واصفا التدبير القانوني بالأضعف… تقرير حقوقي يشيد بإدارة المغرب لأزمة كورونا
أصدر مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية ومركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، الإثنين 13 يوليوز 2020، تقريرا بعنوان “تدبير حالة الطوارئ الصحية بالمغرب… الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان”.
التقرير الذي يقع في 163 صفحة، جاء كتقييم أولي لنجاعة التدابير التي اعتمدها المغرب لمواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وقد غطى الفترة ما بين 20 مارس و10 يونيو 2020.
واستنادا إلى الملاحظات الأولية المستخلصة من التجارب الدولية في مواجهة “كوفيد-19″، اعتبر التقرير أن المغرب، وفي حدود ما يتوفر عليه، أبدع أسلوبا تضامنيا خلاقا للتخفيف من صدمة الأزمة.
ووصف استجابة السلطات حيالها بـ”السريعة والقوية”، بحيث مكنت من تجنب كارثة محتملة ومحدقة في ظل بنيات غير مهيأة لمثل هذه الحالات، حتى إنها “كسبت ثقة المغاربة وانخراطهم في دينامية بوعي ومسؤولية وانضباط على العموم”.
على أن التقرير اعتبر التدبير القانوني لهذه الأزمة بالحلقة الأضعف في مسلسل الإجراءات والقرارات التي تم اتخاذها في هذا الصدد.
وقال إن إعلان حالة الطوارئ الصحية كان مجرد قرار إداري لا سند قانوني له، مشيرا إلى غياب نص قانوني صريح ينظم حالة الطوارئ، رغم الحاجة إليه سابقا في كوارث طبيعية وهزات اجتماعية.
اعتبر التقرير أن المغرب، وفي حدود ما يتوفر عليه، أبدع أسلوبا تضامنيا خلاقا للتخفيف من صدمة الأزمة.
كونها قرارا إداريا، يوضّح، يؤثر سلبا على الهدف من اللجوء إلى فرضها كما يدخلها في دوامة نقاشات مسطرية حول شرعيتها.
التأكيد على هذه النقطة، بحسب التقرير، ليس من أجل التشبث بالشكليات الإجرائية، إنما لأن المملكة لا تعيش فراغا قانونيا يحول دونها وإضفاء الشرعية على قرار إداري من حجم الطوارئ الصحية.
ولم يفت التقرير، في السياق ذاته، الوقوف عند مشروع القانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل، الذي اعتبره كارثة بكل المقاييس، سواء من حيث موضوعه أو توقيته.
من جهة أخرى، أشاد بالدور الحاسم لنساء ورجال السلطة في نجاح تنزيل الحظر الصحي على أرض الواقع، مبرزا أنهم أظهروا قدرة كبيرة في تدبير الأزمة بواسطة الإقناع.
وقال إن التجاوزات بهذا الشأن، تبقى محدودة، ولا ينبغي أن تكون سببا في تجاهل التدبير “الحكيم وغير المسبوق” لأزمة من هذا الحجم.
على أنه شدد على عدم جواز بقاء أي تجاوز خارج المساءلة وترتيب الجزاء المناسب وفق قواعد المحاكمة العادلة، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني قد فتحتا تحقيقا في الادعاءات ذات الصلة.
وصف مشروع القانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل، بكونه “كارثة بكل المقاييس، سواء من حيث موضوعه أو توقيته”.
بالمقابل، أشار إلى أنه لم يعد مقبولا عدم توفر وزارة الداخلية ومختلف القوات العمومية على موقع إلكتروني، بما فيه نافذة لتلقي الشكايات، رغم الجهود المبذولة في هذا الصدد على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي.
على صعيد آخر، شدد التقرير على أن الأزمة الصحية هذه تسائل السياسة العمومية في المملكة، قبل وبعد الجائحة، على الأقل من زاويتين.
الأولى أنه لم تُحدث لجنة أو هيئة تفكير واقتراح حلول، إنما تم اتخاذ إجراء عملي من خلال إحداث “الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا”.
هذا النهج، بحسب التقرير ذاته، يحيل على مساءلة إجراءات تُشكّل أساس بناء الدولة المغربية في عهد الملك محمد السادس.
أما الثانية فتسائل الهشاشة الاجتماعية التي شكّلت صعوبة في وجه سلاسة تنزيل مقتضيات الحجر الصحي.
أوجه الهشاشة هذه، يقول التقرير، متنوعة؛ انطلاقا من “كارثة” التعمير إلى الصحة والتعليم ومنسوب الحس المواطني والانعكاسات الاقتصادية وما يرتبط بتوزيع الثروة.
كل هذا، يُتابع، ينبغي أن يتصدر قائمة السياسات العمومية لمرحلة ما بعد الأزمة وبأدوات متجددة.
أشاد بالدور الحاسم لنساء ورجال السلطة في نجاح تنزيل الحظر الصحي على أرض الواقع، وقال إن التجاوزات بهذا الشأن، تبقى محدودة، ولا ينبغي أن تكون سببا في تجاهل التدبير “الحكيم وغير المسبوق” لأزمة من هذا الحجم.
من جانب آخر، اعتبر المركزان أن الإجراءات الصحية التي اتخذها المغرب لمواجهة الأزمة تتوافق في مجملها مع التوصيات والمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
التقرير أشار إلى أنه تم بذل جهود لتوفير رعاية صحية يسيرة التكلفة، جيدة ومتاحة للجميع دون تمييز، مبرزا أن المغرب قام بالرفع من طاقة بنيات الاستقبال كما جهّز فضاءات جديدة لاستقبال الأشخاص المصابين.
ورغم افتراض توزيع المعدات والاختبارات الطبية بشكل منصف بين المناطق والقطاعات والأشخاص، يقول التقرير، اعتمدت وزارة الصحة مقاربة متوازنة بهذا الشأن.
وأوضح أنها أخذت بعين الاعتبار درجة الاستعجال ومستوى المخاطر وعدد الحالات ووجود البؤر أو عدم وجودها للاستجابة، بشكل متوازن، لاحتياجات كل جهة من جهات المملكة.
وانتهى التقرير إلى أن الفعالية والتفاعلية في مواجهة هذا الوضع الاستثنائي لا تنفيان ضرورة تقييم هذه التجربة.
وقال إنه قد حان الوقت لمراجعة السياسة العمومية في مجال الصحة من خلال بلورة مقاربة استباقية، والتحرر من إكراهات الميزانية والاستثمار بشكل وازن ومستمر لسد مختلف الثغرات والنواقص.
كما أشار في هذا الصدد إلى أن تنمية الموارد البشرية تتطلب تحسين الأوضاع المادية وظروف العمل لمختلف الفئات العاملة في القطاع.