الرجل والحجاب: عود على بدء. هاشتاغ # كن راجَلْ! - Marayana - مرايانا
×
×

الرجل والحجاب: عود على بدء. هاشتاغ # كن راجَلْ!

تتبعت خلال الصيف الماضي من خارج الوطن، وبكثير من الحسرة على بنات جلدتي، ذلك العبث الذي شغل من لا شغل لهم من “رجال” هذا المسمى عبثا “وطنا عربيا”. الأشد إيلاما …

علي اليوسفي

تتبعت خلال الصيف الماضي من خارج الوطن، وبكثير من الحسرة على بنات جلدتي، ذلك العبث الذي شغل من لا شغل لهم من “رجال” هذا المسمى عبثا “وطنا عربيا”.

الأشد إيلاما أن تلك “الفكرة” أو بالأحرى ” اللا فكرة” التي وضعها على شبكة التواصل الاجتماعي “لا رجل”، وجدت لها صدى، وتناقلها الكثيرون بحماس منقطع النظير، مرددين: “أوريكا” Euréca.

لم يكتشف هؤلاء طبعا جاذبية الأرض، ولا إمكانية إنقاذ البشرية  من تهديد الاحتباس الحراري، وإنما عثروا على ما هو أعظم، أقصد السبب الخفي وراء تخلف عالمهم العربي ـ الإسلامي. إنه ذلك العفريت الذي انفلت من قمقم كانوا قد أحكموا إغلاقه منذ أربعة عشر قرنا أو يزيد، فأزهق الأرواح وزعزع السمع والأبصار والأفئدة، فإذا بهم في الزنا يعمهون!

وقف “اللارجال” وقفة “لارجل واحد” وهم الذين لم يقفوا يوما ولا عرفوا المشي في عالم متحرك، ليقولوها بالفم “المليان” : أُستري هذه العورة التي لا أتحمل رؤيتها، وقِري ببيتك معززة مكرمة مثل الثريا، ولا تبدي زينتك إلا لبعلك الذي دفع لك مقابل ذلك مهرك، فأنت ملك له لا لغيره، ولا حق لعين في التجول على تضاريسك

إنها المرأة، هذا الكائن العجيب والغريب الذي يُقبل في صورة شيطان ويُدبر في صورة شيطان! ومادام من المستحيل القبض على الشيطان نفسه، وقد أذن له الرب بالبقاء إلى يوم يُبعثون حتى يضل عن سواء السبيل، فليكتف هؤلاء “اللارجال” بالقبض على صورته/ المرأة، وذلك أضعف الإيمان!

اقرأ أيضا: سناء العاجي: كن رجلا… حقا؟

إن تغيير المنكر بالقلب في هذه الحالة لا يُحقِّق الثواب المرغوب، بل لا بد من استعمال الأيدي، وكيف لا وعضلات “اللارجال” تسمح لهم بتكسير عظام هذا الكائن الضعيف، عفوا، هذا الشر المتحرك/ المرأة.

لذلك وقف “اللارجال” وقفة “لارجل واحد”، وهم الذين لم يقفوا يوما ولا عرفوا المشي في عالم متحرك، ليقولوها بالفم “المليان” : أُستري هذه العورة التي لا أتحمل رؤيتها، وقِري ببيتك معززة مكرمة مثل الثريا، ولا تبدي زينتك إلا لبعلك الذي دفع لك مقابل ذلك مهرك، فأنت ملك له لا لغيره، ولا حق لعين في التجول على تضاريسك، فالعين تزني قبل الذَّكر أحيانا!

