الشّعر “لي ماقراوناش”… دواوينٌ في الغزل قرضتها النّساء في الأندلس! 1/3 - Marayana - مرايانا
×
×

الشّعر “لي ماقراوناش”… دواوينٌ في الغزل قرضتها النّساء في الأندلس! 1/3

“نصيب المرأة الأندلسية من العلم والمعرفة والتحرك، كان أكثر من نصيب أختها في المشرق، فقد كانت بعض المتأدبات يترددن على منتديات الرجال الأدبية، كما كان لبعض النساء أيضاً منتديات أدبية يؤمّها الرجال والنساء على حد سواء. ولعل ندوة ولاّدة بنت المستكفي تعتبر مثالاً لهذا اللون من النشاط النسائي وتحرك المرأة في الأندلس.”

على الرغم من ظهور شاعرات في المشرق العربي، مثل الخنساء وليلى العامرية، فقد بقي عددهُنّ وبقيت قصائدهن محدودة، فضلًا عن خضوعهن لتقاليد لم يستطعن تعديها مهما بلغ “انفتاح” المجتمع في فترات معينة… إذ ظل المجتمع المشرقي العربي يحاسب المرأة على قولها وفعلها.

مع ذلك، حتى هؤلاء الشاعرات القليلات، لم يتمّ تدريسهن في دروس الشعر العربي القديم في المناهج التعليمية، لاسيما إزاء موضوعات الغزل في الشّعر العربي.

وكأنّ الشّعر وسؤال الذّات حكرٌ على الذّكورة وقتئذٍ، مع الاكتفاء ببعض نماذج الخنساء في الرثاء.

اعتبرها البعضُ ماجنة، وذهبوا إلى أنّه كان في سلوكها وشعرها نوع من التحلل والابتذال والفحش. لا تعرف الخفر والحياء اللذين يستحبان في المرأة ويطلبان منها… لكن بعض أشعارها لا تشيرُ إلا إلى قيم تحررها وحداثتها ومواكبتها للصعود القيمي للمرأة في الأندلس.

عكس ذلك، نجدُ، وفق الكثير من النقاد، أنّ الأندلس عرفت بروزاً لافتاً للشّاعرات، وانفتاحاً مدهشاً في الموضوعات، تماشياً مع المكانة التي أصبحت تحتلها المرأة، وظهور لون شعري يتّسم بالجُرأة والصّراحة في تعبير المرأة الشاعرة عن أحاسيسها وعواطفها.

من الباحثين من اعتبر أنّ “نصيب المرأة الأندلسية من العلم والمعرفة والتحرك، كان أكثر من نصيب أختها في المشرق، فقد كانت بعض المتأدبات يترددن على منتديات الرجال الأدبية، كما كان لبعض النساء أيضاً منتديات أدبية يؤمّها الرجال والنساء على حد سواء. ولعل ندوة ولاّدة بنت المستكفي تعتبر مثالاً لهذا اللون من النشاط النسائي وتحرك المرأة في الأندلس.” [1]

في دراسة للباحثة والشاعرة الاسبانية – الكتلانية كلارا خانيسْ تحت عنوان: “الشعر النسوي في الأندلس”، تخلصُ إلى أن الكتابة عند المرأة لا يمكنها أن تتحقق إلا إذا توفرت لديها شروط معينة، “منها التواجد في عصر بعينه يسمح لها فيه المجتمع بالمشاركة في الحياة العامة بشكل فعال، مع توفير مستوى ثقافي معين، فضلاً عن ضمان حرية القول والإفصاح والبوْح والتعبير، بالإضافة إلى الانتماء إلى نمط اجتماعي بذاته.” [2]

تضيف الباحثة عنصراً آخر، ينقلهُ عنها محمّد الخطّابي، أنّهُ كي يتسنى للمرأة مزاولة عملية الخلق والإبداع، ثمّة شرطٌ لا غنى عنهُ وهو “الانفتاح في العادات، والتقاليد، وعدم تحجرها، وجفائها، وجفوتها مثلما كان عليه الشأن في المجتمع الأندلسي، الذي كان من أكثر المجتمعات انفتاحا وانشراحاً وتسامحاً في القُرون الوسطى.” [3]

