سناء العاجي الحنفي: وأفظعهم المنافقون! - Marayana - مرايانا
×
×

سناء العاجي الحنفي: وأفظعهم المنافقون!

أحترم وأقدر المحافظين والإسلاميين الذين، على الأقل، لا يتظاهرون بتبني مواقف لا تشبههم.

هم خصومك الفكريون الذين قد تختلف معهم وقد تستفزك خرجاتهم. لكنهم، على الأقل، يجعلونك تفكر في تطوير براهينك وحججك.
الكارثة والخبث في من يتدثرون بشعارات الحداثة والمساواة، فتخونهم جملة أو موقف أو فكرة… وما أكثرهم!

حين نكون في حضرة شخص محافظ، بينما ندافع نحن عن قيم الحداثة والحريات العامة والفردية والحقوق والمساواة بين الجنسين وحرية المعتقد وغير ذلك من القيم التي تنتصر للفرد واختياراته، يكون من الطبيعي أن تختلف وجهات النظر والتصورات!

المشكلة الكبرى هي حين نكون أمام أشخاص محافظين… لكنهم مصرون على ادعاء الحداثة. أشخاص يجمعون في نصف جملة بين حقوق النساء وبين تحميلهن كامل المسؤولية في حالة التحرش أو العنف أو الحمل غير المرغوب فيه. يضعون في نفس الفقرة العلاقات الجنسية الرضائية من جانب، والاغتصاب أو الاعتداءات الجنسية على الأطفال من جانب آخر.

أولئك الذين يصرون على أن نقاش حقوق المثليين والمتحولين جنسيا هو نقاش يؤسس له مخطط دولي سري، وليس فقط البحث عن حقوق فئة من المواطنين تسعى للعيش في سلام دون أن يكون توجهها الجنسي والحميمي مؤثرا في سلامتها وفي مواطنتها.

أولئك الذين ينهون دائما عباراتهم بـ: “لكن”:

  • “أنا مع حقوق النساء، لكن…”.
  • “أنا مع حرية المعتقد، لكن…”.
  • “أنا مع الحريات الفردية، لكن…”.

أولئك الذين يدافعون عن الحق في الحياة حين يتعلق الأمر بحق النساء في اختيار الأمومة أو عدمها، فيقفون ضد التوقيف الإرادي للحمل… لكن عقيدتهم تتوجه، بضع أيام أو ساعات بعد ذلك، نحو “القصاص” ويرفضون بشكل قطعي مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، لأن الحق في الحياة لا يرتبط عندهم إلا بأجساد النساء وحقهن في الحرية والاختيار. حتى “الحق في الحياة” لذلك الجنين، فهو لا يعنيهم إلا خلال التسعة أشهر التي يكون فيها في بطن أمه. بمجرد أن يخرج للوجود، يكونون أول من يصمه بالعار!

أولئك الذين يصنفون أنفسهم مع حقوق النساء، “لكن تدريجيا”؛ ومع المساواة، على أن تظل لهم الكلمة الأخيرة والقوامة والولاية القانونية على الأبناء.

أولئك الذين يبررون حرمان الأم من الحضانة بعد زواجها مجددا، بأن هناك حالات اغتصاب كان المجرم فيها زوج الأم. هل نحرم كل النساء من الحضانة بسبب بضع حالات جريمة اقترفت من طرف زوج أم، علما أن هناك حالات أخرى كثيرة، للأسف، اغتصب فيها أب أبناءَه وبناته؟ فهل نحرم بموجبها جميع الآباء من حضانة أبنائهم؟ وهل، حين تقسو زوجة أب على أبناء وبنات زوجها، سنعتبر جميع الآباء غير مؤمَّنين على أبنائهم وبناتهم؟ أم أنها في الحقيقة مجرد أعذار تبريرية لعقليات ذكورية تستكثر على النساء حقهن في إعادة بناء حياة جديدة بعد الطلاق وتفرض عليهن الاختيار بين أن يكن أمهات… وأن يكن نساء!

أولئك الذين يعتبرون أن الأولوية هي الدفاع عن الحريات الفردية للأشخاص الغيريين، وبعدها، نناقش حقوق المثليين. على أي أساس نبني هذه التراتبية في الحقوق بناء على تفاصيل حميمية؟ أم أنها تراتبية لا تخفي في الحقيقة إلا رفضا مبطنا للمثلية وللمثليين؟

أولئك الذين يقولون: “العلاقات الجنسية الرضائية؟ نعم، لكن لا يجب استفزاز مشاعر الناس!”. فهل يطالب المدافعون عن الحريات الجنسية للمثليين وللغيريين، بحق ممارسة الجنس في الشارع مثلا؟

أولئك الذين يقولون: “لا تريد أن تصوم رمضان؟ من حقك… لكن في بيتك”. فمن الذي قرر أن الفضاء العام مخصص حصريا للمؤمنين؟

أولئك الذين يعجبهم أن يكونوا مصنفين ضمن خانة الحداثيين والحقوقيين، لكنهم في الحقيقة لا يحملون من الحداثة إلا الشعارات.

أولئك الذين يبررون إقبار نقاش المساواة في الإرث بكون الأمر مؤطرا بنص قرآني. يبخسون النقاش باعتبار “معظم الناس فقراء أصلا وليس لديهم ما يرثونه”. وكأننا نناقش تركة يجب تقسيمها وليس مبدءا حقوقيا للمساواة بين الجنسين.

أحترم وأقدر المحافظين والإسلاميين الذين، على الأقل، لا يتظاهرون بتبني مواقف لا تشبههم.

هم خصومك الفكريون الذين قد تختلف معهم وقد تستفزك خرجاتهم. لكنهم، على الأقل، يجعلونك تفكر في تطوير براهينك وحججك. الكارثة والخبث في من يتدثرون بشعارات الحداثة والمساواة، فتخونهم جملة أو موقف أو فكرة… وما أكثرهم!

تعليقات

  1. لا شئ

    شكرا استاذة سناء على المجهودات….
    لدي فقط ملاخظة خارح سياق موضوعكن لكنه ربما قريب نوعا ما تتعلق بمسألة ردة الفعل و الضجيج الذي يحدثه الاسلامويون حين يقوم شخص ما بتصرف عدواني ضد المصحف في مكان من هذا العالم….
    هذه الأيام بالمقابل، وقع نفس الشئ في (أوكرانيا) حيث قام بعض الجنود الاوكرانيين بحرق المصحف و تلطيخه ، طبعا ردة فعل هؤلاء الاسلامويين ستختلف و ستكون موجزة في الصمت المطبق لأنه في خالة اثارة ذلكن اللغط المعتاد ، فذلك سيكون بمثابة اعلان نصرة و تأييد لدولة (روسيا) الكافرة ، التي اجهضت حلم داعش في سوريا….و هو الأمر الذي لا ينسجم مع النفاق.
    انتهى
    ح.ق
    ماجستر دراسات قضائية.

  2. مصطفي الحسنين

    تحياتي اليكي السيده سناء واقدر افكارك العظيمه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *