من اليمن، عبده محسن الحاج يكتب: النصوص الدينية بين المضمون والوعاء
كتب الأستاذ منذر الخراساني كلاما مهما حفزني على التعليق عليه بشيء من الاستفاضة، ولهذا سأضع هنا ما كتبه أولا، يليه تعليقي عليه: منذر الخراساني: “جيل الشباب يتجه الى الليبرالية والعلمانية …
كتب الأستاذ منذر الخراساني كلاما مهما حفزني على التعليق عليه بشيء من الاستفاضة، ولهذا سأضع هنا ما كتبه أولا، يليه تعليقي عليه:
منذر الخراساني: “جيل الشباب يتجه الى الليبرالية والعلمانية لأنها تعطي وعودا بتحسين شروط الحياة والحرية… إلى آخر هذه العناوين البراقة، ويفرون من الفكر الاسلامي لأن معظم القائمين عليه يعطون وعودا بالسحق والتطهير والجحيم، بل قد يصلون بالدعوة لقتل من يخالفهم في الرأي !!!!”
منذر الخراساني
23-11-2013
كرد على منذر الخراساني، أود أن أضيف ما يلي:
في رواية “رحلة إبن فطومة” للأديب الراحل نجيب محفوظ، تم تسليط الضوء على هذه المعضلة بشكل مدهش، حيث أن بطل الرواية، الرحالة قنديل، كلما كان يصل إلى منطقة من مناطق رحلته، كان يتأمل ويسأل عن جوانب كثيرة من حياة الناس فيها، وخاصة الأمور المتصلة بمعتقدات المنطقة وعلاقتها بشؤون دنياهم، ويقارن كل ذلك بما هو عليه الحال في ديار المسلمين التي انطلق منها في رحلته.
يبدو من الجلي الواضح أن أوعية النصوص هذه، سواء كانت أفرادا أو جماعات، هي التي تضر النصوص والشرائع أكثر مما يضر بها سواها، لأنها تعمل بطريقة التنفير بدلا عن طريقة التبشير، ولأنها تقدم نفسها وصية على النصوص والشرائع ووكيلا لله ومعبرا عن رأيه ومنفذا لإرادته
في إحدى المرات، علق الرحالة قنديل بعبارة قصيرة على ذلك قائلا: ديننا عظيم وحياتنا وثنية!!!
وهنا تكمن من وجهة نظري الإشكالية الكبرى في حياتنا. أقصد إشكالية التباين الكبير بين ما نعتقده وبين ما نفعله. بين ما نمتلكه من نصوص ومبادئ ومناهج وشرائع وطرق ومقومات، وبين ما نعيشه من انحطاط وتشظي وبؤس نتج عنه واقع مزري في أمور الدين والدنيا.
اقرأ لنفس الكاتب: فتاوى للمرأة؟
إذا ما بحثنا عن سبب أو أسباب هذا الإنفصام، فسنجد أن الأوعية المعنية بتقديم النصوص، سواء كانت هذه الأوعية أشخاصا أو جماعات، غالبا ما تكون مجانبة للصواب في سبل وآليات تقديماتها، وغالبا ما تلجأ إلى ما ينتج عنه التنفير… تنفير لا يقتصر عند المتلقي على تلك الأوعية وآلياتها، وإنما يمتد إلى النفور من النصوص ذاتها، فيتكون بذلك رد فعل أول بأخذ موقف سلبي من النصوص. رد الفعل هذا يتمخض عنه وعي سطحي بعدم أهلية وجدارة هذه النصوص لتحقيق الحياة المنشودة.
في إحدى المرات، علق الرحالة قنديل بعبارة قصيرة على ذلك قائلا: ديننا عظيم وحياتنا وثنية!!!
رد الفعل الثاني يكون بالتوجه إلى البحث عن بدائل قد تقدمها نصوص، معتقدات أو نظريات أخرى لتبدأ بذلك دورة صراع جديدة، إذ سرعان ما تبادر أوعية النصوص الى الحكم على هذا التوجه وأصحابه بالخروج عن النص والتمرد عليه أو الارتداد عنه (الردة).
اقرأ أيضا: حسين الوادعي يكتب: خدعوك فقالوا: الغرب متقدم مادياً، لكننا متقدمون أخلاقياً!
عند هذه النقطة، تتحفز روائح التخوين والتكفير وتفوح روائح الترهيب والدماء التي يسهل على أوعية النصوص ممارسة حذاقاتهم وفذلكاتهم المعتادة في تفسيرها وتأويلها على النحو الذي يناسبهم؛ أي على نحو تصبح فيه فتاوى تحل الحرام وتمني من يبادر إلى تنفيذه بالجنة ونعيمها الأبدي.
هنا، يبدو من الجلي الواضح أن أوعية النصوص هذه، سواء كانت أفرادا أو جماعات، هي التي تضر النصوص والشرائع أكثر مما يضر بها سواها، لأنها تعمل بطريقة التنفير بدلا عن طريقة التبشير، ولأنها تقدم نفسها وصية على النصوص والشرائع ووكيلا لله ومعبرا عن رأيه ومنفذا لإرادته، متجاوزة بذلك حتى مفهوم وطبيعة دور الرسل والأنبياء (إنما أنا نذير) (لست عليهم بمسيطر ) (وما على الرسول إلا البلاغ).
عموما، فقد قالت العرب قديما: إذا أردت قضاء الحاجة، فاستحسن الرسول.
ما نعتقده…!…وما نفعله….؟…
كثير من معتقداتنا تتطابق مع ما نفعله……اما عن القيم الاخلاقية…فالحسن منها مرغوب فيها عند جميع الامم،سواء كانوا متدينين ام ملحدين….
اليس مرغوب ،في ما نعتقد ،عدم موالاة الكافر وخصوصا الملاحدة….مثلا…..لا يستطيع المسلم ان ينكر ،وان فعل فهو ينكر المعلوم من الدين…..يتفق العلماء على قولة (من نكون نحن حتى نغير ما امر الله به )…..