بنسعيد آيت إيدر… “معارض الملوك الثلاثة”رفض تقبيل أيديهم وعارض "دساتيرهم" وكان أول من يسأل عن "تزمامارت" في البرلمان
مواقف عديدة هي تلك التي برز فيها محمد بنسعيد آيت إيدر كواحد ممن لا يهابون التعبير عن آرائهم السياسية…
هذا الرجل الذي يصفه البعض بـ”معارض الملوك الثلاثة”، نموذج قل نظيره في الثبات على المواقف، على نحو جعل منه أحد أبرز المعارضين في تاريخ المغرب المعاصر، كما نتابع في هذا البورتريه.
استيقظ المغرب صباح 6 فبراير 2024، على وقع خبر حزين…
خبر رحيل واحد من آخر الكبار. رحيل رجل حلم بمغرب أجمل، وقاد حلمه مقاوما للاستعمار ومناضلا من أجل ديمقراطية حقيقية واستقلال فعلي… وقاده حلمه إلى محن الأحكام الجائرة والسجون.
يوم 6 فبراير 2024… يرحل الكبير بنسعيد آيت إيدر، كي يستمر حلمه…
رأى محمد بنسعيد آيت إيدر النور، عام 1925، في قرية تين منصور ضواحي اشتوكة آيت باها. نشأ عَجِيا[1] إذ توفيت والدته وعمره لا يربو عن السادسة، وكانت لزوجة أبيه، القادمة من المدينة، لمستها على الأسرة المشبعة بتقاليد الفلاحين، كما قال في مذكراته[2].
درس بنسعيد بالمسيد (الكتاب القرآني) حيث حفظ طفلًا القرآنَ كله. ثم، منذ بداية الأربعينيات، تنقل بين عدد من مدارس سوس، قبل أن يستقر به المقام تلميذا في مدرسة ابن يوسف بمراكش.
فتحت مراكش عينيّ بنسعيد على ما يعيشه المغرب وقد دخل عهد الاستعمار… هناك، آمن بالعمل الوطني، والتقى عددا من القيادات مثل المهدي بنبركة. تلك كانت اللحظة التي رسمت دربه السياسي والنضالي.
اقرأ أيضا: المهدي بنبركة… من المعارضة والنضال الأممي إلى “الأسطورة”! 1\2
مع ذلك، رأى بنسعيد أن المقاومة المسلحة خيار لا محيد عنه لانتزاع المغرب من براثن الاستعمار. هكذا، شارك في قيادة جيش التحرير وتكوين خلايا المقاومة، إلى أن تولى منصب المسؤول السياسي لقيادة جيش التحرير في الجنوب.
رغم محاولات صدّه، إذ بعث الملك الراحل الحسن الثاني بإدريس البصري ليبلغه رسالة تقول: “لا تطرح موضوع المعتقلين السياسيين بالبرلمان!”، سجل التاريخ اسم آيت يدر كالمبادر الأول إلى طرح عدد من القضايا الحساسة في البرلمان، كما فعل حين تجرأ على طرح سؤال عن سجن تزمامارت.
ألهمته في ذلك عملية كريان سنطرال عام 1947، ثم المقاوم أحمد الحنصالي، بداية الخمسينيات. هذا الأخير كان قد حمل سلاحه وبدأ، في مبادرة شخصية، يغتال الفرنسيين مروعا الأطلس المتوسط كله… كان موقفا ملهما لحماس المغاربة، يقول في مذكراته، يدل على البطولة والتحدي.
ثم نال المغرب استقلاله… وحدث أن اتسعت الهوة بين قيادة جيش التحرير واليسار من جهة والنظام الحاكم من جهة أخرى؛ فبينما طالب بنسعيد بعدم حل جيش التحرير، كان الملك يرى خلاف ذلك.
اقرأ أيضا: عبد الرحمان اليوسفي… أيقونة السياسة المغربية!
بنسعيد أسهم أيضا في تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، قبل أن ينسحب منه لاحقا لاختلاف في وجهات النظر. خلاف قيادة الحزب، كان بنسعيد أيت يدر يرى أن على الأخير تبني اختيار ثوري تقدمي له التصاق بالجماهير الشعبية.
… بعدما كان يواجه الاستعمار، وجد بنسعيد نفسه في مواجهة جديدة، هذه المرة ضد النظام الحاكم. أحيانا تعرض للاعتقال، وحينا فر إلى الجزائر، قبل أن يجد نفسه متهما في ما يعرف بـ”مؤامرة يوليوز 1963″، ليفر ثانية إلى الجزائر بينما حكم عليه غيابيا بالإعدام.
منذ ذلك الوقت وبنسعيد في منفاه الاضطراري، في الجزائر بداية، ثم في فرنسا منذ 1964، حيث انخرط في منظمة “23 مارس”، ذات التوجه الماركسي اللينيني…
ظل كذلك حتى صدر عفو من الملك الراحل الحسن الثاني، فعاد إلى المغرب أخيرا… كان ذلك عام 1981.
حين عاد بنسعيد إلى بلاده، ظن البعض أنه مراجعٌ أوراقه وعائد عن أفكاره، فكان أن خيّب آمالهم، إذ ظل ثابتا على مواقفه، لم يزغ عنها قط، وقد عبّر عن ذلك بعودته إلى العمل الحزبي من خلال تأسيسه، عام 1983، حزب “منظمة العمل الديمقراطي” الذي يعتبره البعض امتدادا لمنظمة “23 مارس”.
