هذه حكايات 9 من أشهر الاغتيالات السياسية في صدر الإسلام – الحسن بن علي، مروان بن الحكم وعمر بن عبد العزيز 3\3
في هذا الملف، نقدم 9 حكايات من أشهر الاغتيالات السياسية في صدر الإسلام.
بينما تطرق الجزء الأول لاغتيال أبي بكر الصديق، عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وتطرق الجزء الثاني لحكايات اغتيال الزبير بن العوام، طلحة بن عُبيد الله وعلي بن أبي طالب (الروابط أسفل الصفحة)، نتابع في هذا الجزء اغتيال الحسن بن علي، مروان بن الحكم وعمر بن عبد العزيز
عرضنا في الجزء الأول وفي الجزء الثاني حكايات اغتيال بعض الصحابة لخلفيات سياسية (أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، الزبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله، علي بن أبي طالب).
في هذا الجزء، الثالث والأخير، نتم ذلك بسرد حكايات اغتيال الحسن بن علي ومروان بن الحكم وعمر بن عبد العزيز.
الحسن بن علي
الحسن سبط النبي محمد، وهو أول أولاد علي بن أبي طالب، ويروى عن النبي محمد أنه قال إن الحسن بجانب أخيه الحسين، سيدا شباب أهل الجنة.
بعد اغتيال علي بن أبي طالب، ولي ابنه الحسن الخلافة طوعا، وكان ذلك في رمضان عام 40 للهجرة. وقد دخل العالم الإسلامي كله في طاعته، عدا الشام ومصر اللتان كانتا تحت نفوذ معاوية بن أبي سفيان.
دامت خلافة الحسن لـ6 أشهر، ثم تنازل عنها طواعية لحساب معاوية بعدما تراسلا ووضعا بضعة شروط وافق عليها معاوية، وهي كالتالي:
– أن تؤول الخلافة إلى الحسن بعد وفاة معاوية، أو إلى الحسين إن لم يكن الحسن على قيد الحياة؛
– أن يفي معاوية بسداد الديون المتراكمة على الحسن؛
– أن يكفل معاوية سلامة أنصار علي ولا يساء إليهم.
كان مروان بن الحكم، حسب كتاب “أشهر الاغتيالات في الإسلام”، الرجل المناسب الذي اذخرته الأقدار ليقود سفينة بني أمية في مرحلة دقيقة ومفصلية من تاريخ الأسرة، لكن خلافته لم تدم أكثر من عام.
والحق أن هذا الصلح لقي استحسان كثير من الناس، إذ رأوا فيه حقنا لدماء المسلمين ونسيجهم بعدما مزقته الفتن والحروب. لكن، بعض أنصار الحسن عابوا عليه تفريطه في الخلافة لمعاوية، فكانوا إذ يلقونه يقولون له: “يا عار المؤمنين” و”السلام عليك يا مذل المؤمنين”.
بعد هذا الاتفاق، اعتقد الحسن أن الخلافة ستعود إليه حتما إذ أن معاوية كان حينها يكبره بعشرين عاما، وهو للموت أقرب، بيد أن الأخير كان له رأي آخر.
معاوية كان يريد أن يورث ابنه يزيد الخلافة من بعده، ووجود الحسن إذن يعرقل طموحه. ومن ثم، فالحل الوحيد أمامه هو التخلص من الحسن، ولو كان ذلك بقتله.
هكذا، اتفق معاوية مع إحدى زوجات الحسن، واسمها جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي، على تسميم الحسن في شرابه مقابل ألف درهم وتزويجها من يزيد. لكن معاوية إذ مات الحسن، وفى لجعدة بالمال ولم يزوجها من ابنه خشية أن تدس له السم.
هذه الواقعة، وفق كتاب “أشهر الاغتيالات في الإسلام” الذي أشرنا إليه في الجزء الأول من هذا الملف، مذكورة في جل مصادر التاريخ، كتاريخ دمشق لابن عساكر والمعجم الكبير للطبراني وتاريخ الخلفاء للسيوطي ومرج الذهب للمسعودي، وغيرها كثير.
اقرأ أيضا: “من مصر، محمد حميدة يكتب: إنهم يأكلون النساء يا رسول الله”
مروان بن الحكم
مروان بن الحكم هو ابن عم الخليفة عثمان بن عفان، وقد منحه الأخير إبان خلافته أموالا طائلة ووظائف رفيعة، كما زوجه ابنته أم أبان، ومنحه خمس غنائم افريقيا كما جاء في معظم المراجع التاريخية، وأغلب الظن أن عمره، أي مروان، كان في أول العشرينات حينما اتخذه عثمان وزيرا له.
يذكر كتاب “أشهر الاغتيالات في الإسلام” أن النبي في حياته قد لعن مروان وهو لا يزال بعد رضيعا. فقد جاء في كتاب “المستدرك”[1] للحاكم النيسابوري عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: “كان لا يولد لأحد بالمدينة ولد إلا وأتى به عند النبي فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم عند ولادته فقال: “هو الوزغ[2] ابن الوزغ، الملعون ابن الملعون””.
وقد كان الحكم أب مروان حين فتح مكة، جاء المدينة مسلما؛ لكن ذلك لم يكن غير تقية للموت، فكان لا يكف عن كيل الشتائم للنبي فكان يغمزه ويقلده في حركاته. ثم، في يوم من الأيام، اطلع على النبي في حجرة من حجراته فخرج إليه غاضبا، وقال “من عذيري من هذا الوزغ؟” ثم أمر أن يطرد من المدينة وأهلها، وقال: “لا يساكنني فيها أبدا”.
