حسين الوادعي: الخبز أو الحرية؟
هرب المهاجرون العرب والمسلمون الى الغرب بحثا عن الخبز والحرية، فوجدوا الخبز، وها هم يكادون أن يفقدوا الحرية. ما يهدد حريتهم ليس الأنظمة التي يعيشون في ظلها، وإنما التجمعات المغلقة …
هرب المهاجرون العرب والمسلمون الى الغرب بحثا عن الخبز والحرية، فوجدوا الخبز، وها هم يكادون أن يفقدوا الحرية.
ما يهدد حريتهم ليس الأنظمة التي يعيشون في ظلها، وإنما التجمعات المغلقة التي حصروا أنفسهم فيها.
تحولت تجمعات العرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا الى نسخ من مجتمعاتهم التي هربوا منها: سلوكيات محافظة، حبس للمرأة، تجسس على سلوكيات الآخرين…
البعض يمنعون نساءهم من تعلم اللغه، حتى يبقين عاجزات عن الخروج والتعامل مع الناس
رويدا رويدا، عادت السلطات الدينية والعشائرية لتتحكم في المهاجر داخل مهجره (هذا حرام، وهذا لا يجوز، وهذا مخالف لتقاليدنا… إلى آخر الاسطوانة الصدئة).
أما وضع المرأة. فهو أسوأ؛ فهي محاصرة من أهلها ومراقَبة من جيرانها. هي تدفع ثمن الحرية التي تضمنها تشريعات الدول الغربية،
اقرأ أيضا: من كندا، نبيل جميل سليمان يكتب: في الغربة: احتدام الخلاف والعنف الأسري والطلاق
كلما كان المجتمع حرا، زادت الرقابة على النساء والحرمان من التعليم والعمل والخروج، حتى أن البعض يمنعون نساءهم من تعلم اللغة، حتى يبقين عاجزات عن الخروج والتعامل مع الناس.
وزاد الطين بلة أن اليسار الغربي والليبرالية الغربية بدأت تتعامل مع الأقليات كتجمعات ثقافية مغلقة. بدلا من تشجيعها على الاندماج، صارت تشجعها على التمسك بثقافتها المحلية وتكوين غيتوهات مغلقة تحت إسم التعددية الثقافية و”الصوابية السياسية”.
إذا ركزنا على وضع الجاليات اليمنية هناك، فالصورة أشد قتامة. حتى أن تَخرُج فتاة من الجامعة أو حصول أخرى على وظيفة عادية، يتم التعامل معه كحدث تاريخي يستحق الاحتفال!
اليسار الغربي والليبرالية الغربية بدأت تتعامل مع الأقليات كتجمعات ثقافية مغلقة. بدلا من تشجيعها على الاندماج، صارت تشجعها على التمسك بثقافتها المحلية وتكوين غيتوهات مغلقة تحت إسم التعددية الثقافية
ولأن علاقة اليمني بالقانون متوترة، فقد أعادت التجمعات اليمنية بعث عادة “التحكيم القبلي” داخل المدينة الغربية نفسها، وصار لبعض التجمعات اليمنية “شيخ” قَبَلي يفصل في المنازعات ويحل الخلافات العائلية والمالية والشخصية ويقوم مقام القانون والمحامي والمحكمة.
أما لو اختلف الرجل مع زوجته أو توترت علاقتهما الزوجية، فشيخ الجامع هو الحكم بدلا من الذهاب إلى أخصائي نفسي أو اجتماعي.
أعاد المهاجر العربي-المسلم خلق الإشكالية التاريخية للتعارض بين الخبز والحرية داخل بلدان الحرية والخبز والكرامة.
فهل هذه قناعته، أم أن الاستبداد الديني والاجتماعي أصر على ملاحقته إلى ما وراء البحار؟!
تعليقا على مقال حسين الوادعي، الذي تحدث فيه عن مجموعة من النقاط الأساسية، والتي لازمت الإنسان العربي في محاولته الاندماج في المجتمع الغربي، الذي يختلف بكثير عن مجتمعاتنا المتقلة بالتقاليد و التي لازالت تتبنى ثقافة الاعراف في تدبير شأنها في هده الحياة، فنجد ان هناك شرخ وتقاطع فيما يتمنى ان يعيشه ويسعى لتجربته، بينما في الجانب الاخر يجد نفسه مثقل بتقافة المحاسبة، واعتبار الاخر الذي لايمنحه تلك الحرية ليعبر عن حاجياته الجمالية والوجودية كإنسان، ولهذا في نظري ظل الإنسان العربي يعاني في بلده لكونه محروم من حتى التعبير وإبداء الرأي المغاير وهو اقل مايمكن الشعور به، وبحته الحتبث على فضاء آخر مغاير وثقافة جديدة لاضيق فيها ولا حدود فيها للهويات، والارث العربي الثقيل وخلفيته التي لاتمنحه التميز كما يعتقده الكثيرون، لكونها ساجنة للإنسانية ومقوقعة ومتكتلة حول نفسها، بمحاسنها وزلاتها ورافضة للتفتح على الآخر أو حتى الاصغاء اليه…