قلت الذَّكر، عفوا، فـ ” اللسان ما فيه عظم”. كنت أقصد الرَّجُل، ففي الوثن العربي، الذكر رجل والرجل ذكر وما بينهما الشبهات! أليس الذي يتبع المرأة في الفضاء العام مجرد ذكر وقعت عيناه على أنثى فانتصب مقسما إنه لغازيها؟

اقرأ أيضا: أوتوبيس 678، وللتحرش سينماه

في عالم الحيوانات، للفحل شرف الفحولة، يسود قومه ويتبختر. كيف لا وقد شُرِّعت له كل الإناث اللواتي لا يحملن إسما ولا عنوانا ولا ميزة، وإنما فقط بطاقة هوية دُونت عليها: أنثى. الفحل يتبع الأنثى حاملا كل رأسماله على ذَكره.

إن تغيير المنكر بالقلب في هذه الحالة لا يُحقِّق الثواب المرغوب، بل لا بد من استعمال الأيدي، وكيف لا وعضلات “اللارجال” تسمح لهم بتكسير عظام هذا الكائن الضعيف، عفوا، هذا الشر المتحرك/ المرأة

في فضاءاتنا العامة والعمومية والخصوصية بلا استثناء، يخرج الذكور وقد امتشقوا فحولتهم فينزلون لغزو كل النساء/الإناث، فما بالك إن أبدت النساء بعضا من زينتهن. أليس ذلك نداء شيطانيا صريحا لأن يُغزَيْن؟  أليس مسا بفحولة الذكور أن يروا أجسادا، ما خرجت إلى الوجود إلا لإشباع نَهَم الذكور، فلا يحركوا ساكنا. هل ماتت النخوة العربية؟!

بفعل كل هذا الموروث الكامن في المتخيل الجمعي، تفتقت عبقرية ذلك الذكر أو “اللا رجل” الصيف الماضي ليحث إخوته في الجنس على التحلي بالذكورة، وتحفيظ كل ممتلكاتهم من النساء درءا للأخطار وصدا لكل الذرائع.

صحيح أن لسانه زل، فنطق”#كن_رجلا”  وقد كان يريد أن يقول: ” #كن_ذكرا”. مَن مِن العرب لا يزل لسانه؟ فكم من رئيس حكومة عربي سمى بلده سهوا “ديموقراطيا”، وكم من ديكتاتور عربي سمى ضيعته “جمهورية”، وكم من رقعة جغرافية بلا ملامح ولا عنوان سُميت “وطنا”، واللائحة تطول. ألم يُرفَع عن هذه الأمة الخطأُ والنسيان وما استُكرهوا عليه؟

اقرأ أيضا: من مصر، محمد حميدة يكتب: حجاب حلا وعري المنطق العربي

أليس الذي يتبع المرأة في الفضاء العام مجرد ذكر وقعت عيناه على أنثى فانتصب مقسما إنه لغازيها؟

لا شك أن صاحب الهاشتاغ مرَّ من المدرسة، ولا شك أنه قيل له إن الرجولة عند أشرف الجاهليين أنفسهم، من أمثال عُروة بن الورد، كانت تعني الشهامة والصدق والكرم والدفاع عن المظلومين، ولكن طبعه الذكوري لا يسمح له بالتطبع بما تأتي به الكتب.

شاهدت أحد مروجي ذلك الهاشتاغ يتحدث بحمية جاهلية وأمية عالية عن الكرامة وعدم القبول بالذل ويُعلي همم إخوانه الذكور بكل ما أوتي من جهل عميق وعامية مترددة وصوت مضطرب: “واشْ نْتَ تبغي خْتك وَلاَّ مَّكْ ولاَّ مْراتك إِشُفوها الناس عريانة؟”.

وجدتُ الرَّجل صادقا في جهله مؤمنا بقضيته، فتأسفت لحال قاسم أمين وغيره من أنصار تحرير المرأة والمساواة التامة بين الجنسين، ولكل مناضلي الحداثة والحالمين بغد أفضل؛ إذ كيف لم تخطر على بالهم فكرة الشرف هاته؟

لعلهم ناقصو عقل ودين، أو لعل متربصا قد وضع لهم عقولا محل أعضائهم التناسلية فضاعت ذكورتهم، وأصبحوا مجرد رجال يفكرون جنبا إلى جنب مع النساء!

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *