عبد السلام عامر… كفيفا أطل ليستحم الخلود في لحنه ثم رحل! 2/1 - Marayana - مرايانا
×
×

عبد السلام عامر… كفيفا أطل ليستحم الخلود في لحنه ثم رحل! 2/1هذه حكاية الملحن الذي قام بتلاوة بيان انقلابيي الصخيرات بالإذاعة، فدفع التهميش ثمنا لذلك، بعدما كان يعد واحدا من أبرز الملحنين المغاربة...

بعد حرمان الطفولة، كان النجاح الموسيقي حليفه، وبعد النجاح صار التهميش منقلبه… وعلى خطوط لحظات حياته الفارقة، وفيما بينها، نقف لنتذكر في هذا البورتريه، حكاية عبد السلام عامر، أحد أهم ملحني الأغنية المغربية.

كان عبد السلام عامر يوجد بإذاعة الرباط يوم انقلاب الصخيرات عام 1971، لكنه ربما، لم يكن يعلم أن قراءته بيان الانقلابيين، ستقلب حياته رأسا على عقب، هو الذي عرفه المغاربة كواحد من أهم من يطوعون الصوت لحنا… ألحان من أبرزها أغنيتي “القمر الأحمر” و”راحلة”، التي أداها محمد الحياني.

بعد حرمان الطفولة، كان النجاح الموسيقي حليفه، وبعد النجاح صار التهميش منقلبه… وعلى خطوط لحظات حياته الفارقة، وفيما بينها، نقف لنتذكر في هذا البورتريه، حكاية واحد من بين أهم ملحني الأغنية المغربية.

عبد السلام عامر

رأى عبد السلام عامر النور بحومة لالة بنت أحمد بمدينة القصر الكبير في فاتح أبريل 1939، لأب كان يخدم في الجيش الإسباني، ثم ترك زوجته “خدوج” ووحيدها، وحيدين، يكافحان مطبات الحياة.

بعد عامين، ستحدث لحظة التحول الأولى في حياة عامر، إذ أصيب بمرض أدت محاولة علاجه بالطب الشعبي إلى فقدانه البصر. الحادث أثر جدا في أمه، فحاولت، وهو بعد صبي مسكون بالأسئلة، إنقاذه من الظلام، فأدخلته إلى كتّاب.

المغاربة من كياستهم، يسمون الكفيف بـ”البصير”، وعامر كان مثالا لهذا المعنى، فقد شوهد في أحد الأيام يقود دراجة هوائية كأي شخص…

في الكتاب سيحظى التلاميذ بزميل يبصر بقلبه معتمدا في ذلك على سمعه، ثم مع مضيّ الأيام، اكتشفوا ومعلمهم أن عامر يملك أكثر من مجرد ذاكرة؛ فكل ما يسمعه من القرآن والأناشيد يعلق بذهنه على نحو مدهش.

اقرأ أيضا: محمد الحياني: مرايانا تستحضر تفاصيل مسيرة أيقونة الأغنية المغربية 2/1

بالمناسبة، المغاربة من كياستهم، يسمون الكفيف بـ”البصير”، وعامر كان مثالا لهذا المعنى، فقد شوهد في أحد الأيام يقود دراجة هوائية كأي شخص… ليس في المسألة أي معجزة، كل ما في الأمر، أنهم استهزؤوا به قبل ذلك حين ركبها فوقع أرضا، فتوعدهم بإصرار أن ينجح في مرة مقبلة.

التحق عامر بعد مرحلة الكتاب بمدرسة ابتدائية ودرس فيها إلى السنة الخامسة، ثم لسبب ما، ترك الدراسة، حتى تقدم لاحقا لينال الشهادة الثانوية كمترشح حر، وكان وفق ما يروى، الناجح الوحيد من بين من تقدموا معه.

من رفض الإذاعة تسجيل ألحانه… إلى صاحب “القمر الأحمر”!

إن كان عامر قد فقد بصره، فقد عُوض بذكاء متفتق وبديهة حادة، وذاكرة ألقة… كان صديقا للمذياع، والمذياع صديقه يضيء عليه عتمة أيامه، فاشتهر بحفظه السريع والواسع للقصائد وشتى ضروب المقاطع الموسيقية.

أمكن حينذاك لعامر والشهادة الثانوية بجيبه أن يتقدم ليعمل مدرسا، بيد أن مسّا موسيقيا قد تملكه فصار لا يرجو لحياته مسارا سوى أن يمضي في الموسيقى…

اقرأ أيضا: العربي باطما… نغمة مهمومة مثل صيف…

ومع أن موهبته الموسيقية قد لاحت باكرا، إذ كان يلحن أشعارا يؤديها وزملاؤه في المدرسة كأناشيد، فإنه لم يكن يستطيع العزف على أي آلة موسيقية، فتجاوز بذلك القواعد المتعارف عليها إذ استخدم أسلوب “الدندنة” في التلحين.

في ريعان شبابه، سيصبح عبد السلام عامر أحد أشهر الملحنين المغاربة، لا سيما بعد أن تعرف على الشاعر عبد الرفيع الجواهري، بحيث سيسفر تعاونهما عن أغان فارقة في قائمة الموسيقى المغربية.

هكذا، في نهاية الخمسينيات، سجل أول ألحانه بصوته في إذاعة طنجة، أغنية “ما بان خيال حبيبي”، التي انتشرت حد أن اقتنع بموهبته في التلحين، فحمل بعض ألحانه وقصد إذاعة الرباط.

في الرباط، سيصطدم عامر بالمسؤول عن جوق الإذاعة آنذاك، الملحن أحمد البيضاوي، الذي رفض نهج عامر في التلحين، ذلك أنه لا يمت للقواعد بصلة… سيحمل عامر خيبته الكبيرة وسيمضي أدراجه إلى فاس، حيث تعرف على الفنان عبد الوهاب الدكالي، وهناك سمح له بتسجيل ألحانه.

قدم عامر للدكالي يومها أغنيتين هما “آخر آه” و”حبيبتي” لقيتا نجاحا باهرا، ما جعل البيضاوي يعيد حساباته، إذ بات مقتنعا بأن عامر موهبة فريدة.

اقرأ أيضا: عَزيزة جلال… أو أنْ تُغنّيّ قليلا ويَتصَادى صَوتُكَ إلى الأبد!

هكذا، سيعود إلى الرباط وباب الإذاعة قد صار مفتوحا في وجهه، وسيصبح وهو بعد في ريعان شبابه، أحد أشهر الملحنين المغاربة، سيما بعد أن تعرف على الشاعر عبد الرفيع الجواهري.

تعارف سيسفر عن أغان فارقة في قائمة الموسيقى المغربية، من بينها “راحلة” التي غناها محمد الحياني، و”القمر الأحمر” التي غناها عبد الهادي بلخياط… يروى، بالمناسبة، أن الأغنية الأخيرة استمع إليها الفنان المصري محمد عبد الوهاب، مرتين، ثم قرر إضافتها إلى خزينته الموسيقية.

نتابع البورتريه في الجزء الثاني، الذي سنتحدث فيه عن لحظة التحول الثانية في حياة عبد السلام عامر… انقلاب الصخيرات 1971.

لقراءة الجزء الثاني: عبد السلام عامر: بانقلاب الصخيرات… انقلبت حياته! 2/2

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *