سناء العاجي: نحن والخرافة…. والعلم! - Marayana - مرايانا
×
×

سناء العاجي: نحن والخرافة…. والعلم!

العَالِم يبحث دائما عن إيجاد حلول لإشكالات وإجابات لأسئلة، وعن كل ما يمكنه جعل الحياة على الأرض متاحة وبسيطة… والفقيه وحده، ظل يردد نفس الأجوبة العتيقة، ليس لحل مشاكل العالَم المتجددة، ولكن فقط، كي يظل لوجوده معنى… وكي يظل مطمئنا، أن العلم الوحيد الذي يستحق أن يكون علما… هو تكرار الفتاوى وإعادة الجمل القديمة… وأن كل ما عدا ذلك، جهل.

“الإسلام دين يدعو إلى للعلم”، تلك عبارة يرددها الكثيرون، وإن كان عدد منهم يريدونه أصلا “دين علم”. يعيشون فقط، كي يقولوا إن ما وصل، وما سيصل له العلم، موجود أصلا في الدين وفي كتابه المقدس، القرآن.

لكن، ما بالنا عشنا، منذ بضعة أيام، على وقع الجهل المقدس الذي يرفض الاعتماد على العلم لتحديد مواعيده الأساسية؟ ما بالنا ضللنا، لأيام طويلة، وككل سنة، نتساءل: متى أول أيام رمضان: السبت أو الأحد؟ وفي مصر؟ وفي فرنسا؟ وفي بلجيكا؟

ثم بعدها بأسابيع قليلة، عاودنا التساؤل: متى العيد؟ الاثنين أو الثلاثاء؟

ككل سنة، نحتار في تحديد مواعيدنا المهنية والشخصية والطبية… ويحتار عدد من مسلمي أوروبا أي يوم يطلبون عطلةً، حيث تسمح العديد من المؤسسات الاقتصادية لموظفيها المسلمين في أوروبا (العلمانية الكافرة) بالحصول على عطلة في أعيادهم الدينية؛ لكن إدارات الموارد البشرية تتفاجأ بموظفين يطلبون يوم عطلة… وهم لا يعرفون يوم العيد تحديدا! كما يحدث أن يستفيد موظفون مسلمون في فرنسا أو اسبانيا أو إيطاليا من يوم عطلة… ليصادف عيد الفطر يوما آخر غير اليوم الذي استفادوا فيه من عطلة!

اليوم، يستطيع العلم أن يحدد، لسنوات طويلة، بدايات ونهايات كل شهر قمري. باعتمادنا على العلم فعلا وليس قولا، سنتمكن من معرفة بدايات رمضان وشوال وذي القعدة وغيرها من الشهور، بشكل منتظم وعلمي وأكيد، ولسنوات طويلة. سننظم حياتنا المهنية والشخصية والدينية بشكل دقيق ومنظم… فهل يخالف هذا التدينَ والإيمانَ في شيء؟ هل سيكون الفرد أقل إسلاما إن اعتمد على العلم ليعوض حديث: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرأيته“، والذي قاله الرسول ببساطة لأن علم الفلك لم يكن قد تطور في زمنه بشكل كاف؟

في نفس الإطار، وضمن نفس التناقض، فاليوم، يستطيع العلم أن يحدد إن كانت الزوجة المطلقة أو الأرملة حاملا خلال الأسابيع الأولى للحمل المحتمل. فهل من منطق يبرر، في زمننا، فترة العدة؟ (اللهم الخرافة التي تقول بأن فترة العدة هي المدة، بالضبط، التي يختفي فيها أثر مني الزوج السابق من الجهاز التناسلي للزوجة السابقة… وهي خزعبلة خرافية لا أساس علمي لها… هذا دون أن ننسى أن العدة نفسها تختلف مدتها حسب الطلاق والترمل وحسب حالات أخرى محددة. وبالتالي، فهذا المنطق لا يستوي والحكم الشرعي نفسه!)!

ودائما في نفس الإطار، فالعلم اليوم يستطيع أن يحدد بشكل أكيد نسب الطفل/ـة لأبيه\ـا بتحليلات الحمض النووي (ADN /DNA)، رغم أن الفقهاء مازالوا مصرين أن الولد للفراش… فنستمر بذلك من حرمان ملايين الأطفال في العالم من حقوقهم المدنية والإنسانية والقانونية… لأن لغة الفقهاء ترفض لغة العلم!

لذلك، ففي المرة المقبلة التي تسمع فيها شخصا يقول بأن الإسلام يشجع على العلم، تذكر على الأقل هذه النقاط الثلاث، وتساءل: حين يعطينا العلم إجابات أكيدة تغير حياتنا وتنظمها وتضمن حقوق الأفراد والجماعات وتجعلنا نعيش بلغات عصرنا، فما بالنا مازلنا نصر على إعادة إنتاج منطق، كان ربما صالحا في زمن ما… وأصبح بالتأكيد مرادفا للتخلف والعبث والظلم الإنساني والحقوقي.

تذكر… أن العَالِم يبحث دائما عن إيجاد حلول لإشكالات وإجابات لأسئلة، وعن كل ما يمكنه جعل الحياة على الأرض متاحة وبسيطة… وأن الفقيه وحده، ظل يردد نفس الأجوبة العتيقة، ليس لحل مشاكل العالَم المتجددة، ولكن فقط، كي يظل لوجوده معنى… وكي يظل مطمئنا، أن العلم الوحيد الذي يستحق أن يكون علما… هو تكرار الفتاوى وإعادة الجمل القديمة… وأن كل ما عدا ذلك، جهل.

فأين نحن من العلم، والحال هذه؟

تعليقات

  1. لا شئ

    تمت القراءة بنجاح…
    شكرا لك.

  2. Alilou lach

    “النسيء و التقويم الإسلامي”هو كتاب بحثي لصاحبه عز الدين نيازي يتناول فيه بطربقة أكاديمية و تاريخية إشكالية التقويم الإسلامي الذي لا يصح أن يسمى أصلا تقويما!!
    يستعرض فيه تاريخ هذا التقويم القمري و حتى تاريخ التقويم الغريغوري الميلادي و أوجه الإختلاف بينهما. و يبين فيه بشدة أسباب عدم صلاحية التقويم الهجري في الحياة اليومية للأفراد.

  3. عبد الله

    الفاضلة سناء لا تخلو اي دراسة علمية او رواية غربية من مفهوم المواعدة او الشريك حتى لو كان النسان متزوج شكل من جعل المرأة متاع رخيص وهذا ليس وليد اليوم بل من مئات السنين لقد كان هناك جاهليه قبل الإسلام ولكن مع الإسلام أصبح للمرأة كرامة بغض النظر مفهوم الزواج( السطحي) الذي له مسميات مختلفة مع انه مشرع للعفة اتمنى منك أن تتطلعي على احصاءت عدد الأطفال الغير شرعيين في الدول الغربية ولك الحكم احترامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *