دفاعا عن الفن… لا دفاعا عن الفد
كما جرت العادة، تزخر الشاشة الرمضانية بالإنتاجات التلفزية، على عكس بقية الشهور التي تشهد شحا واضحا. بذلك، يصير رمضان إلى جانب كونه شهر الغفران، شهر الفنان. لعل هذا راجع …
كما جرت العادة، تزخر الشاشة الرمضانية بالإنتاجات التلفزية، على عكس بقية الشهور التي تشهد شحا واضحا. بذلك، يصير رمضان إلى جانب كونه شهر الغفران، شهر الفنان.
لعل هذا راجع بالأساس لربوض الناس في بيوتهم وإقبالهم على مشاهدة التلفاز. أما عام كورونا هذا، فقد فرض على عدد أكبر من الناس البقاء في بيوتهم.
نتيجة لذلك، تزايد الإقبال على هذه الإنتاجات، لتعود سُنَّةُ الانتقادات اللاذعة إلى الواجهة. انتقادات طالت كل السيتكومات والمسلسلات الرمضانية، بما في ذلك سلسلة الباروديا “طوندونس” لأحد كبار رواد الكوميديا المغربية حسن الفد.
“طوندونس” ليست موضع التجريب للفد، بل هي عصارة لما راكمه في إنتاجاته السابقة، فقد تعودنا على سخريته في “شانيلي تيفي” و”الفد تيفي” لتبلغ ذورتها ونضجها هذه السنة مع “طوندونس” التي يحاول من خلالها الفد الفذ، أن يعكس وجه الويب المغربي وتناقضاته في مرآة الحقيقة بطريقة ناعمة لا تنفر المتلقي بل تجذبه.
خاض الفنان الفد مغامرة كبيرة بانتقاله من شخصية “كبور” التي ألفها الناس إلى شخصيات متعددة. لكن من يجيد التقمص لن يفشل أبدا في ارتداء أي شخصية. ومع ذلك، فقد يكون هذا سببا في بعض الانتقادات التي وجهت إليه. أما السبب الآخر فقد يكون استنكار بعض الأشخاص للسخرية الواقعية التي شملتهم.
أبان حسن عن صرامته في انتقاء الكلمات وتجسيد الحركات، فلا مجانية في كل ما نطق به أو تحركت به جوارحه. كما أنه أتقن الكتابة، هذا العنصر الهام في أي إنتاج تلفزي، سينمائي، أو مسرحي، الذي -وللأسف الشديد- غالبا ما يكون مشوبا بكثير من العيوب في بقية الإنتاجات الرمضانية.
الصرامة أيضا طالت الفنانين الذي شاركوه في هذا العمل، والذين-حسب تصريحات بعضهم- خضعوا لعدة تدريبات قبل بدأ التصوير. وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على الاحترافية الكبيرة التي يشتغل بها الفد كمدير فني وممثل. هذه الاحترافية هي التي أنجبت العديد من نجوم الشاشة، منذ أيام المسلسلات الأولى التي تمخص عنها ثلة مميزة من الأسماء من أمثال: طارق بخاري وبديعة الصنهاجي وغيرهم، وصولا إلى المسلسلات الجديدة التي صنعت: هيثم مفتاح وأسامة رمزي وغيرهم. وللأمانة، لا أعتقد أن هناك كوميديا مغربيا يستطيع أن يصقل مواهب هؤلاء الممثلين بنفس مهارة حسن الفد.
ختاما، يبقى الفن وسيلة جميلة لإيصال رسالة نبيلة.
وتبقى الكوميديا فنا أصيلا يرسم ضحكة حقيقية ولا يستجدي القهقهات بالحركات التهريجية. لهذا الفن رواده، وأحد كبارهم في المغرب هو حسن الفد، الذي أينما وليت وجهك في مواقع التواصل الاجتماعي تجد بعضا من شذراته.
دفاعا عن هذا الفن ورسائله، لابد أن نشيد بالفد وأعماله…