغضب، ويسجنه، ويسجننا معه لثلاثة قرون.
… بعيدا عن كل لغات الألم المستعارة، عن كل لغات المواربة… عن كل مفردات الصمت، تعالوا نندب بعضا من حظنا…
نعم… ما حدث في محاكمتـ(ــنا) في الريف، أمر جلل. ما حدث … مخيف فقط.
ما حدث، هو ببساطة، مزيد من فتح الجرح… من رش الملح عليه. ما حدث… هو بكل برودة اللغات، قطع ما تبقى من حبل سري يجمع فقراء البلد بمعنى الوطن.
في بلد الريع… المجرم ريف؟
3 قرون حبسا لغضب الريف… وطوبى للريع؟
يغضب الفقراء في الريف، فيلتهم الوطن أحلامهم… وغضبهم، ومستقبلهم، ويغمض ذات الوطن عينه… وقلبه، وما تبقى فيه من حواس، على كل غيابه عن الريف.
يغمض الوطن عينه عن غياب معنى الوطن للريفيين، عن غياب الوطن في الريف.
يغمض عينه… عن سنوات القمع، والامتهان، والحكرة… يغمض عينه، عن كل عذابات أرض وناس لم يعرفوا منه سوى الأحلام المؤجلة والكوابيس اليومية، ثم يفتحها ويفتح الناس معه أعينهم على صرامة “قانون” يعاقب الغضب، ويسجنه، ويسجننا معه لثلاثة قرون.
في بلدي… لا يعاقب الوطن الريع. لا يغضب منه.
ثروات المغاربة، من بحر وبر ورمل وحجر وشجر ورخص نقل ورخص حانات، يمنحها الوطن للنافذين والمحظوظين وغير المحتاجين وعلى خدام الدولة من سماسرة السياسة وقتلتها… ثم يغضب ذات الوطن، من أهل الريف حين يطالبون ببعض من وطن.
يطالب أبناء الريف وطنهم، بمستشفى، فيمنحهم الوطن سجنا.
يطالبون الوطن بجامعة وفرص شغل… فيُخَوِّنهم ساسة الوطن، ويدينهم قضاء الوطن.
في محاكمتـ(ـنا) في الريف، فهمنا اليوم، أن…الوطن قوي… وأن الدولة في الوطن قوية، وأن القضاء في الدولة قوي. وأن وطنا بكل هذه القوة… لا يجب أن يخاف عليه أحد.
على امتداد تاريخ طويل، كان الريف مجرد بقعة منسية من وطن. كان مجرد لعنة تاريخ وجغرافيا. لعنة بدأت خيوطها مع حكاية مجد وبطولة عنوانها شامخ بحجم عبد الكريم الخطابي… الذي لم يستطع “الوطن” إلى اليوم أن يحضن قبره ورفاته.
لعنة…ستعود للعلن من جديد، سنة 1958، حين قاد ولي العهد حينها، الراحل الحسن الثاني حملة لإخماد ثورة شعبية بالريف، استعملت فيها الطائرات ومختلف أنواع الأسلحة…قبل أن يعود الراحل، وهو ملك هذه المرة، لوصف أبناء الريف المحتجين بـ “الأوباش“، حين كان المغرب يوقع على تظاهرات شعبية سنة 1984.
هكذا… ظلت حكاية الريف مجرد مرادف للعنة وغضب، وظلت عقيدة الصمت، تحتفي بمعابدها وحرسها وسدنتها، إلى أن غضب الريف من جديد، وخرج أبناؤه يذكرون الوطن بحقهم فيه… فكانت النتيجة، ثلاثة قرون من السجن… ثلاثة قرون من غياب الوطن.
إقرأ أيضا ملف مرايانا: هذه تفاصيل ليلة سجن الريف لـ3 قرون..
في محاكمتـ(ـنا) في الريف، فهمنا اليوم، أن…
الوطن قوي… وأن الدولة في الوطن قوية، وأن القضاء في الدولة قوي.
وأن وطنا بكل هذه القوة… لا يجب أن يخاف عليه أحد.
ربما… لم يفهم بعضهم في هذا الوطن، أن مباشرة سؤال الريف وغضب أهلنا في الريف، كان يمكن التفاعل معه بالكثير من الطرق…
وكان يمكن اقتراف الأخطاء فيه… بالكثير من الطرق…
وكان يمكن لكل طرق التفاعل معه، وكل الأخطاء، أن تكون سيئة، أن تكون فاشلة، لكن…
لم يكن مطلوبا بالمرة، أن تكون هذه الطرق مخيفة. مخيفة ومرعبة…بثلاثة قرون من السجن.
في زمن ما، قال المهاتما غاندي ما معناه:
“الخوف، له فائدة ما. الجبن لا فائدة منه على الإطلاق”.
لأجل هذا يا وطني…
لست أخاف عليك اليوم. إذ الخوف له فائدة ما… وأنا لست أراها.
فطوبى للجبناء.
سلمت اناملك.
بالتوفيق و النجاح
well said Hicham!!I think you are the one who should be called Morocco’s spoksmind.
اعجبت بالمقال…..