ثريا الشاوي: أصغر وأول قائدة طائرة في المغرب، إفريقيا والعالم العربي! 1\3الجزء الأول
كانت استثنائية. … من سيقول إن فتاة مغربية في ثلاثينيات القرن الماضي، ستردد في قرارة نفسها “سأصير يوما ما أريد”. وما تريد، هو أن تكون يوما ما قائدة طائرة؟ أن …
كانت استثنائية.
… من سيقول إن فتاة مغربية في ثلاثينيات القرن الماضي، ستردد في قرارة نفسها “سأصير يوما ما أريد”. وما تريد، هو أن تكون يوما ما قائدة طائرة؟ أن تكون قائدة طائرة في عهد كان خروج المرأة وحده، يعد ضربا لعادات المجتمع بعرض الحائط، وخروجا صارخا عن المألوف.
وكأنها ولدت طائرا. بعد بضع سنين، ستحلق في السماء مع الطيور، وستكون أصغر وأول طيارة في تاريخ المغرب. كان ذلك تحديا للمستعمر، وكان فخرا للمغرب. لكن في 19 من عمرها، وهي بعد في عمر الزهور، ستشيع شهيدة للوطن، بعد أن اغتالتها أيادي الغدر، واغتالت معها حلما كان ليكون له شأنا أعظم.
اقرأ أيضا: ثريا الشاوي: مسار متفرد وانبهار عالمي
في هذا البورتريه، بعض من نجاحات كبيرة، لحياة قصيرة عاشتها ثريا الشاوي، شهيدة الوطن، وشهيدة أحلامها.
ميلاد طائر
في أحد صباحات دجنبر 1936، سترى ثريا الشاوي النور بمدينة فاس، تحديدا بحومة القلاقليين، لأب رائد في المسرح بالمغرب آنذاك، اسمه عبد الواحد الشاوي، وأم اسمها زينة.
ركبت حينها ثريا الطائرة، ركبتها لأول مرة في حياتها، ثم كان الطبيب صادقا، فقد شفيت، لكنها التقطت حينذاك فيروسا آخر.
في كنف هذه الأسرة ستنشأ ثريا. وإذا كانت الفتيات عادة يحبن اللهو بالدمى وألعاب الأطفال الأخرى، فإن ثريا منذ فجر صباها، ستولع بالألعاب المكانيكية الصغيرة، من سيارات وطائرات. ولكم رمقت أيضا بإعجاب كبير الطائرات وهي تحلق فوق منزلهم.
رب ضارة نافعة
أطفأت ثريا الشاوي شمعة عامها الثالث، فألم بها مرض صدري جاثم، أرق والدها. وحين أخذها إلى طبيب بفاس، نصحه بأن يأخذها إلى مطار المدينة، فيبحث عن طيار يقوم لها بجولة في السماء، علّ هواء الأعالي، يشفي مرضها.
المدرسة كانت مخصصة لأبناء الفرنسيين وحسب. هؤلاء اعتبروا ولوج ثريا للمدرسة، وهي صغيرة، وهي أنثى، وهي مغربية، تحديا فظا لهم.
لم يتردد الأب عبد الواحد كثيرا، وراح يبحث عمن يساعده في مسعاه، حتى وجد أخيرا من يحقق له ذلك. ركبت حينها ثريا الطائرة، ركبتها لأول مرة في حياتها، ثم كان الطبيب صادقا، فقد شفيت، لكنها التقطت حينذاك فيروسا آخر. فيروس سيرافقها مدى حياتها القصيرة، فيروس حب الطيران!
فتاة، مغربية، صغيرة، في مدرسة للطيران؟!
في زمن كان فيه التفكير في امرأة تقود طائرة ضربا من الجنون، أصرت ثريا على ولوج مدرسة “تيط مليل” للطيران. ولكم كان تحقيق حلمها صعب المنال، فالمدرسة كانت مخصصة لأبناء الفرنسيين وحسب، فهؤلاء اعتبروا أبناء جنسهم مضرب مثل في التفوق، ورأوا في ولوج ثريا للمدرسة، وهي صغيرة، وهي أنثى، وهي مغربية، رأوا في ذلك تحديا فظا لهم.
اقرأ أيضا: ثريا الشاوي: اغتيال أسطورة
بطريقة ما، ولجت ثريا الشاوي المدرسة، وانتقلت كل العائلة معها إلى تيط مليل وهي بعد صبية. فدرست وحيدة بين نخبة أوروبية، واجتهد أبواها في توفير تكاليف المدرسة، وتكاليف تنقلها. وبالرغم من نظرات الازدراء والدونية، التي لمستها في زملائها الذكور، أبت إلا أن تواصل مسيرها، بدعم وحماية من أستاذها الإسباني.
في الجزء الثاني من هذا البورتريه، نحكي قصة تخرج ثريا الشاوي ونيلها لشهادة الكفاءة لقيادة الطائرات بامتياز، وانبهار العالم وإشادته بها، ونرسم بعضا من ملامح شخصيتها، كمناضلة وأديبة وممثلة.
لقراءة الجزء الثاني: ثريا الشاوي: مسار متفرد وانبهار عالمي 2\3
لقراءة الجزء الثالث: ثريا الشاوي: اغتيال أسطورة 3\3
الحلم طائر حر يحتاج فقط قلبا جريئا
وإرادة تكسر الحدود
بالعزيمة والأسرار تنال الغايات وتحقق المستحيلات ☺☺