  • حفصة بنت حمدون

يرى بعض الباحثين أن حفصة بنت حمدون الحجارية (نسبة إلى مولدها بوادي الحجارة) تحتلّ مكانة ريادة شعر الغزل من بين شاعرات الأندلس، إذ “طرقت هذا الباب طرقاً خفيفاً ومهّدت السبيل لمن جاء بعدها. وقد طرقت للمرأة الأندلسية باباً لم تكن قد جرت على طرقه بعد. إنّه باب الغزل، طرقته بخفّة وتردد وتحفّظ” … هيّأت حفصة بنت حمدون بذلك السّبيل للشاعرات بعدها أن يفتحنه ويدلفن من خلاله إلى ساحة الغزل، بكل ما حوت من فنون وأساليب على سعتها وعمقها. [4]

“كي يتسنى للمرأة مزاولة عملية الخلق والإبداع، ثمّة شرطٌ لا غنى عنهُ وهو الانفتاح في العادات، والتقاليد، وعدم تحجرها، وجفائها، وجفوتها مثلما كان عليه الشأن في المجتمع الأندلسي”

حفصة من شاعرات المئة الرابعة، وهي من وادي الحجارة. أُعجبت بشخص تكنّيه بابن جميل، تُعجب بدماثة خلقه وجمال خلقته. إعجاب وانبهار قد تغلغل إلى أعماق نفسها وشعورها فعبّرت عنه شعراً رائعاً عذباً جميلاً ممزوجاً بالغزل العذب الرقيق الذي يومئ إلى عاطفة ما نحوه إذ تقول [5] :

رأى ابن جميل أن يرى الدهر مجملا … فكل الورى قد عمهم سيب نعمته

له خـلق كالخمر بعـد امتزاجــها … وحسن فما أحلاه من حين خلقته

بوجه كمثل الشمـس يدعو ببشـره … عيوناً ويعشيها بإفـراط هيبـته

لها أبياتٌ من الشّعر، تفصحُ فيها عن كبريائها وعلو كعبها واعتدادها بنفسها، و”نسويتها”، من حيثُ النظر إلى ذاتها كامرأة حُرّة تقدّر كيانها وكرامتها… إذ تقول :

لي حبيب لا ينثنــي لعتـاب … إذا مـا تركـته زاد تـــيهاً

قال لي هل رأيت لي من شبيه … قلت أيضاً وهل ترى لي شبيها

  • أمّ الكرام الصمادحية

كانت أم الكرام الصمادحية تحتلّ مركز الأميرة. لهذا، ذهب بعضُ النّقاد إلى أن مكانتها الاجتماعية تحتم عليها العفة والاحتشام والرزانة والكتمان ومداراة العواطف، وتفرض عليها الاحتفاظ بكبريائها ووقارها، كونها امرأة أولاً… وأميرة ثانياً.

صدمها الحبّ مع فتى من فتيان قصر أبيها، فكتبت فيه أشعار الغزل، دونما اكتراث لمن حولها، بل هي تنادي الناس بأعلى صوت  [6] فتقول :

يا معشر الناس ألا فاعجبوا … مما جنته لوعة الحب

لولاه لم ينزل بدر الدجى … من أفقه العلوي للترب

حسبي بمن أهـواه لو أنه … فارقني تابعـه قلبـي

لم تكتف الأميرة العاشقة بذلك، بل تسترسل في “عبثها” بعد أن يلح عليها الشوق ويكويها ألم الجوى، فتطلب خلوة بحبيبها علّها تطفئ لظى قلبها ولهيب أشواقها، فتقول  [7] :

