نظريات في تاريخ المغرب 2\2
تطرقنا في الجزء الأول لبعض النظريات المطروحة لمحاولة قراءة تاريخ المغرب. نواصل في هذا الجزء طرح نظريات تاريخية والتأمل فيها. النظرية الثانية : الأمازيغ والعرب هم من احتل شبه الجزيرة الإيبيرية …
تطرقنا في الجزء الأول لبعض النظريات المطروحة لمحاولة قراءة تاريخ المغرب. نواصل في هذا الجزء طرح نظريات تاريخية والتأمل فيها.
النظرية الثانية : الأمازيغ والعرب هم من احتل شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا)؛
من الشائع القول إن شبه الجزيرة الإسبانية قد تم فتحها من طرف جيوش طارق ابن زياد، وهذا صحيح فعلا لكنه يخص فقط الفترة الإسلامية من التاريخ.
إذا نظرنا إلى التاريخ القديم، فإننا نجد نصوصا تثبت أن العلاقات البشرية كانت قائمة بين سكان المغرب وسكان إيبيريا. بل كانت هنالك روابط عائلية بين سكان الجهتين من البوغاز، تماما كما توجد اليوم روابط بين العائلات على الضفتين.
خلال العهد الروماني، كانت هناك علاقات تجارية وطيدة بين المغرب واسبانيا، خاصة مقاطعة البطيق betique\betis الأندلس. عثر الباحثون على لوحات جنائزية كثيرة لأشخاص من جنسيات عديدة كانت تسكن المغرب وتمتهن التجارة على الضفتين كاليونانيون والسوريين والمشارقة بصفة عامة.
هنالك نصوص تاريخية تذكر هجوم البربر كجيش موحد قطع المضيق على ظهر سفن واحتل الأندلس سنة 180 ميلادية، أي قبل مئات السنين من التاريخ الإسلامي.
توجد نصوص تؤكد أن هذه الهجمات الموريطانية على إيبيريا كانت شبه سنوية وهي التي دفعت الإمبراطورية الرومانية إلى توخي سياسة دفاعية إستباقية كانت سبب إستعمار الجزء الشمالي من المغرب وبناء جدار عازل يصل قصبة الصخيرات حاليا بوليلي داخل البلاد. وكان هذا الجدار هو الحد الجنوبي الأقصى للامبراطورية.
النظرية الثالثة : كان الرومان يتنقلون عبر المدن المغربية فقط عن طريق البحر
شكل البحر منذ القدم وسيلة مفضلة للتنقل بين المحطات التجارية المغربية التي كان للفنيقيين فضل كبير في تأسيسها. لكن الفنيقيين عندما وطدوا علاقاتهم بالقبائل المغربية، دخلوا إلى البلاد ونظموا قوافل تجارية وأسواقا على طول الساحل انطلاقا من طنجة وزيليس(أصيلة) ولكسوس وبناصة؛ وقد أسسوا محطات عديدة داخل البلاد. لكن الرومان هم من أحدث أولى الطرق من طنجة إلى وليلي؛ وكانت فيها مدن ومراكز استراحة عديدة تماما كما توجد محطات إستراحة على الطريق السيار اليوم.
يذكر المؤرخ تيسو في كتابه “الجغرافيا المقارنة لموريطنيا الطنجية” أن هنالك طريقا رومانيا قديما يصل وليلي بالقصرالكبير. وأولى محطات الإستراحة في هذا الطريق هو مكان قرب جبل سلفات سماه الرومان أكوا داسيكايا ( هو إسم فرقة عسكرية رومانية من مجندي شعب الداس الذي يرجع أصله لرومانيا الحالية والذي أطلق اسمه كذلك على سيارة داسيا المصنعة اليوم بطنجة).
تسمى هذه المنطقة اليوم عين كبريت وبها منبع ماء أزرق كلون البحر مشبع بالكبريت إستعمله الرومان في حماماتهم بل نقلوه عن طريق شبكة كبيرة من المواسير الحجرية التي مازالت آثارها موجود اليوم.
النظرية الرابعة : لم يكن في المغرب أية حضارة مزامنة للحضارة الفرعونية القديمة (خمسة آلاف سنة قبل الميلاد)؛
لن نناقش هنا موضوع الفرعون شيشنق ذو الأصل الأمازيغي فقد نال حقه من الجدال مؤخرا.
يجدر بنا أن نتذكر أن اسم ليبيا قد أطلقه الإغريق على كل القارة الإفريقية؛ فكل ما يأتي من إفريقيا هو ليبي بالنسبة لهم. لذلك نجد أخطاء كثير شائعة خاصة عندما نتحدث عن الأسر الفرعونية الليبية.
لكننا نتساءل هنا عن تسمية مدينة القصر الكبير بإسم قصر فرعون. ولأن كلمة فرعون معروفة عالميا، فليس هنالك مجال للشك أن أحد الفراعنة عاش مدة في هذا المكان. وقد بنيت مدينة القصر الكبير بمواد بناء تعود إلى العهود القديمة ويصعب اليوم التعرف على الآثار في المدينة، نتذكر هنا مثلا لوحة رخامية بها كتابات بالحروف اللاتينية توجد أسفل صومعة المسجد القديم بالمدينة.
في نفس السياق الفرعوني المصري، تتحدث مصادر عديدة أن سيليني سليلة كليوباترا تزوجت يوبا الثاني وقامت بزيارت لوليلي.
النظرية الخامسة: كانت قطعان الفيلة تشرب في نهر شالة خلال عصر الرومان
يذكر المؤرخ الروماني لوسيان في كتابه المنهج في التأريخ، حدثا وقع خلال معركة أوروبوس بسوريا مفاده أن “فارسا من الموريتانيين يدعى مانساك كان يبحث عن الماء ليسقي عطشه عندما إلتقى ببعض الفلاحين السوريين. وقد خافوا منه في البداية، لكنهم، عندما علموا أنه صديق لهم، استدعوه للغداء. وقد صادف أن أحد الفلاحين كان جنديا في الفرقة السورية الرومانية المرابطة بمستعمرة سلا (شالة) وقد حكى هذا الجندي أنه أوشك أن يلتهمه أسد في أحد الأيام كما أنه شاهد قطعان الفيلة تشرب من الواد أسفل هضبة شالة.
لقراءة الجزء الأول: نظريات في تاريخ المغرب 1\2
مقالات قد تهمك:
- تاريخنا المجهول: مدينة البصرة المغربية… قصة ثاني عاصمة للأدارسة (صور)
- مغرب القرن الـ18 بعيون أسيرة هولندية (الجزء الأول)
- الملكة “ديهيا”… المرأة التي لم تجد إليها “الفتوحات” الإسلامية سبيلاً سوى قتلها!
- الملكة تينهينان… شمسُ الطّوارق التي لم تغرُب بعدُ!
- تاريخنا… بين الحكي والأركيولوجيا
- من رمزية جنسية إلى علم دولة: قصة النجمة السداسية (نجمة داوود)