أمير أندلسي ارتبط اسمه بحي في قرطبه ونعتته العامة بالمخمور.. ماذا تعرفون عن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل؟ - Marayana - مرايانا
×
×

أمير أندلسي ارتبط اسمه بحي في قرطبه ونعتته العامة بالمخمور.. ماذا تعرفون عن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل؟

أوصى هشام بن عبد الرحمن بتعيين ابنه الحكم خلفاً له، وبويع في نيسان\إبريل 769 ميلادي، وهو بعد في السادسة والعشرين من عمره، وكان مولده في قرطبة عام 771 ميلادي، ووالدته …

أوصى هشام بن عبد الرحمن بتعيين ابنه الحكم خلفاً له، وبويع في نيسان\إبريل 769 ميلادي، وهو بعد في السادسة والعشرين من عمره، وكان مولده في قرطبة عام 771 ميلادي، ووالدته اسمها زخرف.

يصفه المؤرخون بأنه كان طاغية وحازماً عنيفاً مع خصومه وأعدائه، لكنه يحب العدل والانصاف. في الوقت ذاته، كان محبا للهو والصيد كما كان يميل لمجالس الشعراء والشرب بدلاً من مجالس العلماء والفقهاء التي كان والده هشام ميالاً لها، وهو وما وضعه في صدام مع رجال الدين الذي أخذوا يلوحون بسبه والتعريض به من فوق المنابر.

كما أن مشاعر الكره نحوه حملها شعبه أيضاً، فكان العامة يجاهرن بذم الأمير والخوض في سيرته، ووصلت الجرأة بهم إلى أنهم كانوا يتعرضون له في الطريق وينعتونه علناً بالمخمور، بحسب ما ينقل الباحث محمد عبد الله عنان. شبهه البعض بأبي جعفر المنصور في قوة الملك وتوطيد الدولة وقمع الأعداء.

واغوثاه يا حكم!

من القصص المأثورة عن الحكم بحسب ما ينقل مؤلف البيان المغربي، ابن عذاري المراكشي، أنه في سنة 194، غزا أرض الشرك، والسبب أن عباس بن ناصح الشاعر كان بمدينة الفرج (وهي وادي الحجارة). وكان العدو، بسبب اشتغال الحكم بماردة وتوجيه الطوائف إليها مدة من سبعة أعوام، قد عظمت شوكته، وقوى أمره؛ شن الغارات في أطراف الثغور، يسبي ويقتل. سمع عباس بن ناصح امرأة في ناحية وادي الحجارة وهي تقول: (وأغوثاه يا حكم! قد ضيعتنا وأسلمتنا واشتغلت عنا، حتى استأسد العدو علينا!)

لما وفد عباس على الحكم، رفع إليه شعرا يستصرخه فيه، ويذكر قول المرأة واستصراخها به؛ وأنهى إليه عباس ما هو عليه الثغر من الوهن والتياث الحالك فرثى الحكم للمسلمين، وحمى لنصر الدين، وأمر بالاستعداد للجهاد، وخرج غازياً إلى “أرض الشرك”؛ فأوغل في بلادهم، وافتتح الحصون، وهدم المنازل، وقتل كثيرا، وأسر كذلك، وقفل على الناحية التي كانت فيها المرأة، وأمر لأهل تلك الناحية بمال من الغنائم، يصلحون به أحوالهم ويفدون سباياهم؛ وخص المرأة وآثرها، وأعطاهم عددا من الأسرى عونا، وأمر بضرب رقاب باقيهم، وقال لأهل تلك الناحية وللمرأة: (هل أغاثكم الحكم؟) قالوا: (شفا والله الصدور، ونكى في العدو، وما غفل عنا إذ بلغه أمرنا! فأغاثه الله وأعز نصره!).

طليطلة وواقعة الحفرة:

منذ بداية توليه السلطة، شكل المولدون أكبر خطر أمام الحكم؛ والمولودن هم الذين ولدوا من آباء إسبان اعتنقوا الإسلام.

بدأ المولودون يشعرون بالظلم، وتعاطف معهم وأيدهم المستعربون، وهم الاسبان الذين بقوا على دينتهم النصرانية وأقاموا تحت حكم المسلمين. بعد عام من تزعم الحكم، دعى عبيدة بن حميد، وهو أحد المولودين، أهالي طليطلة للثورة، وللقضاء على هذه الثورة قبل استفحالها، أوكل أمير قرطبة بهذه المهمة لمولود مشهور بولائه للبيت الأموي، وهو من أبناء الثغور اسمه عمروس بن يوسف، وهو من أهالي وشقة.

