ثريا الشاوي: مسار متفرد وانبهار عالمي 2\3الجزء الثاني
اكتشفنا في الجزء الأول من هذا البورتريه، بعضا من ملامح حلم ثريا الشاوي بأن تصبح طيارة، وأيضا الأسباب الكامنة وراء تعاظم هذا الهدف. في الجزء الثاني، نحكي قصة تخرج ثريا …
اكتشفنا في الجزء الأول من هذا البورتريه، بعضا من ملامح حلم ثريا الشاوي بأن تصبح طيارة، وأيضا الأسباب الكامنة وراء تعاظم هذا الهدف. في الجزء الثاني، نحكي قصة تخرج ثريا الشاوي ونيلها لشهادة الكفاءة لقيادة الطائرات بامتياز، وانبهار العالم وإشادته بها، وأيضا نرسم بعضا من ملامح شخصيتها، كمناضلة وأديبة وممثلة.
يوم التخرج… اليوم المشهود
عن عمر الـ15، جاء اليوم المشهود، يوم الامتحان، وكان يوما سيئ الأحوال الجوية. حسب بعضهم، فإن اختيار ذلك اليوم كان متعمدا من قبل الإدارة الفرنسية للمدرسة، حتى لا تنال شهادتها.
استدعى ذلك نقلها إلى الدار البيضاء لإجراء فحوصات طبية، فتأكدت عودة المرض إلى صدرها
ركبت ثريا الشاوي الطائرة مؤمنة بحلمها، وحلقت على علو ثلاثة آلاف متر، وقطعت مسافة دائرية على طول 40 كيلومترا. قدمت استعراضا “رائعا” ثم نزلت أخيرا، تحت تصفيق الحاضرين من الصحافة، وانبهار غير ذي نظير من قبل لجنة الامتحان، فتوجت بذلك حلمها، ونالت شهادة الكفاءة لقيادة الطائرات، بامتياز.
اقرأ أيضا: ثريا الشاوي، أول وأصغر قائدة طائرة في المغرب وإفريقيا والعالم العربي
أورد عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة، في كتاب[1] له عن ثريا الشاوي، كلمة كتبتها في مذكرتها، تتوجه بها إلى أبيها متحدثة عن هذا الامتحان، تقول فيها:
“لقد عشت يا أبي أسعد لحظة في حياتي، حين كنت ممسكة بزمام الطائرة، فما كنت مضطربة، أو خائفة من الرسوب، بل كنت متيقنة من فوزي التام. لم أر إلا ضبابا في ضباب، ولكني كنت حذرة أشد الحذر على الاحتفاظ بتوازن الطائرة، وعدم الخروج من إطار ما حدوده لي، فكنت أحسب نفسي كطائر أشارك الطيور في فضائها واستمتع بالحرية الكاملة، وحيدة يؤنسني صوت محرك طائرتي وتقودني معرفتي ومعلوماتي”.
انبهار عالمي
لم يكن ليمر هذا الحدث، دون أن يتصدر عناوين الصحف الوطنية والدولية، فالنساء القائدات للطائرات آنذاك، كان يتم عدهن على رؤوس الأصابع في العالم، وثريا كانت أول امرأة عربية وإفريقية تحصل على شهادة الطيران في هذه السن المبكرة.
ثريا كانت أول امرأة عربية وإفريقية تحصل على شهادة الطيران في هذه السن المبكرة.
تقديرا لهذا الإنجاز، أقام النادي الجوي للأجنحة الشريفة، حفلا على شرفها. وانهالت عليها التهاني والتبريكات من كل حد وصوب، من محمد بن عبد الكريم الخطابي، وعلال الفاسي والاتحاد النسوي الجزائري، والتونسي، والربانة الفرنسية جاكلين أوريول، من ملك تونس، وملك ليبيا، وغيرهم، بل ومن ملك المغرب محمد الخامس، الذي استقبلها في قصره بحفاوة كبيرة رفقة أميراته ليهنئها.
اقرأ أيضا: ثريا الشاوي، اغتيال أسطورة
مناضلة، فاعلة جمعوية، أديبة، وممثلة…
الاهتمام بالطيران لم يكن الشغل الشاغل لثريا الشاوي، إنما امتدت مواهبها إلى مجالات عدة. فكانت محبة للأدب بخاصة الشعر والقصة الصغيرة، ونالت جوائز كثيرة بهذا الصدد. كما شاركت، بجانب أبيها، في فيلم من إخراج الفرنسي أندريه زوبادا بعنوان “الباب السابع”، سنة 1943، وهو ما كان في حينه سابقة نسائية.
ثريا الشاوي أسهمت كذلك في العمل الجمعوي من خلال تأسيسها لجمعية اسمها “أخوات الإحسان”، وعملها سفيرة للقضية النسائية داخل مؤسسة للا أمينة المعنية بمساعدة الفتيات ودعم تحرير النساء. كما كانت لها مواقف وطنية عديدة، إذ طالبت مناضلةً ضد المستعمر بعودة محمد الخامس من المنفى، وحين عاد، كان الترحيب بطريقتها الخاصة.
في غضون عودة الملك من منفاه، عمت المغرب احتفالات الترحيب، وكان لثريا الشاوي طريقتها في ذلك، إذ حلقت بطائرتها في سماء الرباط فوق موكب الملك، ترمي بمناشير وأوراق ملونة فرحة بعودته. من شدة فرحتها، لم تعر اهتماما كافيا لملبسها، ولا لنافذة الطائرة المفتوحة، وحين نزلت، كان جسمها “مثلوجا”.
استدعى ذلك نقلها إلى الدار البيضاء لإجراء فحوصات طبية، فتأكدت عودة المرض إلى صدرها. تكفل الملك بنقلها إلى سويسرا من أجل التداوي، هناك ظلت ستة أشهر تتعافى، قبل أن تعود إلى أرض الوطن، أخيرا، سالمة.
في الجزء الثالث، نكتشف محاولات الاغتيال التي تعرضت لها ثريا الشاوي. المحاولات التي نجحت الأخيرة منهن، فوضعت حدا لحياة طيارة كان ليكون لها شأن عظيم لو ظلت حية واستمرت في السير على درب حلمها.
لقراءة الجزء الأول: ثريا الشاوي: أصغر وأول قائدة طائرة في المغرب، إفريقيا والعالم العربي! 1\3
لقراءة الجزء الثالث: ثريا الشاوي: اغتيال أسطورة 3\3