يوصف بنسعيد اليوم بـ”معارض الملوك الثلاثة”. لا ينتهي ذلك عند رفضه كل دساتير المملكة منذ الاستقلال واعتبارها ممنوحة تكرس ملكية مطلقة ومركزية، بما فيها دستور 2011… ولا يبتدئ ذلك عند رفضه تقبيل أيدي الملوك.
دشن بنسعيد باسم الحزب عمله من داخل المؤسسات، إذ دخل قبة البرلمان نائبا عن المنطقة التي ينتمي إليها عام 1984، وقد ظل يمثلها هناك لـ23 عاما…
رغم محاولات صدّه، إذ بعث الملك الراحل الحسن الثاني بإدريس البصري ليبلغه رسالة تقول: “لا تطرح موضوع المعتقلين السياسيين بالبرلمان!”، سجل التاريخ اسم آيت يدر كالمبادر الأول إلى طرح عدد من القضايا الحساسة في البرلمان، كما فعل حين تجرأ على طرح سؤال عن سجن تزمامارت.
اقرأ أيضا: عمر بن جلون… “شهيد” اليسار المغربي! 2/1
هناك، أخذ الكلمة وطالب بتصفية ملف المعتقلين السياسيين. وحين تدخل أحمد العلوي، طالبه بنسعيد بألا يقاطعه وإلا قال كلاما لن يعجبه… كان سيواجهه، يقول في مذكراته، بالبرقية التي بعث بها إلى بن عرفة حين نصبه الفرنسيون مكان محمد الخامس.
يقول بن سعيد عن تجربته الطويلة في البرلمان: “اكتشفت أن الممارسة البرلمانية لم تتطور إلى ما هو أفضل، بل حصل فيها تراجع كبير منذ أن انتقلت المعارضة التقدمية إلى الحكم… التحاقها بالسلطة إثر مرحلة ما سمي “التناوب التوافقي” ترك فراغا كبيرا…”.
ويتابع في مذكراته: “اكتملت صورة الانهيار بشاعة وسريالية عندما لجأت أحزاب الإدارة، التي صنعها المخزن لتمييع الحياة السياسية، إلى تأدية دور المعارضة، بدون رؤية ولا قناعة، بل بمنطق الإملاءات و”التيليكوماند”.
بنسعيد يوصف اليوم بـ”معارض الملوك الثلاثة”[3]. لا ينتهي ذلك عند رفضه كل دساتير المملكة منذ الاستقلال واعتبارها ممنوحة تكرس ملكية مطلقة ومركزية، بما فيها دستور 2011… ولا يبتدئ ذلك عند رفضه تقبيل أيدي الملوك.
عكس الكثيرين… آثر بنسعيد ألا تضيع الكثير من تفاصيل مسيرته السياسية والنضالية، التي باتت مضرب مثل في المواقف الشجاعة والجريئة، فدونها في مذكرات أصدرها عام 2018، بعنوان “هكذا تكلم محمد بنسعيد”، تضمنت محطات هامة من تاريخ المغرب كما حملتها ذاكرته.
كان حضوره ضروريا في بعض المناسبات التي يحضر فيها الملك، وقد حدث في أحد الأيام أن وضع يده على كتف الحسن الثاني عوض تقبيل يده، فاستوقفه قائلا: “راه المخزن عندو تقاليد خصك تحترمها” (للمخزن تقاليد عليك احترامها). لم يجبه ومضى إلى سبيله.
كانت المسألة، يقول بنسعيد، مسألة كرامة لا يملك سواها: “أنا ماشي شايط باش نبوس اليدين”.
اقرأ أيضا: مرايانا تستحضر سيرة عبد الرحيم بوعبيد، أحد أبرز المعارضين في تاريخ المغرب الحديث
وكان ذلك عهده حين التقى بالملك محمد السادس، عام 2015، لتوشيحه بوسام نظير مساره السياسي والنضالي… لم يقبل يده، وهذا لا يعني أنه تحقير للمؤسسة الملكية، يقول بنسعيد، ولكنه وضع للنقط على الحروف وتأسيس لثقافة جديدة.
يومها، قال البعض إن بنسعيد، أخيرا، قد راجع مواقفه… ثم سرعان ما أثبت أن مواقفه كشجرة صفصاف، ضاربة جذورها في أعماق الأرض، شامخ جذعها إلى السماء؛ فالتكريم الملكي “لن يغير موقفه بشأن ضرورة إرساء نظام ملكي برلماني في المغرب”.
بالمناسبة، أسهم حزب “منظمة العمل الديمقراطي” في تأسيس الكتلة الديمقراطية عام 1992. ورغم الانشقاق الذي تعرض له لاحقا، بانسحاب عدد من القيادات، اندمج الحزب مع تيارات يسارية أخرى، لينتهي الأمر بتأسيس حزب اليسار الاشتراكي الموحد عام 2002، وتولية بنسعيد رئاسته الشرفية.
عكس الكثيرين… آثر بنسعيد ألا تضيع الكثير من تفاصيل مسيرته السياسية والنضالية، التي باتت مضرب مثل في المواقف الشجاعة والجريئة، فدونها في مذكرات أصدرها عام 2018، بعنوان “هكذا تكلم محمد بنسعيد”، تضمنت محطات هامة من تاريخ المغرب كما حملتها ذاكرته.
هذا الذي يدعي انه زعيم، لماذا لم يطالب الجزائر بإرجاع الأراضي التي اغتصبتها للمغرب ويطالب فرنسا بالجلاء عن سبتة ومليلية و23 جزيرة تتحتلها؛ فهو إذن ليس وطنيا حقيقيا، بل يخدم اجندة سادته اعداء المغربمه
ومع ذالك كان من المدافعين بشراسة عن مغربية الصحراء