سعيد ناشيد يكتب: البطيخ واسم الجلالة
هل نسيتم لعبتنا عندما كنا صغارا وكنا نرى في السّحب البيضاء صورا وأَشكالا وحروفا وحتى كلمات؟
أطلعني على صورة بطيخة في هاتفه المحمول وقال لي: “أنظر أستاذي، ألا ترى أنّ خطوط القشرة ترسم اسم الجلالة؟”
قلت: “هل تودّ أن تمزح معي؟ فأنا لستُ أرى شيئا مما تقول.”
قال: “أنظر هنا جيدا. أنظر إلى كلمة الله. أنظر إلى الألف، فإنّها مائلة بعض الشيء لكنها ألف. وهذه اللاّم المكرّرة، فإنّها باهتة قليلا لكنها لام. ثم، تلك البقعة التي تشبه الهاء… بل هي هاء بالفعل. أليست كلمة الله مكتوبة بجلاء ووضوح؟”
أنت لا ترى في امتداد الكون وقوانين الطبيعة وجمال الحياة ما يدلّ على وجود الله. لذلك، تريد من الله أن يوقع لك باسمه الشخصي على البطيخ واللفت البادنجان
قلتُ: “سأكون متعاونا وأعترف لك بأني، بفعل الإيحاء، قد أروض عيني لرؤية ما تراه أنت. هب أني نجحت في هذا الإيحاء، فما الذي تريد قوله؟”
قال: “أليس هذا دليلا على وجود الله؟”
قلت: “إذا كنتُ قد فهمتُ قصدك، فأنت لا ترى في امتداد الكون وقوانين الطبيعة وجمال الحياة ما يدلّ على وجود الله. لذلك، تريد من الله أن يوقع لك باسمه الشخصي على البطيخ واللفت البادنجان. أليس كذلك؟!”
المشكلة ليست فقط أنّ هناك من يتوهّم رؤية اسم الجلالة (الله) مكتوبا على فروع شجرة، أو في كبد عجل، أو أمعاء دجاجة؛ لكن المعضلة الحقيقية هي استعداد جمهور المسلمين لتصديق مثل هذا الهراء، وكأنما آذانهم جُبلت على التصديق، وكأنّما السّمع من شدّة اقترانه بالطاعة في ثقافتنا أصبح رديفا للخضوع والتسليم؛ إلى درجة يبدو فيها التشكيك في أي إشاعة حول الدين أو باسم الدين كأنه إنكار لمعلوم الدين بالضرورة، ومخالفة لثوابت العقيدة الصحيحة، بل كفر بواح يتطلّب التوبة، حتى ولو كانت الإشاعة تقول: “إن الله يوقع باسمه الشخصي على قشرة الفجل أو ورقة البقول!”.
نعلم هذا: الإيحاء آليّة نفسيّة خطيرة يتقنها دهاة الدجّالين حين يوحون لزبائنهم أن يشاهدوا صورا ليست بصور، وأن يقرؤوا كلمات ليست بكلمات. إن هي إلا “فوضى الحواس” إذا ما استوحينا عنوان إحدى روايات أحلام مستغنامي. والخدعة هذه المرّة بسيطة: يحدق الزبون في بعض السوائل أو الأدخنة أو المعادن المذوبة أو المجمّدة بعد التذويب؛ وبفعل الإيحاء، يرى فيها ما هو مستعد لرؤيته، أو على الأرجح فإنه يرى ما يريد له الدجال أن يراه.
هل نسيتم لعبتنا عندما كنا صغارا وكنا نرى في السّحب البيضاء صورا وأَشكالا وحروفا وحتى كلمات؟
وقتها كنا ندرك بأننا نمزح، بمعنى لم نكن نكذب على أنفسنا. وهذا هو الفرق.
لماذافقط ،وفقط هذه الظاهرة تكاد تكون حصربة ولصيقة بالمسلمين؟ اليس هذا راجع الى هول الترعيب الذي تعرض له العقل والوجدان منذ قرون؟ وان كان،لمَ؟
عندما نحب نرى وجه المحبوب في مكان فترة الله وترى حبيبنا محمد.اما انت فلا ترى سوى ما تحب كذلك من بادنجان و جزر و شوك