فاطمة أبدار تكتب: أتدرين ما “الوثن” يا صفية؟
لكم وطنيتكم /وثنيتكم المسخرة، ولنا وطنيتنا الخالصة من كل شبهة ريع…
وطنيتنا التي… حين تغلي في الشرايين، لا نملك إلا أن نلبي النداء، مثلما فعل آباؤنا وأجدادنا الذين حرروا الأرض… وعفوا عند المغنم !!
… لم يثوروا لأجل المديونية التي تثقل كاهل البلد، وتفقده استقلاله الحقيقي، وقراره السياسي أمام ضواري البورصات العالمية…
لم ينتفضوا مع الشعوب المنتفضة… لمواجهة الرأسمالية المتوحشة ووكلائها المحليين…
لم يتظاهروا لأجل الحق في التعليم الجيد ومجانيته وعموميته، ولا ضد حجرات درس مهينة، تشبه إسطبلات البهائم أكثر مما تليق بمقام المدرسين والتلاميذ…
… لم يثوروا لأجل الصحة وجودة الخدمات الصحية، والمغرب يحتل مراتب مخجلة في السلم العالمي…
لم يستفز “وثنيتهم”، عفوا وطنييتهم عالية الضغط، منظر النساء وهن يضعن مواليدهن على البلاطات العفنة أو على أبواب المستوصفات التي لا تحمل من المستشفى إلا الاسم !
بؤساء الوطنية المجني عليها…
الوطنية الحرة يا صفية… في دمعة الأرملة. في صرخة ذلك الشيخ الجندي من متقاعدي وأسرى الحرب، الذي أفنى زهرة شبابه في الأسر والتعذيب وعانى الأمرين، ليعود خاوي الوفاض، يتسول لقمة على أعتاب وطن جاحد يتنكر لأبنائه البررة، ويجازي ويكافؤ الفاسدين بكل سخاء!!
لم ينتفضوا ضد شركات التدبير المفوض التي تنكح وطنيتهم البائسة بفواتيرها الخيالية…
لم يدعموا انتفاضات الأحرار من إخوانهم في الوطن، سليلو البطولات الحقيقية لا الوهمية، ممن تحدوا القمع والهراوات والإعلام “التضبيعي”، وخرجوا للمطالبة بالخبز والكرامة في كل مناطق المغرب، وبالمدرسة والمستشفى والجامعة… فاعتقلوا وأهينوا وعذبوا وسجنوا وفق أحكام سريالية تضع نزاهة القضاء المغربي واستقلاليته موضع شبهة و شوهة عالمية، بل كانوا ينتظرون الفرصة لتخوينهم بثمن أو بدون ثمن!
لم يهتزوا لمآسي ودموع عائلات وأمهات المعتقلين، وهم يخوضون إضرابات بطولية عن الطعام …
إقرأ أيضا: من نيويورك، هشام الرميلي يكتب: حين سقطت راية…
لم تستعر نار الوطنية في عروقهم، لمنظر فريد من نوعه في العالم، وهو سحل وضرب من واجهوا الرصاص بصدور عارية دفاعا عن تراب الوطن!!
كل ذلك لم يحرك غيرتهم على الوطن والوطنية!!
فقط … ما أخرجهم من جحورهم يا صفية، ومن غيبوبتهم “الوثنية”، هو حادث عرضي مفرد، قد يكون مفبركا ومقصودا، وجدوه مطية ومبررا لتصفية الحساب مع من لم ينحني…
هكذا انطلق زعيق سمفونية الوطنية المعطوبة من كل صوب وحدب، في وسائل الإعلام والتواصل، لتلقيننا دروسا في الوطنية !!
وإني لأردد مع غسان كنفاني: أتدرين ما الوطن يا صفية !؟
ما أخرجهم من جحورهم يا صفية، ومن غيبوبتهم “الوثنية”، هو حادث عرضي مفرد، قد يكون مفبركا ومقصودا، وجدوه مطية ومبررا لتصفية الحساب مع من لم ينحني…
هل الوطن يختزل في نشيد وعلم، تعلق عليه كل الخطايا، وترتكب باسمه الجرائم، وتتخذ باسمه القرارات السياسية والاقتصادية والأحكام القضائية الجائرة، و يحرق على مدار السنة من طرف الانفصاليين بالصحراء، دون أن يحرك كل ذلك في خدام الوثنية، ساكنا!!
لكم وطنيتكم /وثنيتكم المسخرة، ولنا وطنيتنا الخالصة من كل شبهة ريع…
وطنيتنا التي… حين تغلي في الشرايين، لا نملك إلا أن نلبي النداء، مثلما فعل آباؤنا وأجدادنا الذين حرروا الأرض… وعفوا عند المغنم !!
الوطنية الحرة يا صفية… في دمعة الأرملة، في صرخة ذلك الشيخ الجندي من متقاعدي وأسرى الحرب، الذي أفنى زهرة شبابه في الأسر والتعذيب وعانى الأمرين، ليعود خاوي الوفاض، يتسول لقمة على أعتاب وطن جاحد يتنكر لأبنائه البررة، ويجازي ويكافؤ الفاسدين بكل سخاء!!
كفاكم من التباكي وتصنع الحماس “الوثني”… فشتان ما بين الوطنية والوثنية وتقديس ما لا يقدس…
إقرأ أيضا: هشام روزاق يكتب: قفة وشكارة أو… “ملي مشينا ف شكارة مقطعة”.
ما يحرك أغلبكم، بوعي أو بدونه، هو فقط… مواطنة التمسح بأهداب مغتصبي ثرواتكم بكل تلاوينهم ومراتبهم من كل هذه الطبقة السياسية الفاسدة الكاتمة على نفس شعب بأكمله في المدن والقرى والجبال …
ما يهم البعض منكم حقيقة… هو ألا ينقطع صنبور الريع…
ما يهم البعض الآخر… هو ما يتطلع له من المناصب وكراسي وثيرة…
الله يعطيكم العز… أما الذل راكم غارقين فيه…
كنت اريد اكتب تعليق…منذ الواقعة،…وها انت تعبرين عما كان يدور داخلي…..هناك من يدعي محاربة الفساد جاعلا من الواقعة خط احمر….ناسيا كل ما ذكرتيه…..من خطوط حمراء يتجاوزونها عبر السنين….بينما الغضب ممنوع…..