كلمات تبعث على الأسى سمعناها بألم وحزن من أم منهارة، فقدت فلذات كبدها… حصاد عمر وسنين، جراء قصف عنيف لا يرحم… تظهر على ملامحها آثار الألم والتوجّع والحسرة. أظلمت الدنيا في وجهها والكل يعلم بواعث الحزن داخل قلب كل أم مكلومة، تصرخ بأعلى صوتها المثقل بألم الفقدان، في مشهد شديد القسوة يفطر القلوب ويبكيها… ليس أمامها إلاّ التأسّي والتصبّر.

ماذا فعل هذا الشعب الأعزل لكي يُقتل بوحشية وهمجية، تمارس عليه حرب الإبادة الجماعية المتواصلة وانتهاك منهجي لحقوق الإنسان وشرعنة الاستيطان واستيلاء الأراضي بالقوّة، وتوظيف الدّين لخدمة مشروع إقامة دولة وهمية غير شرعية الوجود على أنقاض شعب آخر. صور تُشعرك بحُرقة تضطرم في جوانحك من قساوة ما يقع تحت أنظار العالم من ظلم وانتهاكات وقتل واعتقالات واستعراض القوة الوحشيّة.

شهادات شهود عيان والناجين والذين تعرضت منازلهم للقصف تحكي قصصا مؤثرة. رائحة الموت تفوح وسط الأشلاء. مراسل صحفي يتواجد بعين المكان سلاحه كاميرا تنقل لنا كل الأحداث والمجازر. قنابل انشطارية تناثرت أجزاؤها عند انفجارها، وسبّبت دمارا واسعا.

“كم من صحفي كان ينقل الأخبار فصار هو الخبر..”!

ينقل لنا أبرز وآخر التطورات ويوثق لنا الأحداث بالصوت والصورة وهو في مرمى نيران العدوّ. يتم استهداف الصحفيين لطمس الحقيقة لكن طمسها لا يلغيها. مراسل يقول: “نهرب من موت إلى موت آخر وعائلتي أصبحت بلا مأوى”..

احتلال يتعمد قتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ. غارات تستهدف المنازل المأهولة، وبنايات سكنية وأحياء مكتظة، ذات كثافة سكانية عالية تقطنها عائلات تأبى الخروج رغم القصف.

 مجازر مكتلمة الأركان

دمروا الأحياء السكنية بالكامل ولم يعد لها وجود. أناس يبحثون وسط الحطام أملا في الحصول على بعض الأغطية والأفرشة وما تبقى من الحاجيات، منهم من فقد مأواه وكل أفراد عائلته، ومنهم من أصيب بالصمم ومنهم من بترت ساقه في هدير هذا القصف العدواني الذي حرمهم من أغلى ما يملكون. آثار الحرب والدّمار لا تمحى، ناهيك عن المفقودين وشعلة الانتظار ساعات ومحاولة العثور على العالقين تحت الأنقاض والركّام لا تنطفئ.

يهرع الممرض حاملا معه الماء للجريح فينسكب الماء من القربة، أصوات الأنين تسمع من تحت بقايا الأبنية المهدّمة، وفرق الإنقاد تطالب الجميع بالصّمت لسماع صوت الاستغاثة يصدح لعلهم ينتشلون شخصا على قيد الحياة.

“وللأسف كانت هناك أصوات ثم حلّ الصّمت”.

قصف لم ينقطع فاستمر ساعات ودخان يتصاعد رماديا. ثقيلا وخامدا، صور مروعة نشاهدها يوميا، وعدسات تلتلقط ما يجري. ألم لا يوصف بالكلمات. جروح نفسية عميقة قد تركت في الأطفال ضررا وأذى، ومأساة متواصلة لمن لم يعد لديهم عائلة تعتني بهم.

لا يسعنا إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل!

مواضيع قد تهمك:

• مجزرة صبرا وشتيلا… مرايانا تنبش في أكثر الجرائم بشاعة في القرن العشرين…
• سناء العاجي الحنفي: فلسطين والإعلام الغربي المنحاز
• رضوى عاشور… الزواج بالبرغوثي والانشداد للقضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الإنسان
• الآن من غزة، هيا فريج تكتب: انا خائفة مثلكم.. أضعت حساب الأيام والتواريخ