يقول ابن قوطية: “ولاه على طليطلة وكتب إلى أهلها كتابا يخدعهم عن عقولهم، ويقول إني اخترت لكم رجلاً من أهلكم وأعقابكم من موالينا ومن يتصرف في عمالتنا”. لكن تصرفه كان عبارة عن خدعة، إذ أطلق يد عمروس هذا للقضاء على الثائرين، وحينما أدرك أن الأمر لن يستوي بالعنف فقط، لجأ للحيلة، فاستمال بعض رجال عبيدة وطلب منهم قتله وبالفعل نجح في ذلك وتمكن من دخول المدينة سلماً.

بنى عمروس مقرا مرتفعا له عند مدخل المدينة، واستغل في أحد الأيام مرور عبد الرحمن بن الحكم على رأس جيش إلى الشمال الإسباني، فدعاه إلى وليمة لقصره ودعى إليها أبرز وجوه المدينة. كان الخدم يرافقون المدعوين إلى شفيرة حفرة وقف عندها سيافون يضربون عنق كل من دخل، ثم يرمونه بالحفرة. لم يدرك أهل طليطلة ما يجري إلا بعد وقت، بسبب ارتفاع صوت الاحتفالات والطبل التي حالت دون سماع استغاثات الضحايا.

تسمى هذه الواقعة التي حدثت عام 797 ميلادي 181 هجري، باسم واقعة الحفرة أو حفرة عمروس.

حكم الربض:

كان للحكم نظرته نحو رجال الدين، إذ اعتقد بضرورة تقليص نفوذهم وحصر مهماتهم على المساجد والمدارس، فنقم عليه رجال الدين.

في عام 189هـ، دبَّر بعض كبار فقهاء مؤامرة لخلع الحَكم، بالاشتراك مع بعض أمراء الأمويين، واختاروا من بينهم واحدًا هو محمد بن القاسم المرواني، لكي يضعوه أميرًا للأندلس مكان الحكم. لكن، في اللحظات الأخيرة، غدر هذا الأخير بالثائرين، وأفشى للحكم قصة المؤامرة، فتثبَّت منها الأخير، وقتل أكثر من 70 منهم وصلبهم.

لم تمر أشهر على الواقعة، حتى استغل بعض أهل قرطبة خروج الحكَم منها لقمع أحد المتمردين على حكمه في مدينة ماردة، وثاروا عليه عام 190هـ، بزعامة أحد سكان الربض. لكن، وصلت الأنباء سريعًا إلى الحكم، فارتد بجيشه إلى قرطبة، وقمع الثورة، وألحق قادة ثورة الربض تلك، بأصحاب المحاولة الانقلابية قبل أشهر؛ مما زاد النفوس احتقانًا ضده.

زادت النفوس اضطرامًا مع فرض الحكم ضرائب باهظة على بعض السلع الغذائية، فجاهر الناس بذم الحكم، وتعرَّض البعضُ لموكبه بهتافاتٍ مسيئة له، أثناء مروره في سوق الربض، فأمر جنده باعتقالهم وقتلهم وصلبهم.

الثورة الأعنف وقعت عندما حدث شجار عابر بين أحد جند الأمير، وحدَّاد بالربض، تصاعد إلى أن قتلَ الجنديُّ الحداد، فتداعى أهل الأرباض إلى الثورة، وكان ذلك في منتصف شهر رمضان عام 202هـ على أرجح أقوال المؤرخين. اندفع الثوار يقودهم الغضب فاحتلوا شوارع قرطبة، وحاصروا قصر الحكم، فبعث الأمير فرقة من الفرسان إلى الربض لإشعال النار في مساكن الثائرين.

لما شاهد الثوار ما حدث لبيوتهم، رجعوا لإنقاذ أولادهم ونسائهم، لكن السيوف أخذتهم من أمامهم، وتلقاهم حرس القصر من خلفهم، وتتبعوا الفارين في الأزقة والطرق وتمكنوا من القبض على 300 منهم فصلبوا على نهر الوادي الكبير صفاً واحداً.

في اليوم التالي، أمر الحكم بهدم الربض القبلي، ولم يعمر طول مدة بني أمية. بعد ثلاثة أيام، أمر برفع القتل، على أن يخرج أهل الربض من قرطبة.

 

المراجع:

– دولة الإسلام في الأندلس-  محمد عبد الله عنان – مكتبة الخانجي- 1997

– تاريخ الدولة الأموية في الأندلس- الدكتور عبد المجيد نعنعي- دار النهضة العربية

– البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب – ابن عذاري

– تاريخ افتتاح الأندلس – ابن قوطية

 

مقالات قد تهمك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *