حميد عنتر يكتب: الشيخ محمد الفايد ومن معه
لو ظلت محاضراته وآراؤه محصورة في علم الأغذية، الذي يفهم فيه على ما يبدو، لظلت مكانته محترمة ومرموقة. لكن انضمامه لجوقة بائعي الوهم، من محترفي التجارة بالدين والإعجاز العلمي والرقية الشرعية وأكل براز الإبل وتحريض المريض على الصيام مهما كان مرضه والحديث عن سبع تمرات التي تمنع السم والسحر…
كل هذا حوله من دكتور مختص في التغذية إلى مجرد تاجر دين وبائع أوهام، بل… أصبح بفتاواه خطرا على صحة المواطنين…
قد نختلف مع الشيخ محمد الفايد وقد نتفق معه، لكن… لا أحد يستطيع أن ينفي مساهمته في إشاعة الثقافة الغذائية الطبيعية السليمة وفي التحذير من المواد الخطيرة على الصحة، غير أن انزلاقاته بدأت تطفو على السطح، منذ بدأ يخلط بين العلم والإيديولوجيا.
لو ظلت محاضراته وآراؤه محصورة في علم الأغذية، الذي يفهم فيه على ما يبدو، لظلت مكانته محترمة ومرموقة. لكن انضمامه لجوقة بائعي الوهم، من محترفي التجارة بالدين والإعجاز العلمي والرقية الشرعية وأكل براز الإبل وتحريض المريض على الصيام مهما كان مرضه والحديث عن سبع تمرات التي تمنع السم والسحر… كل هذا حوله من دكتور مختص في التغذية إلى مجرد تاجر دين وبائع أوهام، بل… أصبح بفتاواه خطرا على صحة المواطنين…
هذا الانزلاق، دفع ببعض الغيورين على صحة الناس، لتوقيع عريضة تطالب بتدخل الدولة لحماية المواطن من هذه الخرافات التي يروج لها “الشيخ الفايد”…
… وما إن علم “زعماء” التيارات المحافظة بأمر العريضة، حتى نادى مناد أن انصروا أخاكم، شيخكم وعالمكم الذي لا يعلى عليه… وانصروا الإسلام والمسلمين ضد الكفار والملاحدة العلمانيين…
وطبعا…هبَّ العشابة والمشعوذون والمهمشون والمنسيون والأميون، والبسطاء الطيبون، عن حسن نية، لتلبية “نداء الإسلام”، فوقعوا العريضة هم وأسرهم، من الشيخ حتى الرضيع، وهب ذبابهم الالكتروني للجهاد، فقاموا بالتوقيع وإعادة التوقيع عشرات المرات، كما عادتهم، ليبينوا للعالم أن عدد آكلي بعر الجمال وشاربي بول البعير في المغرب، يعدون بالآلاف المؤلفة…
هنيئا لكم… نحن نعرف أنكم تعدون بالآلاف، فلولا كثرتكم لما كنا فيما نحن من مهانة وتخلف، نحتل المراتب المتأخرة في كل المجالات، في التنمية، في جودة التعليم، في الخدمات الصحية والاجتماعية، في الأمن والقضاء…
لولا كثرتكم… لما صارت سيرة المغاربة والمغربيات على كل لسان في كل دول العالم. لولا كثرتكم لما ظل ذو المعاشين “كيتبورد علينا” لسنوات، ولما فُرضت علينا سفاهته وضحكاته الشامتة منذ 2011 إلى يومنا هذا… “واش فهتني ولا لا”؟
لولا كثرتكم… لما صار السفهاء والمشعوذون و”الشعبويون المكحطون”، الباحثون عن اللذة والمال والزوجات باسم الدين والسياسة… يقررون في مصير الشعب المغربي منذ سنوات…
إن كثرتكم لو تعلمون، لمؤشر على أن تعليمنا ليس بخير. كثرة عددكم، دليل على أن المسافة بيننا وبين ركب الحضارة والتمدن طويلة جدا…
كثرة عددكم، مؤشر واضح على ما اقترفته وزرعته يد الفاسدين في هذا البلد منذ الاستقلال إلى يومنا هذا من خراب ودمار…
هكذا يريدوننا… خرفانا أميين، يستخدموننا مثل البيادق كما يشاؤون، لصناعة خرائط سياسية وأحزاب وحكومات على المقاس وتحت الطلب. فنحن بالنسبة للحكام الفعليين لهذا البلد، مجرد أرقام وأفواه تستهلك منتجاتهم، وسواعد تشتغل في ضيعاتهم…
مجرد أصوات انتخابية رخيصة تباع بقوالب السكر…
لهذا نشروا الجهل ومولوه وشجعوه ونصروه..
ولهذا… يسهل اليوم، أن ينتصر الجهل لبعضه.
كيف يمكن لباحث في علم التغذية أن يشجع على شرب بول البعير وعصير برازه رغم سموماتها ؛ ويتدخل في الشؤون الطبية رغم انه ليس بطبيب لدعوته لمرضى السكري والأمراض المزمنة للصيام رغم التحذيرات الطبية لذلك؛ كما يتدخل في الشؤون الدينية بإصدار فتاوي التكفير مثلا لكل من يفكر في الٱية(للذكر مثل الأنثيين) أمثلة من تدخل الإسلام السياسي وتشويهه للبحث العلمي…
عندما كنت تلميذا بالمدرسة قرات في كتاب النصوص العربية قصة عجيبة ومثيرة فاعتقدت انها للتسلية والترفيه ..لكن مع الزمن تبين لي انها واقع لكن بشكل رمزي…وعنوانها….(الحيوانات المرضى بالطاعون).