ألا ليت شعري هل سبيل لخلوة … ينزه عنها سمـع كل مراقـب

ويا عجباً أشتاق خلوة من غدا … ومثواه ما بين الحشا والترائب

  • بنت الكلاعي الغرناطية

أما نزهون بنت الكلاعي الغرناطية، فقد كانت جريئة أيضاً في غزلها، وقد جاء في وصفها أنها كانت تتميز بخفة الروح والانطباع الزائد والحلاوة وحفظ الشعر والمعرفة بضـرب الأمثال مع جمال فائق وحسـن رائق…

لحفصة بن حمدون أبياتٌ من الشّعر، تفصحُ فيها عن كبريائها وعلو كعبها واعتدادها بنفسها، و”نسويتها”، من حيثُ النظر إلى ذاتها كامرأة حُرّة تقدّر كيانها وكرامتها…

اعتبرها البعضُ ماجنة، وذهبوا إلى أنّه كان في سلوكها وشعرها نوع من التحلل والابتذال والفحش. لا تعرف الخفر والحياء اللذين يستحبان في المرأة ويطلبان منها… لكن بعض أشعارها لا تشيرُ إلا إلى قيم تحررها وحداثتها ومواكبتها للصعود القيمي للمرأة في الأندلس وانعكاس الأمر على موضوعات الشّعر عندها.

يُذكر أن الوزير أبا بكر بن سعيد كان قد أولع بمحاضرتها ومذاكرتها ومراسلتها، وكانت بينهما روابط عشق. من شعرها الغزلي ، قولها [8] :

الله درّ الليالــي مـا أحيسنها … وما أحيسن منـه ليلـة الأحد

لو كنت حاضـرنا فيها وقـد غفلت … عين الرقيب فلم تنظر إلى أحد

أبصرت شمس الضحى في ساعدي قمر … بل ريم خازمة في ساعدي أسد

اعتبر يونس هاشم مجيد أن الشاعرة أبدعت في بيتها الثالث، إذ رسمت صورة مُشرقة جميلة أجادت في توزيع ألوانها وأضوائها ومشاهدها، إذ صورت لنا مشهداً غرامياً بين يدي حبيبها وأبرزت فيها مفاتنها إلى جانب صفات الحبيب…

لابد من الإشارة إلى أنّ الأندلس شهد أسماء كثيرة لشاعرات، من قبيل لبنى كاتبة الحاكم المستنصر، والغسانية، وغاية المنى، واعتماد الرميكية زوجة المعتمد، وعائشة بنت قادم القرطبية، ومريم بنت أبي يعقوب الأنصاري، وأم العلاء بنت يوسف الحجارية البربرية، وحمدة بنت زياد المؤدب وأختها زينب، وقمر جارية إبراهيم اللخمي، والشاعرة العبادية والدة المعتمد، وبثينة بنت المعتمد ابن عباد، وأسماء العامرية، وحفصة الركونية….

هناك أيضا الشاعرة الأميرة الشهيرة صاحبة ابن زيدون، ولادة بنت المستكفي… فمن هي هذه الشّاعرة؟ وما حكايتها؟ وبماذا اتصفت قصائدها في الغزل؟

شخصية نتعرف عليها في الجزء الثاني من هذا الملف…

[1] الشكعة مصطفى، الأدب الأندلسي: موضوعاته وفنونه، دار العلم للملايين 1975.

[2] الخطابي محمد ، أثر شاعرات الأندلس على الشعر الاسباني والآداب الأروبية، القدس العربي.

[3] المرجع نفسه.

[4] يونس هاشم مجيد، معاني الغزل عند شاعرات الأندلس، مجلة الفتح، العدد الرابع والعشرون.

[5] المرجع نفسه.

[6] نفسه.

[7] نفسه.

[8] نفسه.

مقالات قد تثير اهتمامك:

تعليقات

  1. عبد الرحيم

    هذا ليش بشعر …مبتذل وفيه تكلف وقلة حياء و تمجيد لما حرم الله عز وجل كالخمر …..لا شاعرة أعرف لإلا الخنساء أو بس حسب تعبير اخواننا المصريين

    • lol

      azaezeazeazeaz

  2. Sali

    حلو💜💙

  3. kajeioumounia

    wonderfulll more continue

اترك رداً على عبد الرحيم إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *