هل يسطو خامنئي على شيعة العراق؟ ولاية الفقيه أم الدولة المدنية؟ 2/1 الجزء الأول
منذ قيام الثورة الإيرانية سنة 1979 وتحول “ولاية الفقيه” إلى مرجعية للسلطة هناك، تفتق صراع سياسي بصبغة دينية عمن سينفرد بقيادة شيعة العالم، بيد أنه ظل خفيا لسنوات طويلة قبل …
منذ قيام الثورة الإيرانية سنة 1979 وتحول “ولاية الفقيه” إلى مرجعية للسلطة هناك، تفتق صراع سياسي بصبغة دينية عمن سينفرد بقيادة شيعة العالم، بيد أنه ظل خفيا لسنوات طويلة قبل أن يطفو على السطح مؤخرا، بعدما انكشفت المواقف المتعارضة للمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وذلك في ملفات متعددة تتعلق أساسا بتدبير الشأن العراقي.
ولاية الفقيه
تعد نظرية ولاية الفقيه، نموذجا للحكم الشيعي منذ قيام الثورة الإيرانية سنة 1979، وتعني أن الولي الفقيه، سينوب عن الإمام المنتظر في قيادة الأمة وإقامة حكم الله على الأرض إلى أن يظهر.
الإمام المنتظر أو “المهدي المنتظر” وفق روايات أخرى، هو شخص معروف النسب لدى الشيعة، يسمى محمد بن الحسن العسكري، وتقول الروايات إنه قد اختفى بسبب الأخطار التي كانت تحدق به وبسلالته في العصر العباسي، ويعتقد الشيعة الإثنا عشريون أنه سيكون المتمم لسلسلة الأئمة وأنه سيظهر يوما ما “ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا”.
ويؤمن الشيعة أيضا في ظل ما يعرف لديهم بالغيبة الكبرى؛ أنه يجب عليهم الالتفاف حول مراجعهم الدينية إلى حين ظهور “المهدي المنتظر”، غير أنهم لا يؤمنون جميعهم بضرورة “ولاية الفقيه”، كما هو حال السيستاني.
اقرأ أيضا: هل يسطو خامنئي على شيعة العراق؟ خلاف ديني أم صراع سياسي؟
الدور البارز في عودة مفهوم “ولاية الفقيه” إلى الواجهة، لعبه بالأساس قائد الثورة الإيرانية روح الله الخميني، إذ لما قام النظام البهلوي الذي كان يحكم إيران آنذاك بنفيه سنة 1963، استقر بالنجف فاستغل الفرصة لتطوير أفكاره فيما يخص تطوير الفقه السياسي الشيعي، وإمكانية إسقاط سلطة الشاه محمد رضا بهلوي ومن ثم إقامة جمهورية إسلامية مبنية على ولاية الفقيه؛ أي حكومة تجسد خلافة الله على الأرض. وهو ما تأتى له سنة 1979، بعدما أطاح بالشاه فيما يعرف بالثورة الإسلامية، وأصبح المرشد الأعلى الذي يمثل أعلى سلطة سياسية ودينية للأمة في إيران.
ولاية الفقيه أم الدولة المدنية؟
تحظى إيران والعراق بمكانة كبيرة لدى الشيعة، بالرغم من أنهم لا يوجدون في هاتين الدولتين فقط. ذلك أنه في مدينة النجف العراقية، يقع مرقد الشخصية المركزية لدى الشيعة وهي علي بن أبي طالب، فيما تشكل مدينة قُم الإيرانية المركز العلمي الديني للشيعة بعد النجف، فضلا على أن نسبة الشيعة بإيران تتراوح بين 90 و95 بالمئة حسب تقديرات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لسنة 2016.
خلاف من يقود الشيعة، لم يظهر إلا غداة الثورة الإيرانية إذ تحولت “ولاية الفقيه” إلى مرجعية للسلطة هناك. فيما قبل، كان حال شيعة إيران مثل ما هم عليه شيعة العراق. بعد إعلان الخميني عن فكرته إرساء نظام “ولاية الفقيه” في إيران، ظلت النجف تابعة لمرجعها أبي القاسم الخوئي إلى وفاته، وكان الأخير يعتقد بوجوب عزل السياسة المباشرة عن الدين، واعتبار الولاية ولاية حُسْبِية وحسب..
المرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، عبر _كما أسلافه_ عن رفضه لفكرة “ولاية الفقيه” وطالب بفصل الدين عن الدولة كما دعا إلى تأسيس دولة مدنية، في الوقت الذي لا زال يحاول فيه خامنئي تطبيق “ولاية الفقيه” بالعراق أيضا، كما تفيد بعض التقارير.
تقارير صحفية أفادت أن إيران تتدخل في الشؤون العراقية بمجموعة من الأدوات، من بينها دعم فصائل مسلحة شيعية ترتبط بخامنئي ولا تعترف بولاية السيستاني عليها. كما أنها تلجأ إلى استخدام رجال دين شيعة يعتقدون بفكرة “ولاية الفقيه” بغية الترويج لها بين العراقيين، وبغية التوسع الشيعي في المنطقة.
ذات التقارير أبرزت أن الفصائل الشيعية ورجال الدين التابعون لإيران سعوا أكثر من مرة إلى إلغاء الدستور في العراق وتحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، في الوقت الذي عبر فيه السيستاني من خلال خطب الجمعة التي يلقيها نوابه، وقوفه إلى جانب مطالب الشعب العراقي ومعارضته للتدخل الإيراني، رافضا إسقاط العملية السياسية وإلغاء الدستور وحل البرلمان.
في الجزء الثاني: ولاية الفقيه، خلاف ديني أم صراع سياسي؟ وهل تتحقق مطامح خامنئي بالسطو على شيعة العراق؟
لقراءة الجزء الثاني: صراع “ولاية الفقيه”: هل يسطو خامنئي على شيعة العراق؟ خلاف ديني أم صراع سياسي؟ 2/1