منذ أول يوم في خلافته، سار عمر بن عبد العزيز في طريق الإصلاح، وعقد العزم على إعلاء كلمة الحق والعدل وإسقاط الجور والظلم، غير أن بني أمية كان لهم رأي آخر.
عندما قتل الثوار عثمان في داره، انضم مروان إلى المطالبين بدم عثمان في حربهم ضد علي بن أبي طالب، بدعوى تقاعسه عن القصاص من قتلة عثمان بعد أن بويع بالخلافة. وكما ذكرنا في الجزء الثاني من هذا الملف، ففي موقعة الجمل التي توجت بانتصار علي، ترك طلحة بن عبيد الله نادما ساحة القتال، فتبعه مروان وقتله.
بعد أن اغتيل علي فيما بعد، وآلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان، نصب الأخير مروان على ولاية الحجاز، فمكث بها سنينا إلى أن مات يزيد بن معاوية. وحين قدم مروان الشام، كان حبل بني أمية قد اضطرب، فمال بعضهم إلى مبايعة خالد بن يزيد بن معاوية، فيما مال البعض الآخر إلى مبايعة مروان بن الحكم، وذلك ما كان.
كان مروان، حسب كتاب “أشهر الاغتيالات في الإسلام”، الرجل المناسب الذي اذخرته الأقدار ليقود سفينة بني أمية في مرحلة دقيقة ومفصلية من تاريخ الأسرة، لكن خلافته لم تدم أكثر من عام.
أما اغتياله، فقصته هي ذي: حين بويع مروان بن الحكم بالخلافة، تزوج بأم خالد بن يزيد، ليصغّر بذلك شأن الأخير ويحقره. وفي يوم من الأيام، دخل خالد على مروان وعنده جماعة، فقال له مروان: “والله إنك لأحمق! تعال يا ابن الرطبة الأست[3]!”، فرجع خالد غاضبا إلى أمه فأخبرها، فما كان منها إلا أن تحينت الفرصة للانتقام منه.
وهكذا، في إحدى الليالي، وضعت أم خالد الوسادة على وجه مروان وهو مستغرق في نومه، ولم ترفعها حتى تأكدت من موته. وتقول رواية أخرى إنها قد سقته لبنا دست فيه السم، وقيل أيضا إنها أمرت جواريها فخنقنه وهو نائم.
اقرأ أيضا: “أبو حفص: لسنا ملزمين بحصر القراءة التأويلية فيما كانت عليه المذاهب الأربعة”
عمر بن عبد العزيز
اسمه عمر بن عبد العزيز. جده من جهة أبيه هو الخليفة الأموي مروان بن الحكم، أما جده من جهة أمه فهو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.
يشير كتاب “أشهر الاغتيالات في الإسلام”، إلى أنه ما من خليفة حظي بمحبة المسلمين كافة، سنة وشيعة، ونال تقديرهم وتبجيلهم كمثل عمر بن عبد العزيز، إذ اشتهر بالعدل والزهد والتواضع والورع حتى أنه لقب بخامس الخلفاء الراشدين.
ويروى عن الخليفة العباسي المهتدي الذي كان يتأسى بسيرة عمر أنه قال: “إني أستحيي أن يكون في بني أمية مثل عمر بن عبد العزيز وألا يكون في بني عباس مثله”.
منذ أول يوم في خلافته، سار عمر في طريق الإصلاح، وعقد العزم على إعلاء كلمة الحق والعدل وإسقاط الجور والظلم مواجها في ذلك طريقا مليئة بالأشواك. وقد بدأ ذلك من بيته، إذ أنه أخذ ما عند زوجته من حلي وجواهر فردها إلى بيت مال المسلمين.
غير أن بني أمية كان لهم رأي آخر، بعدما شحت أموالهم وضيق عليهم فتأففوا منه، هكذا، دامت خلافة عمر عامين ونصف إذ مات متأثرا بسم دسه إليه أمراء بني أمية بعد أن استيأسوا منه.
جاء في كتاب “سير أعلام النبلاء[4]” للذهبي أن عمر بعد أن سقي السم، سأل أحد أصحابه: “ما يقول فيّ الناس؟” قال “يقولون إنك مسحور”، فقال “ما أنا بمسحور”، ثم دعا غلاما له، فقال له: “ويحك، ما حملك على أن سقيتني السم؟”، فقال الغلام: “ألف دينار أعطيتها على أن أعتق”، فقال: “هاتها”، فجاء بها وألقاها في بيت المال، ثم قال له: “إذهب حيث لا يراك أحد”.
كتاب “أشهر الاغتيالات في الإسلام” يؤكد أن وفاة عمر بالسم يغلب كل الآراء الأخرى لأن هناك إجماعا للمؤرخين حول ذلك، ولأن وفاته جاءت في سن مبكرة دون أن يشتكي من علة في ما قبل،؛ وأيضا لتململ أمراء بني أمية من سياساته الإصلاحية ثم لوفاة ابنه وأخيه ومولاه في أوقات متقاربة وفي ظروف غامضة وقد عرفوا أنهم أشد منه في استعجال تطبيق سياسات الإصلاح.
اذا كان التاريخ السياسي “للمسلمين أظلم بهذا الشكل فلماذا يصر البعض على عدم فصل السياسي عن الديني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
أبو بكر لم يقتل.المرجو تحلي الدقة في كتابة المقالات
المقالات لم تقلأن أبا بكر قتل